سحر الحكايات فى رمضان.. حكاية الملك يونان والحكيم رويان (3)

الخميس، 24 مايو 2018 06:00 م
سحر الحكايات فى رمضان.. حكاية الملك يونان والحكيم رويان (3) ألف ليلة وليلة
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نستكمل اليوم الجزء الثالث من حكاية الملك يونان والحكيم رويان، من حكايات ألف ليلة وليلة، التى تعد من أكثر الطقوس التى ارتبطت فى ذاكرتنا بشهر رمضان المبارك، ونقدمها فى سلسلة سحر الحكايات فى رمضان.

ألف ليلة وليلة.. حكاية الملك يونان والحكيم رويان (3)
 

ففى الليلة السادسة قالت: بلغنى أيها الملك السعيد أن الصياد لما قال للعفريت لو أبقيتنى كنت أبقيتك، لكن ما أردت إلا قتلى فأنا أقتلك محبوسًا فى هذا القمقم، وألقيك فى هذا البحر ثم صرخ المارد وقال بالله عليك أيها الصياد لا تفعل وأبقنى كرمًا ولا تؤاخذنى بعملي، فإذا كنت أنا مسيئًا كن أنت محسناً، وفى الأمثال السائرة يا محسنًا لمن أساء كفى المسيء فعله ولا تعمل عمل أمامة مع عاتكة.

 

قال الصياد وما شأنهما، فقال العفريت ما هذا وقت حديث وأنا فى السجن حتى تطلعنى منه وأنا أحدثك بشأنهما فقال الصياد لا بد من إلقائك فى البحر ولا سبيل إلى إخراجك منه فإنى كنت أستعطفك وأتضرع إليك وأنت لا تريد إلا قتلى من غير ذنب استوجبته منك، ولا فعلت معك سوءًا قط ولم أفعل معك إلا خيراً، لكونى أخرجتك من السجن، فلما فعلت معى ذلك، علمت أنك رديء الأصل، واعلم أننى ما رميتك فى هذا البحر، إلا لأجل أن كل من أطلعك أخبره بخبرك، وأحذره منك فيرميك فيه، ثانيًا فنقيم فى هذا البحر إلى آخر الزمان حتى ترى أنواع العذاب.

فقال العفريت: أطلقنى فهذا وقت المروءات وأنا أعاهدك أنى لم أسؤك أبدًا بل أنفعك بشيء يغنيك دائماً، فأخذ الصياد عليه العهد أنه إذا أطلقه لا يؤذيه أبدًا بل يعمل معه الجميل فلما استوثق منه بالإيمان والعهود وحلفه باسم الله الأعظم فتح له الصياد فتصاعد الدخان حتى خرج وتكامل فصار عفريتًا مشوه الخلقة ورفس القمقم فى البحر.

فلما رأى الصياد أنه رمى القمقم فى البحر أيقن بالهلاك وبال فى ثيابه، وقال هذه ليست علامة خير، ثم أنه قوى قلبه وقال: أيها العفريت قال الله تعالى: وأوفوا العهد، إن العهد كان مسؤولًا وأنت قد عاهدتنى وحلفت أنك لا تغدر بى فإن غدرت بى يجرك الله فإنه غيور يمهل ولا يهمل، وأنا قلت لك مثل ما قاله الحكيم رويان للملك يونان أبقنى يبقيك الله.

فضحك العفريت ومشى قدامه، وقال أيها الصياد اتبعنى فمشى الصياد وراءه وهو لم يصدق بالنجاة إلى أن خرجا من ظاهر المدينة وطلعا على جبل ونزلا إلى برية متسعة وإذا فى وسطها بركة ماء، فوقف العفريت عليها وأمر الصياد أن يطرح الشبكة ويصطاد، فنظر الصياد إلى البركة، وإذا بهذا السمك ألواناً، الأبيض والأحمر والأزرق والأصفر، فتعجب الصياد من ذلك ثم أنه طرح شبكته وجذبها فوجد فيها أربع سمكات، كل سمكة بلون، فلما رآها الصياد فرح.

