تنتشر بين الحين والآخر أنظمة غذائية غريبة تَعِد بفقدان وزن سريع، لكن بعضها يضع الجسم في مواجهة خطر حقيقي، من بين هذه الحميات ما يُعرف بـ"دايت البسكويت والماء"، وهى طريقة تقوم على الاكتفاء بتناول البسكويت وشرب الماء طوال اليوم، مع سماحٍ محدود أحيانًا بإضافة حساء خفيف أو مرقٍ بسيط.
ووفقًا لتقرير نشره موقع (Everyday Health) فإن هذا النظام يُصنَّف ضمن الحميات الرائجة التى تقوم على تقييد صارم للسعرات الحرارية، وغالبًا ما يؤدى إلى خسارة وزن سريعة وغير مستدامة، ورغم بساطته الظاهرة، فإن تقليص السعرات إلى هذا الحد يُفقد الجسم عناصر غذائية أساسية ويُعرّضه لمضاعفات خطيرة إذا لم يكن تحت إشراف طبي دقيق.
كيف يُحدث هذا النظام أثره؟
الفكرة الجوهرية في حمية البسكويت والماء هي خفض مدخول الطاقة إلى الحد الأدنى، يعتمد الشخص على أنواع بسيطة من البسكويت، كالمملح أو بسكويت الأرز، بحيث تُشكّل هذه القطع الصغيرة مصدره الغذائي الوحيد، ست قطع من البسكويت المملح تحتوي تقريبًا على 118 سعرا حراريا فقط، وهي كمية لا تفي حتى باحتياجات الراحة اليومية، وبذلك يدخل الجسم في حالة عجز حاد في السعرات، فيفقد الوزن بسرعة، لكن الجزء الأكبر من هذا الفقد يكون ماءً وكتلة عضلية لا دهونًا كما يتخيل البعض.
القيود والتأثيرات الغذائية
يُعدّ هذا النظام مثالًا لما يُعرف بالحمية الأحادية، أي الاعتماد على نوع طعام واحد فقط، وهذا النمط يُخلّ بالتوازن الغذائي الطبيعي ويؤدي إلى نقص شديد في البروتينات والدهون الصحية والفيتامينات والمعادن. النتيجة المتوقعة هي شعور بالإرهاق والدوخة، وربما انخفاض في ضغط الدم ونقص في كتلة العضلات على المدى القصير.
أما على المدى البعيد، فقد أشارت مراجعات علمية إلى أن الحميات منخفضة السعرات جدًا — التي تقل عن 800 سعرة حرارية في اليوم — قد تُبطئ عملية الأيض وتجعل إنقاص الوزن لاحقًا أكثر صعوبة. ومن جانب آخر، فإن الحرمان القاسي من الطعام قد يفتح الباب لاضطرابات الأكل أو الإفراط المفاجئ بعد انتهاء الحمية.
الجانب النفسي والاجتماعي
قد يبدو الأمر بسيطًا في البداية: بضع قطع بسكويت وزجاجة ماء. لكن بعد أيام قليلة يصبح هذا النمط مرهقًا نفسيًا، خاصة في التجمعات أو المناسبات الاجتماعية، حيث يصعب الالتزام به دون شعور بالعزلة. كما أن غياب التنوع الغذائي يُفقد الشخص المتعة في الأكل ويزيد من التوتر.
المخاطر الصحية التي حذّر منها الخبراء
يؤكد خبراء التغذية أن هذا النظام يفتقر لأي دليل علمي يثبت فعاليته أو أمانه. وقد رُصدت عدة آثار جانبية له، منها:
ضعف المناعة بسبب نقص المغذيات الدقيقة.
تباطؤ الأيض وانخفاض الطاقة العامة.
خطر تكون حصوات المرارة نتيجة التغيير المفاجئ في كمية الدهون المستهلكة.
مشكلات في امتصاص الأدوية لدى من يتناولون علاجًا دوريًا.
احتمال حدوث اضطراب في مستوى السكر أو الأملاح في الدم.
هل هناك أي فائدة محتملة؟
ربما تكون الميزة الوحيدة هي تشجيع الشخص على شرب كميات كافية من الماء، مما يدعم وظائف الكلى والهضم. غير أن هذا لا يجعل الحمية صحية، إذ يمكن الوصول للفوائد نفسها ضمن نظام متوازن غني بالخضروات والفواكه والبروتينات.
في النهاية، يتفق الأطباء على أن فقدان الوزن الآمن لا يتحقق عبر التقييد القاسي، بل من خلال نمط تغذية متنوع يُراعي احتياجات الجسم ويُقدّم الطاقة بشكل منتظم. أي نظام يُقصي معظم المجموعات الغذائية هو إنذار خطر وليس وسيلة عافية.