سارة الطباخ

كيـــف تدمر أمـة؟ .." الجزء الأول"

الثلاثاء، 02 مايو 2017 10:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"أعلى درجات فنون الحرب لن تأتي بالقتال ولكنها تأتي بـالتخريب" ، وقفت كثيرا عند هذه العبارة خلال قرائتي لأحد الكتب الأجنبية والتي تتناول الخطوات التخريبية الأيديولوجية لأى دولة أو أمة، وما هى مراحل التخريب ومن أين تبدأ في تدمير الدولة .

"التخريب"  .. هو كلمة السر لإنهيار المجتمعات، تخريب أي شيء له قيمة لدي مجتمع دولة العدو مثل: تخريب العقل، إفساد الضمائر، إضاعة الوقت، إهدار معنى وقيمة الدين وأهمية التمسك به، زعزعة المباديء والأخلاقيات الموروثة.. كله هذا وغيره يجعل عدوك فى حالة عدم إتزان فكرى ونفسي بل يصل به الأمر إلى أنه لا يراك عدواً من الأساس ، بل يتشكك في قدرته على فهمك وتصبح أنت ونظام دولتك البديل له عن حضارته وعقائده ومبادئه ، وأن تصبح مرغوب فى نظر عدوك بل وهدف يصبو للوصول إليه.. وهنا يسهل عليك أسر أمه بأكملها وإسقاط عدوك دون إطلاق رصاصة واحدة.

إن القتال فى أرض المعركة يأتي بنتائج عكسية وهمجية وغير فعالة، تعلمون أن الحرب هى استمرار لسياسة دولة ما، فإذا كنت تريد النجاح فى تنفيذ سياسة الدولة الخاصة بك وبدأت القتال.. فهذا أسوأ طريقة لتحصل على النتائج المرجوة.

التخريب ببساطة يتكون من أربعة مراحل زمنية محكمة ، إذا بدأنا من أعلى وتدرجنا إلى أسفل وبشكل زمنى منتظم سنأتى بنتائج جيدة.. فأولي مراحل التخريب هى عملية  "تدمير الأخلاق ونزع الروح المعنوية" ومعناها واضح من نفسه، فهذه المرحلة تستغرق ما بين ١٥ إلى ٢٠ سنة لكى تدمر أخلاق مجتمع.. فلماذا إذاً ١٥ الى ٢٠ سنة؟؟ لأن هذه الفترة تكون كافية لتعليم جيل واحد من الطلاب أو الأطفال.. فهذه مرحلة حياة شخص، كائن إنسانى، تلك الفترة المخصصة للدراسة وتشكيل وتكوين الشخصية والمنظور، الأيديولوجية لا أقل ولا أكثر، وفى العادة تأخذ من ١٥ الى ٢٠ سنة.

فعلى ماذا تشمل هذه المرحلة.. تشمل على التأثير أو بمعني آخر التخلخل والزعزعة، على مستوى مختلف المجالات التى يتشكل أو يصاغ بها للرأى العام مثل الدين والنظام التعليمى والحياة الإجتماعية والإدارة ونظام تطبيق القانون ونقابات العمل وعلاقات أصحاب العمل والمنظور الإقتصادى.

أسلوب التخريب الذى أتحدث عنه يشبه فن الدفاع عن النفس اليابانى، فإذا كان أحد منكم على دراية بهذا الأسلوب ربما يتذكر أنه إذا كان العدو أكبر وأثقل منك سيكون من المؤلم جداً مقاومة ضربته بشكل مباشر، ومن غير المجدي إيقاف ضربته، لكن الطريقة المثلي للدفاع عن النفس وفقاً لقواعد الـ(سودو) اليابانى والصيني هو أولاً تجنب الضربة ثم إمساك قبضة العدو مع سحبه إلى إتجاه حركته حتى يصطدم بالجدار.

كيف!!