 

فقال له العفريت ادخل بها إلى السلطان وقدمها إليه، فإنه يعطيك ما يغنيك وبالله أقبل عذرى فإننى فى هذا الوقت لم أعرف طريقًا وأنا فى هذا البحر مدة ألف وثمانمائة عام، ما رأيت ظاهر الدنيا إلا فى هذه الساعة ولا تصطد منها كل يوم إلا مرة واحدة واستودعتك الله، ثم دق الأرض بقدميه فانشقت وابتلعته ومضى الصياد إلى المدينة متعجب مما جرى له مع هذا العفريت ثم أخذ السمك ودخل به منزله وأتى بمأجور ثم ملأه ماء وحط فيه السمك فاختبط السمك من داخل المأجور فى الماء ثم حمل المأجور فوق رأسه وقصد به قصر الملك كما أمره العفريت.

فلما طلع الصياد إلى الملك وقدم له السمك تعجب الملك غاية العجب من ذلك السمك الذى قدمه إليه الصياد لأنه لم ير فى عمره مثله صفة ولا شكلاً، فقال: ألقوا هذا السمك للجارية الطباخة، وكانت هذه الجارية قد أهداها له ملك الروم منذ ثلاثة أيام وهو لم يجربها فى طبيخ فأمرها الوزير أن تقليه، وقال لها يا جارية إن الملك يقول لك ما ادخرت دمعتى إلا لشدتى ففرجينا اليوم على طهيك وحسن طبيخك فإن السلطان جاء إليه واحد بهدية ثم رجع الوزير بعدما أوصاها فأمره الملك أن يعطى الصياد أربعمائة دينار فأعطاه الوزير إياها فأعطاها فأخذها الوزير فى حجره وتوجه إلى منزله لزوجته، وهو فرحان مسرور ثم اشترى لعياله ما يحتاجون إليه هذا ما كان من أمر الصياد.

 

وأما ما كان من أمر الجارية فإنها أخذت السمك ونظفته ورصته، فى الطاجن ثم إنها تركت السمك حتى استوى وجهه وقلبته على الوجه الثاني، وإذا بحائط المطبخ قد انشقت وخرجت منها صبية رشيقة القد أسيلة الخد كاملة الوصف كحيلة الطرف بوجه مليح وقد رجيح لابسة كوفية من خز أزرق وفى أذنيها حلق وفى معاصمها أساور وفى أصابعها خواتيم بالفصوص المثمنة وفى يدها قضيب من الخيزران فغرزت القضيب فى الطاجن وقالت: يا سمك يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم، فلما رأت الجارية هذا غشى عليها وقد أعادت الصبية القول ثانيًا وثالثًا فرفع السمك رأسه فى الطاجن وقال: نعم، نعم ثم قال جميعه هذا البيت:

 

إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا     وإن هجرت فإنا قد تكافينا

فعند ذلك قلبت الصبية الطاجن وخرجت من الموضع الذى دخلت منه والتحمت حائط المطبخ ثم أقامت الجارية فرأت الأربع سمكات محروقة مثل الفحم الأسود، فقالت تلك الجارية من أول غزوته حصل كسر عصبته فبينما هى تعاتب نفسها، وإذا بالوزير واقف على رأسها، وقال لها هاتى السمك للسلطان فبكت الجارية وأعلمت الوزير بالحال أنه أرسل إلى الصياد فأتوا به إليه، فقال له أيها الصياد لا بد أن تجيب لنا بأربع سمكات مثل التى جئت بها أولاً.

 

فخرج الصياد إلى البركة وطرح شبكته ثم جذبها وإذا بأربع سمكات، فأخذها وجاء بها إلى الوزير، فدخل بها الوزير إلى الجارية وقال لها قومى اقليها قدامي، حتى أرى هذه القضية فقامت الجارية أصلحت السمك، ووضعته فى الطاجن على النار فما استقر إلا قليلًا وإذا بالحائط قد انشقت، والصبية قد ظهرت وهى لابسة ملبسها وفى يدها القضيب فغرزته فى الطاجن وقالت: يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم، فرفعت السمكات رؤوسها وأنشدت هذا البيت:

إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا     وإن هجرت فإنا قد تكافين

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة