سحر الحكايات فى رمضان.. حكاية الصياد مع العفريت (1)

السبت، 19 مايو 2018 06:00 م
سحر الحكايات فى رمضان.. حكاية الصياد مع العفريت (1) ألف ليلة وليلة
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قدمنا فى الأمس، الجزء الثانى، من حكاية التاجر مع العفريت، ضمن حكايات ألف ليلة وليلة، والتى ننشرها ضمن سلسلة سحر الحكايات فى رمضان، وننشر اليوم، الجزء الأول من حكاية الصياد مع العفريت

ألف ليلة وليلة.. حكاية الصياد مع العفريت:

قالت: بلغنى أيها الملك السعيد أنه كان رجل صياد وكان طاعنًا فى السن وله زوجة وثلاثة أولاد وهو فقير الحال وكان من عادته أنه يرمى شبكته كل يوم أربع مرات لا غير ثم أنه خرج يومًا من الأيام فى وقت الظهر إلى شاطئ البحر وحط معطفه وطرح شبكته وصبر إلى أن استقرت فى الماء ثم جمع خيطانها فوجدها ثقيلة فجذبها فلم يقدر على ذلك فذهب بالطرف إلى البر ودق وتدًا وربطها فيه ثم عرى وغطس فى الماء حول الشبكة وما زال يعالج حتى أطلعها ولبس ثيابه وأتى إلى الشبكة فوجد فيها حمارًا ميتًا فلما رأى ذلك حزن وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ثم قال أن هذا الرزق عجيب وأنشد يقول:

يا خائضًا فى ظلام الله والهلكة

أقصر عنك فليس الرزق بالحركة

ثم أن الصياد لما رأى الحمار ميت خلصه من الشبكة وعصرها، فلما فرغ من عصرها نشرها وبعد ذلك نزل البحر، وقال بسم الله وطرحها فيه وصبر عليها حتى استقرت ثم جذبها فثقلت ورسخت أكثر من الأول فظن أنه سمك فربط الشبكة وتعرى ونزل وغطس، ثم عالج إلى أن خلصها وأطلعها إلى البر فوجد فيها زيرًا كبيراً، وهو ملآن برمل وطين فلما رأى ذلك تأسف وأنشد قول الشاعر:

يا حرقة الدهر كفى

إن لم تكفى فعفى

فلا يحظى أعطي

ولا يصنعه كفى

خرجت أطلب رزقى

وجدت رزقى توفي

كم جاهل فى ظهور وعالم متخفي

ثم إنه رمى الزير وعصر شبكته ونظفها واستغفر الله وعاد إلى البحر ثالث مرة ورمى الشبكة وصبر عليها حتى أستقرت وجذبها فوجد فيها شفافة وقوارير فأنشد قول الشاعر: هو الرزق لا حل لديك ولا ربط ولا قلم يجدى عليك ولا خط.

ثم أنه رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم أنك تعلم أنى لم أرم شبكتى غير أربع مرات وقد رميت ثلاثا، ثم أنه سمى الله ورمى الشبكة فى البحر وصبر إلى أن أستقرت وجذبها فلم يطق جذبها وإذا بها أشتبكت فى الأرض فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله فتعرى وغطس عليها وصار يعالج فيها إلى أن طلعت على البحر وفتحها فوجد فيها قمقما من نحاس أصفر ملآن وفمه مختوم برصاص عليه طبع خاتم سيدنا سليمان.

فلما رآه الصياد فرح وقال هذا أبيعه فى سوق النحاس فإنه يساوى عشرة دنانير ذهبا ثم أنه حركه فوجده ثقيلًا فقال: لا بد أنى أفتحه وأنظر ما فيه وأدخره فى الخرج ثم أبيعه فى سوق النخاس ثم أنه أخرج سكينا، وعالج فى الرصاص إلى أن فكه من القمقم وحطه على الارض وهزه لينكت ما فيه فلم ينزل منه شيء ولكن خرج من ذلك القمقم دخان صعد إلى السماء ومشى على وجه الأرض فتعجب غاية العجب وبعد ذلك تكامل الدخان، واجتمع ثم انتفض فصار عفريتًا رأسه فى السحاب ورجلاه فى التراب برأس كالقبة وأيدى كالمدارى ورجلين كالصواري، وفم كالمغارة، وأسنان كالحجارة، ومناخير كالإبريق، وعينين كالسراجين، أشعث أغبر.

