يُعتبَر نبيل فاروق من أوائل مَن كتبوا الروايات البوليسية والخيال العلمي بشكل مباشر، بل إنه أيضًا من أوائل مَن كتب للشباب والناشئين، والعجيب أنك حين تقرأ لبعض الكُتاب، تجدهم متأثرين بكتاباته، بل إن بعضهم اشترك معه في أحد أعماله، كالكاتبة إنجي علاء، التي كتبت أعدادًا إضافية لرجل المستحيل بعنوان: "ما بعد الوداع"، وحين تُشاهد بعض أفلام الحركة والإثارة، تجدها متأثرة بروايات نبيل فاروق.
ولا شك أن بعض الأجيال الجديدة من الشباب ما زالت تقرأ له، كما يقرأون لغيره، لأنه كتب في كل المجالات، في أدب الجريمة، والخيال العلمي، وعالم المخابرات، وأدب الطفل، والأدب الاجتماعي، والرومنسي، والرعب... ولكن هل كتب نبيل فاروق مذكراته؟
من خلال متابعتك لقُراء نبيل فاروق، تجدهم مهتمين بسلسلتين من أشهر سلاسله، رجل المستحيل وملف المستقبل، لكن شخصية رجل المستحيل هي أكثر شخصيات نبيل فاروق غموضًا لدى القراء، فمن فرط انبهارهم به، راحوا يتساءلون هل هو حقيقة أم مجرد شخصية ابتكرها الكاتب، ولعل هذه الأسئلة، كانت سببًا ليكتب نبيل فاروق مذكراته، لكنه لم يكتفِ بكتاب واحد لمذكراته، بل نشر كتابين يحكي فيهما عن حياته، وعلاقته برجل المستحيل.
رجل المستحيل وأنا
في هذا الكتاب يحكي الدكتور نبيل فاروق، علاقته برجل المستحيل، أو "أ ص"، كما أطلق عليه، وكما نُعيَ يوم وفاته، يحكي نبيل فاروق عن فكرة كتابة سلسلة عن رجل المستحيل، ومعارض صديقه "أ ص" لهذه الفكرة، لكنه لم يرفضها، والملاحظات التي أعطاها له على الأعداد الأولى التي كتبها لسلسلة، كما يحكي أنه كان يزوره ويستشيره في كل مشكلة يواجهها، فحين لم تجد السلسلة نجاحًا في بدايتها، ذهب إليه وشكى له، فراح ينصحه ويشرح له أن هذا أمر طبيعي، فهو ما زال في بداية الطريق، وحين نجحت السلسلة واشتُهِرت، ذهب إليه مجددًا وحكى له أنه حصل على مبلغ كبير، وكاد يفقده بسبب تركه لمظروف المال فوق السيارة، فتلقاه الرجل باسمًا فرِحًا، يحكي أيضًا أن "أ ص" كان هادئًا، حكيمًا، لبِقًا، مُنصِتًا، ولعل بعض هذه الصفات اكتسبها من عمله في جهاز المخابرات، وحكى نبيل فاروق أيضًا عن بعض مراحل حياته، كإسقالته من وزارة الصحة، ثم انتقاله إلى القاهرة، وزواجه بالدكتورة ميرفت التي كانت زميلته في الجامعة، وحكى عن وفاة ابنته الأولى، وعن كتابته لبعض السلاسل، كزهور وملف المستقبل، وحكى عن مكتبته المتنوعة أيضًا، وكيف غلب عليها الروايات البوليسية وكتب عن عالم المخابرات.
رجل المستحيل.. أوراق لم تُنشَر
قد يتشابه هذا الكتاب مع كتاب رجل المستحيل وأنا، لكنه مليء بتفاصيل أكثر، فقد حكى نبيل فاروق في هذا الكتاب عن حياته منذ كان طالبًا في المرحلة الإعدادية، وقال إنه كان منطويًا خجولاً، لكن في الحقيقة، حين تراه في بعض لقاءاته، تجده ما زال هادئًا خجولاً، رغم نشاطه وحيوية كتاباته.
ومن خلال قراءتك لهذا الكتاب، تجده منذ صغره يسير عكس التيار، ففي امتحان الشهادة الإعدادية، كتب موضوع تعبير عن النبي "صلى الله عليه وسلم"، في حين كتب زملاؤه موضوعًا عن جمال عبد الناصر، يحكي نبيل فاروق بشكل مُفَصَّل، عن بداية علاقته بعالم المخابرات، والمهمة التي كانت سبب تعرفه على "أ ص"، وحكى أيضًا عن الفترة التي مارس فيها الطب، في طنطا والصعيد.