حين نُسأل على الصحة لا نملك إلا أن نحمد الله، ثم نسمع عن المواطنة ولا يصلنا من الصحة والحق فى العلاج (الذى هو ألف باء مواطنة) يصبح حينها كلاما من قبيل الهزل من المضحكات المبكيات فى سيناء.
فحين يصل إلى مسامع العامة كلمات عن التنمية، وخاصة مع اقتراب الاحتفاء السنوى بسيناء عبر عيد تحريرها، تجد الملايين تتقاذف إلى مسامعك وتتلقفها الميديا وكأنها مشروعات بحق.. وأعتقد جزماً أن الأجدى بنا أن نهتم بملف الصحة، الذى يتراجع وكأنه عقاب لأهل سيناء بالسكوت المذل عبر عقود سابقة.
قد أستطيع المرور سريعاً على مشاكل الصحة العامة للمواطن السيناوى من حضرها إلى باديتها التى يزيد فيها الإهمال إلى حد "البذائة"، ربما لا يستطع مثلى اختيار عبارات أقل حدة من ذلك.. فقد هالنى وأنا أحد أبناء المحافظة مشاكل المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية، التى قد شخصها وجمعها الكثيرون قبلى وليست باكتشاف أصيل منى كما هى على النحو التالى:
تفتقد المحافظة وجود خدمات لتخصصات طبية هامة وخطيرة على حياة المريض كالتخدير والطوارئ وأخصائيى الجراحة العامة وأمراض العيون والصدر.
قلة عدد الأطباء فى الأساس وعدم كفايتهم للمرضى، حيث إن المستشفى العام الذى هو المستشفى الأكبر بالعاصمة العريش، الذى يُخدم على جميع المحافظة، وقد يُخدم على القادمين من القطاع ويزدحم كثيراً وبطريقة متكررة، نظراً لقلة عدد السرائر والغرف.
نقص الأجهزة الطبية والأدوية والتحاليل وعدم حرفية الشركة التى تقوم بصيانة الأجهزة، والتى تعطب كثيراً ولمدد طويلة.
انتشار القمامة والمخالفات الطبية فى جميع أنحاء المستشفى وعدم التخلص منها وحرقها فى أماكن بعيدة عن المرضى، وهذا ما تم الشكوى منه أكثر من مرة وببلاغات فى قسم المستشفى وفى أقسام الشرطة.
أصبحت أجزاء كبيرة من المستشفى مأوى للحشرات والقطط والفئران، وضاعت الملايين، التى أنفقت عليها خاصة بعد (السيل)، الذى ضرب المستشفى وأضره ضررا مباشراً.
عدم التشخيص الصحيح للمرضى، مما أدى إلى تحويل حالات كثيرة إلى مستشفى الإسماعيلية، التى تبعد عن العريش أكثر من 200 كيلو متر تقريباً وعن المدن الأخرى بأكثر من ذلك.
لسان حال القارئ..
وماذا فى ذلك؟! شأنكم شأن باقى مستشفيات المحروسة!!
أضف إلى معلوماتك أن مشاكل عدم توافر المياه العذبة والمشاكل المترتبة على المياه والصرف الصحى، الذى وعد السيد الرئيس فى مقابلة لا تسمن ولا تغنى من جوع مع محافظ الإقليم أن هذه المشكلة على وجه الخصوص سوف تحل فى غضون شهر، وهذا ما جعل شيوخ القبائل والعواقل، الذين حضروا ووعدوا أبناء وشباب العائلات بحل المشكلة فى وضع غاية فى الصعوبة من حيث مزايدة الجميع عليهم، وأنهم مازالوا امتدادا للمشايخ الحكوميين، الذين لا يفعلون شيئا غير تلقى الوعود وتلقينها لهم، وهذا ما قد يصعد المشكلة، وقد يحدث ما لا يحمد عقباه من الشباب الذى ضاقت به السبل وانقطعت من الوعود فى ملف العلاج والصحة خاصة.. أيضاً ملف الجراد، كان للدولة غياب ملحوظ يتمثل فى دور وزارتى الصحة والزراعة ودائماً ما يحدث تضارب بينهم ويضار فى هذا المواطن بالسلب.
لا يفوتنى أن أنقل جزءا من عادات وتقاليد البادية، التى تحبذ للمرأة العلاج عند الطبيبات الذين لا وجود لهم فى الوحدات الصحية، التى تبعد عن كل قرية مئات الكيلومترات.
أعزز كلامى بمثالين لمستشفيين بالمحافظة أأسف أن أطلق عليهم اسم (مشفى).
مستشفى بئر العبد وعمره 27 عاماً ومرافقها فى غاية السوء، وهو المستشفى الوحيد على الطريق الدولى العام بين القنطرة – العريش الخالى من أبسط الخدمات كالإنارة، والذى يتكرر عليه ربما يومياً حوادث طرق من أبشع ما نرى ونسمع. مبنى (الكُلّى) داخل المستشفى هو بالجهود الذاتية ويوجد به جهاز واحد لا يساهم فى رفع معاناة المرضى الذين يزيدون زيادة مضطردة ونسب ارتفاع المرض لسوء مياه الشرب السابقة الذكر ربما تزيد على باقى المحافظات، وقد تصل الحوادث سنوياً إلى 1500 حالة. وحدات الاستقبال لا يوجد بها طبيب دوام ولا وجود لمبنى للتأمين الصحى بالمدينة.
المستشفى الثانى هو مستشفى رفح الحكومى.. شأنها شأن سابقيها، فقط تزيد على أنها مغلقة فى فترات كثيرة ولا يوجد بها إدارة بالأساس، وهذا ما جعل الكثيرين يسقطونها من حساباتهم وينزلون للعاصمة، والذى هو أضعف الإيمان.
قد يصعق البعض حين يعلم أنه رغم نقاء الجو والطبيعة الجميلة الخالصة من التلوث فى مدن الشيخ ورفح، بالإضافة إلى مدينتى الحسنة ونخل، إلا أن سكان هذه المدن يعانون من أمراض الجهاز التنفسى والعيون والسكر والأنيميا وبخاصة وسط سيناء، ربما لوجود المنطقة الصناعية ومصانع الأسمنت، التى لا تعير أى اهتمام بالمواطن هناك ولا تأخذ بأى احتياطات ولا مقاييس سلامة وبيئة عالميين.
ما يحزننى أنه يُتاجر بالمواطن السيناوى عن طريق القوافل الطبية المسيسة وانتشار تجارة الطب البديل والأعشاب الطبية، التى قد تفيد فى بعض الحالات فقط.
أمّنى نفسى أن أُصبح يوماً على سيناء أفضل وعلاج متاح وصحة عامة فى تحسن ومستشفيات آدمية وأطباء متخصصين وأجهزة متوفرة.
هو الحلم ولا نملك إلا السعى والإصرار على الحقوق.. ربما بعد ذلك قد تجد الكلمات حول المواطنة آذانا تُسمع.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن زكريا
تميز متواصل