فلما رأى الصياد ذلك العفريت ارتعدت فرائصه وتشبكت أسنانه، ونشف ريقه وعمى عن طريقه فلما رآه العفريت قال لا إله إلا الله سليمان نبى الله، ثم قال العفريت: يا نبى الله لا تقتلنى فإنى لا عدت أخالف لك قولًا وأعصى لك أمرًا، فقال له الصياد: أيها المارد أتقول سليمان نبى الله، وسليمان مات من مدة ألف وثمانمائة سنة، ونحن فى آخر الزمان فما قصتك، وما حديثك وما سبب دخولك إلى هذا القمقم.

فلما سمع المارد كلام الصياد قال: لا إله إلا الله أبشر يا صياد، فقال الصياد: بماذا تبشرنى فقال بقتلك فى هذه الساعة أشر القتلات قال الصياد: تستحق على هذه البشارة يا قيم العفاريت زوال الستر عنك، يا بعيد لأى شيء تقتلنى وأى شيء يوجب قتلى وقد خلصتك من القمقم ونجيتك من قرار البحر، وأطلعتك إلى البر فقال العفريت: تمن على أى موتة تموتها، وأى قتلة تقتلها فقال الصياد ما ذنبى حتى يكون هذا جزائى منك.

فقال العفريت اسمع حكايتى يا صياد، قال الصياد: قل وأوجز فى الكلام فإن روحى وصلت إلى قدمي. قال اعلم أنى من الجن المارقين، وقد عصيت سليمان بن داود وأنا صخر الجنى فأرسل لى وزيره آصف ابن برخيا فأتى بى مكرهًا وقادنى إليه وأنا ذليل على رغم أنفى وأوقفنى بين يديه فلما رآنى سليمان استعاذ منى وعرض على الإيمان والدخول تحت طاعته فأبيت فطلب هذا القمقم وحبسنى فيه وختم على بالرصاص وطبعه بالاسم الأعظم، وأمر الجن فاحتملونى وألقونى فى وسط البحر فأقمت مائة عام وقلت فى قلبى كل من خلصنى أغنيته إلى الأبد فمرت المائة عام ولم يخلصنى أحد، ودخلت مائة أخرى فقلت كل من خلصنى فتحت له كنوز الأرض، فلم يخلصنى أحد فمرت على أربعمائة عام أخرى فقلت كل من خلصنى أقضى له ثلاث حاجات فلم يخلصنى أحد فغضبت غضبًا شديدًا وقلت فى نفسى كل من خلصنى فى هذه الساعة قتلته ومنيته كيف يموت وها أنك قد خلصتنى ومنيتك كيف تموت.

فلما سمع الصياد كلام العفريت قال: يا الله العجب أنا ما جئت أخلصك إلا فى هذه الأيام، ثم قال الصياد للعفريت، اعف عن قتلى يعف الله عنك، ولا تهلكني، يسلط الله عليك، من يهلكك. فقال لا بد من قتلك، فتمن على أى موتة تموتها فلما تحقق ذلك منه الصياد راجع العفريت وقال اعف عنى إكرامًا لما أعتقتك، فقال العفريت: وأنا ما أقتلك إلا لأجل ما خلصتني، فقال الصياد: يا شيخ العفاريت هل أصنع معك مليح، فتقابلنى بالقبيح ولكن لم يكذب المثل حيث قال: فعلنا جميلًا قابلونا بضده وهذا لعمرى من فعال الفواجر

ومن يفعل المعروف مع غير أهله يجازى كما جوزى مجير أم عامر

فلما سمع العفريت كلامه قال: لا تطمع فلا بد من موتك، فقال الصياد هذا جني، وأنا إنسى وقد أعطانى الله عقلًا كاملًا وها أنا أدبر أمرًا فى هلاكه، بحيلتى وعقلى وهو يدبر بمكره وخبثه، ثم قال للعفريت: هل صممت على قتلى قال نعم، فقال له بالاسم الأعظم المنقوش على خاتم سليمان أسألك عن شيء وتصدقنى فيه، قال نعم، ثم إن العفريت لما سمع ذكر الاسم الأعظم اضطرب واهتز وقال: اسأل وأوجز، فقال له: كيف كنت فى هذا القمقم، والقمقم لا يسع يدك ولا رجلك فكيف يسعك كلك، فقال له العفريت: وهل أنت لا تصدق أننى كنت فيه فقال الصياد لا أصدق أبدًا حتى أنظرك فيه بعيني، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة