طور باحثون بجامعة نورث كارولينا الأمريكية، نموذجاً لتطور الدماغ ، بما يشبه الأدمغة المصغرة، لتحديد الخلايا والجينات التي تؤثر على نمو دماغ الرضع، وهي سمة مرتبطة بالتوحد.
ووفقا لموقع "Medical xpress"، حقق الباحثون تقدماً كبيراً في فهم العلامات المبكرة للتوحد، وقد وجدت الدراسات السابقة أن بعض العوامل مثل الوراثة، والحرمان من النوم، وزيادة السوائل في الدماغ، وحجم الدماغ، يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بحالات النمو العصبي، مثل التوحد.
حجم الدماغ وعوامل خطر الإصابة بالتوحد
برز فرط نمو الدماغ كعلامة حيوية مبكرة محتملة للتوحد في السنوات الأخيرة، ويسعى الباحثون الآن إلى فهم أسباب ذلك وكيفية حدوثه، وقد حدد بحث جديد في مختبر الدكتور جيسون شتاين، خبير علم الوراثة في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا، نوعين محددين من خلايا الدماغ مرتبطين بزيادة نمو الدماغ.
أُجريت الدراسة، باستخدام خلايا جذعية مُنمّاة بدقة تحاكي المراحل المبكرة من نمو الدماغ البشري في المختبر، وتُظهر النتائج، التي نُشرت في مجلة "سيل ستيم سيل" ، أن هذه الطريقة يُمكن أن تُشكّل نظامًا موثوقًا ودقيقًا لنمذجة نمو الدماغ، يُمكن للعلماء الآخرين استخدامه لدراسة العلامات المبكرة وأسباب التوحد.
ووفقا للباحثين، تشير الدراسة إلى أن نماذج خلايا الدماغ المستمدة من المشاركين ، أو ما يُعرف بالأعضاء الدماغية المصغرة، تُعد نظامًا نموذجيًا جيدًا لدراسة التطور المبكر للدماغ، ويمكن استخدام هذه المعلومات لدراسة التغيرات الخلوية، مثل تلك التي يُسببها التعرض للسموم البيئية، وكيف تُساهم في الإصابة بالتوحد.
تفاصيل الدراسة
تم التوصل إلى نتائج سابقة حول حجم الدماغ والتوحد من خلال دراسة تصوير دماغ الرضع (IBIS)، وهي شبكة وطنية من الباحثين الذين يدرسون التوحد من خلال عمليات مسح تصوير الدماغ للرضع.
على مدى السنوات العشرين الماضية، قامت خمس جامعات، بقيادة جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، بدراسة أدمغة الرضع المعرضين لخطر عائلي كبير للإصابة بالتوحد.
وبالدراسة الأخيرة، قام الباحثون أولاً بجمع عينات دم كاملة من ثمانية عشر فرداً في دراسة IBIS ، ثم قاموا باستخراج خلايا الدم البيضاء، والمعروفة باسم خلايا الدم أحادية النواة الطرفية ، و"أعادوا برمجتها" إلى خلايا متعددة القدرات.
يمكن لهذه الخلايا الفريدة أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا، لذلك حثها الباحثون على أن تصبح قطعة من الأنسجة تحاكي بعض بنية ووظيفة الدماغ البشري، والمعروفة باسم العضية الدماغية.
النتائج الرئيسية والتوجهات المستقبلية
وقد كشفت نظرة فاحصة أن التغيرات في نوعين من خلايا الدماغ، الخلايا السلفية العصبية وخلايا الظهارة الضفيرة المشيمية، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحجم دماغ المشارك الذي تم اشتقاقها منه.
الخلايا السلفية العصبية هي خلايا تُنتج خلايا دماغية أخرى، بما في ذلك الخلايا العصبية، بينما تُشكل الخلايا الظهارية للضفيرة المشيمية طبقة متخصصة من الخلايا في الدماغ تُساعد على دعم نمو وإصلاح الخلايا السلفية العصبية.
وجد الباحثون علاقة واضحة بين مستويات التعبير الجيني في الخلايا السلفية العصبية وكبر حجم الدماغ، وتؤكد هذه النتيجة وحدها أن النموذج الذي ابتكروه يحاكي بدقة الدماغ البشري ونموه، وبعد التأكد من دقة نموذج الدماغ العضوي، بدأ مختبر شتاين بالتخطيط لمزيد من الدراسات حول نمو الدماغ.
على سبيل المثال، يُجري المختبر حاليًا دراسةً حول الآثار المحتملة للتعرض قصير المدى وطويل المدى للمواد السامة البيئية ، مثل حمض الفالبرويك، أثناء الحمل، ويتضمن مشروع البحث مقارنة نماذج دماغية مُصغّرة مُستمدة من أفراد مصابين بالتوحد وآخرين غير مصابين به، لفهم كيف يُمكن أن يؤدي التعرض لهذه المواد الكيميائية إلى تغييرات دماغية تُفضي إلى التوحد.