البلد المستهدف تدميره يفعل شى خاطى وحركات لا إرادية تأتى بنتائج عكسية فى مواجهة العدو، فمن الطبيعي أن يكون لأى بلد معارضيه بل وأعداء قد يكونوا مجرمين بسطاء أو من هم فى خلاف أيديولوجي مع سياسة الدولة، أو شخصيات مضطربة نفسياً تعادى كل شى في المطلق وهناك أيضاً مجموعات صغيرة من عملاء الدول الأجنبية يتم شراؤهم بإغراءات مادية ويتم تجنيدهم لحسابهم الخاص، وفى تلك اللحظة التى يتم فيها تحريك كل ما ذكر من هذه الأدوات بإتجاه واحد يأتي الوقت الذى تمسك بقبضة عدوك الذى تتمنى تدميره وتجعله يستمر حتى يرتطم بالجدار.

وهنا تجبر الحركة المجتمع بالكامل للإنهيار وتأخذه إلى أزمة حقيقية وهذا هو بالضبط اُسلوب فن القتال حيث لا يتوقف العدو بل تسمح له أن يذهب وتذهب أنت معه نحو الإتجاه الذى يريده هو، ففى مرحلة تدمير الأخلاق سيكون من الواضح وجود إتجاهات فى كل مجتمع وفى كل بلد التى ستذهب فى الإتجاه المعاكس للأخلاق الأساسية، والقيم والمبادئ لإستغلال هذه الحركات للإستفادة منها وهذا هو الغرض الأساسى للتخريب.

أي مجتمع لديه الدين والتعليم والحياة الإجتماعية وهيكل السلطة ونقابات العمل والقانون والنظام.. تلك هذه هى المجالات التى يطبق فيها التخريب.. فماذا يعنى هذا بالتحديد: فى حالة الدين.. قم بتدميره، أسخر منه، إستبدله بمختلف الطوائف والعبادات والمعتقدات التى تجعل الناس ترى ان هذا الدين ساذج، بدائي، وغير مهم.. طالما أنهم فى الأساس قبلوا بتآكل العقيدة الدينية لديهم ببطئ لتأخذهم بعيداً عن الهدف الأساسى للدين وهو أن يبقى الناس على إتصال بخالق أعلى وهذا يخدم الغرض، وبعدها يتم إستبدال المنظمات الدينية المقبولة والمحترمة بمنظمات وهمية لا تمت للدين بصلة وتصرف إنتباه الشعب من الإيمان الحقيقي وتطرفهم إلى أنواع الديانات المختلفة المتطرفة.

أما في التعليم: فقم بإبعاد الناس عن تعلم الأشياء الهادفة ذات القيمة البناءة، لتكون بديلة عن الرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية والكيمياء، وأبدأ في تعليمهم تاريخ حرب المدن والإقتصاد المنزلى أو أى شى تافة لطالما أنه يأخذهم بعيداً.

وكذلك فى الحياة الإجتماعية: إستبدل المنشآت والمنظمات التى أوجدتها  التقاليد بمنظمات وهمية، إنتزع المبادرة من الشعب، إنزع منهم القدرة على تحمل المسئولية من الروابط التى أُسست على الوطنية بين الأفراد ومجموعة من الأفراد وفى المجتمع عامة وإستبدله ببيبروقراطية مصطنعة تتحكم حتى فى أجسادهم.أربعة مراحل تخريب  يجب أن

نمر عليها حتى تأتى بالنتائج المرجوة وهى:

- مرحلة تدمير الأخلاق ونزع الروح المعنوية Demoralization

- مرحلة زعزعة الإستقرار Destabilization،

- مرحلة الأزمة Crisis.

- مرحلة التطبيع Normalization هذا استعراض لبعض المعلومات اما عن كيفية تنفيذ حدوث هذا و رؤيتى لما تم حدوثة فى الخمس سنوات الماضية فى مصر و الشرق الأوسط هذا ما سوف أقوم باستعراضه فى سلسلة المقالات القادمة.


 

تابعونا مع الجزء الثانى الخميس المقبل
 

 










مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مقال رائع

أحييك علي هذا المقال وهذه الدراسه السيكولوجية العميقه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود المصري

مقال رائع

مقال قمة في الروعة و تحليل غاية في الدقة ينطبق تماما على الحالة المصرية بشكل خاص و العربية عامة تحياتي و اعجابي الشديد استاذة سارة على هذا المقال

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة