قد يثير ملاحظة الدم في البلغم قلقًا شديدًا لدى كثيرين، خاصة عندما يتكرر الأمر أو يصاحبه ضيق في التنفس أو ألم في الصدر. وعلى الرغم من أن هذه الحالة قد تكون في أحيان كثيرة بسيطة ومؤقتة، فإنها أحيانًا تُعد مؤشرًا على مشكلة صحية تستوجب فحصًا طبيًا عاجلًا.
وفقًا لتقرير نشره موقع Tua Saúde، فإن رؤية دم مختلط بالبلغم لا تعني بالضرورة وجود مرض خطير، إذ يمكن أن تنتج عن سعال متكرر أو جفاف في مجرى التنفس، لكنها قد تشير أيضًا إلى أمراض رئوية أو قلبية تحتاج إلى متابعة دقيقة من الطبيب المختص.
جفاف الممرات الهوائية والإرهاق التنفسي
يُعد الجفاف من أكثر الأسباب شيوعًا لظهور خيوط دموية في البلغم. فعندما تقل نسبة الرطوبة في الجو أو يُصاب الشخص بالتهاب بسيط في الحلق، يصبح الغشاء المخاطي أكثر هشاشة، مما يؤدي إلى تشقق الأوعية الدموية الدقيقة عند السعال. ولتفادي ذلك، يُنصح بزيادة تناول الماء واستخدام بخاخات ملحية لترطيب الأنف، خاصة في فصل الشتاء أو أثناء وجود المكيفات الهوائية لفترات طويلة.
السعال المستمر أو العدوى البسيطة
قد يؤدي السعال القوي الناتج عن البرد أو الحساسية إلى تمزق شعيرات دموية صغيرة داخل الحلق، فتظهر كمية ضئيلة من الدم في البلغم. في هذه الحالات، يختفي العرض مع تحسن السعال خلال أيام قليلة. يساعد ترطيب الحلق وتناول مشروبات دافئة كالعسل والليمون أو مغلي الزنجبيل على تهدئة الأنسجة وتقليل التهيج. أما إذا استمر السعال أكثر من أسبوعين أو صاحبه ألم بالصدر، فيجب مراجعة الطبيب لاستبعاد الالتهابات الرئوية.
تأثير الأدوية المميعة للدم
الأشخاص الذين يتناولون أدوية مثل الوارفارين أو الهيبارين قد يلاحظون ظهور بقع دم في البلغم دون وجود مرض تنفسي واضح. ذلك لأن هذه العقاقير تُضعف قدرة الدم على التخثر، مما يجعل الأغشية المخاطية أكثر عرضة للنزيف حتى مع أقل تهيج. لذا ينبغي إبلاغ الطبيب فورًا عند تكرار الحالة لتعديل الجرعة أو تقييم البدائل العلاجية الآمنة.
الالتهاب الرئوي ومضاعفاته
في بعض الأحيان، يكون البلغم الممزوج بالدم علامة على التهاب رئوي نشط، سواء كان بكتيريًا أو فيروسيًا. يترافق هذا النوع من العدوى عادة مع الحمى وضيق التنفس وألم في الصدر وإفراز بلغم لزج ذا لون أصفر أو أخضر. يعتمد العلاج على المضاد الحيوي المناسب أو العلاج الداعم بالأكسجين في الحالات المتقدمة، ويُفضَّل ألا يُؤخَّر الفحص الطبي لأن المضاعفات قد تتطور سريعًا.
السل الرئوي
يُعد السعال المصحوب بدم من أبرز علامات الدرن (السل)، وهو مرض معدٍ تسببه بكتيريا المتفطرة السلية. وغالبًا ما يعاني المريض من سعال مزمن، وفقدان وزن، وتعرق ليلي، وحرارة منخفضة تستمر طويلًا. علاج هذا المرض يستلزم متابعة دقيقة واستخدام مجموعة من المضادات الحيوية القوية على مدى أشهر، تحت إشراف متخصص في أمراض الصدر أو العدوى.
مشكلات القلب والرئتين
في بعض الحالات، لا يكون السبب تنفسيًا بل قلبيًا، مثل القصور القلبي الاحتقاني الذي يؤدي إلى تراكم السوائل داخل الرئتين. في هذه الحالة، يظهر البلغم بلون وردي أو رغوي نتيجة امتزاجه بالسوائل الرئوية. تتطلب هذه الحالة تدخلاً طبيًا فوريًا، لأنها قد تهدد الحياة إذا لم يُعالج السبب القلبي الأساسي.
كذلك يمكن أن تسبب الجلطة الرئوية نزيفًا داخليًا طفيفًا يظهر في البلغم، وغالبًا ما يصاحبه ألم حاد في الصدر وصعوبة في التنفس. في هذه الحالات، يُعد التوجه إلى الطوارئ أمرًا لا يحتمل التأجيل.
عوامل بيئية ونمط الحياة
يُلاحظ أن استنشاق الملوثات أو المواد الكيميائية في أماكن العمل المغلقة، أو تعاطي المخدرات المستنشقة مثل الكوكايين، يمكن أن يؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية وانفجار الأوعية الدموية الدقيقة. كما أن التغيّر المفاجئ في الضغط الجوي، كما يحدث أثناء السفر الجوي أو الغوص، قد يسبب ظهور الدم في البلغم بسبب تمدد الأوعية داخل الجيوب الأنفية.
متى يصبح الوضع خطيرًا؟
يجب استشارة الطبيب فورًا إذا تكررت الحالة أكثر من ثلاثة أيام، أو إذا كان الدم غزيرًا أو داكن اللون، أو إذا صاحبه ارتفاع في الحرارة، خفقان، أو زرقة في الشفاه. الطبيب عادةً يطلب أشعة للصدر وتحاليل للبلغم لتحديد مصدر النزيف، وقد يلجأ إلى منظار الشعب الهوائية في الحالات غير الواضحة.
العناية الذاتية ودعم الشفاء
حتى في الحالات البسيطة، من المهم دعم الجهاز التنفسي بالعادات الصحية، مثل التوقف عن التدخين، تجنّب المهيجات، الحفاظ على الترطيب المستمر، ومراقبة أي تغير في لون البلغم أو كميته. كما يوصى بالنوم الكافي وتناول أطعمة غنية بفيتامين «ج» الذي يدعم التئام الأنسجة ويقوّي الشعيرات الدموية.