ألا يموت هذا النور، يتضائل حتى ينزوي، يخفت ويتلاشى، يدفن حي، يلفظ أنفاسه الأخيرة ثم يرحل في هدوء، ليته يموت في القلب، ينتهي منه، يقوم في صباح ما فيخلومن كل شيء، من الحب والكره.
أليس أشد من ذلك الجحيم، أن تعيش غريبا فوق أرضك، أن تُهجّر منها أن تطالك يد، تفرض عليك لون الحياة، التي تريدها، وهي حياة مشوبة بالذل، وتصرخ إنها أرضي وطني، فيوجه إلى جبهتك سلاح.
كان يبحث عن الحب، لكنه لم يجده، تاه في طرقات المدينة الواسعة، داسته الأقدام، لم تشعر بها إلا بعد أن أصبح جثة هامدة، رفعوه من على الأرض، ثم كفنوه، وحملوه فوق خشبة الموت.
إنها الساعات الطويلة الممتدة، تأخذ بخناق المرء، تجذبه من عنقه، تسحبه نحو هاوية سحيقة، تقذفه بها فيموت في بطيء شديد، يظل يموت في أيام وسنوات، إنها سنوات من العذاب المتصل.
إن صدى الموت، يختلف في نفوس الناس، يموت إنسان واحد، فيموت بموته مئات بل ألوف، بل يموت العالم بأكمله، بل تموت الحياة كلها في عين من يحب، وقد تدمع عين لم تحمل حزنا، وتحمل حزنا عين لم تدمع
عــيناكِ نــجمتانِ تـُـومضانِ تَلمعانِ تـــُوقـــدانِ ظُــلــمــةَ الــمــســاءْ
عندما خرج صوتي للمرة الأولى، باكيا استشرف الحياة، بعينين مغمضتين، لم أكن أعلم، أن البكاء سيستمر طويلا. صراخاتي أسعدت أمي وجدتي، كان رد فعلهم حين سمعوا صراخاتي إبتسامة.
كان مساء صفت نسائمه ضوء خافت تحيط بنا شجرتان عظيمتان كان البحر أمامنا حزين خائف يترقب ونحن واقفان مشدوهين إليه.
كان وقفاً، كالطود فى شموخ بين الناس، يلقى عظاته، تتساقط كلماته تشوى وجوه العصاة. تذرف عيونهم ندماً فى صمتٍ بليغ، كان يقيم أسواراً بينهم وبين خطاياهم
كانت الكلمة، كهفا آوى إليه، عندما تمتلأ نفسى بأطنان من الألم، أدخله فى خلسة، فى ظلمة الليل، دون أن يرانى أو يلمحنى أحد.
كان ياما كان كان ولا شيء معه غير قلبه المفطور وأحلامه الهشة وسنوات مضنيات يحملها ضلعه المكسور