حذرت اللايف كوتش نفيسة الميرغني من أن النساء في العالم العربي هن الأكثر عرضة للإصابة بما يعرف بـ"الاحتراق النفسي"، نتيجة الأعباء المتزايدة التي يتحملنها بين أدوارهن كأمهات وزوجات وعاملات، وما يصاحب ذلك من ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية. هذه الظاهرة لا تنشأ فجأة، بل تتسلل تدريجيًا مع تزايد المسؤوليات اليومية وتقلص المساحات المخصصة للرعاية الذاتية.
ومع تسارع وتيرة الحياة، والرغبة في إثبات الذات، والحرص على إرضاء من حولنا، سواء داخل الأسرة أو في العمل، يتجاوز كثيرون، وخاصة النساء، حدود طاقتهم دون أن يدركوا ذلك في البداية. هذا العطاء المستمر دون توقف قد يبدأ بدوافع إيجابية ونوايا طيبة، لكنه إذا لم يقابَل بحدود واضحة واهتمام كافٍ بالذات، ينقلب مع الوقت إلى استنزاف جسدي وعقلي ونفسي عميق.
ما هو الاحتراق النفسي؟
وقالت اللايف كوتش نفيسة الميرغني خلال لقائها على قناة المحور، إن الاحتراق النفسي ليس مجرد تعب لحظي، بل عملية تراكمية من التدهور النفسي والعقلي تؤدي إلى فقدان الحماس والفعالية. وأكدت أن الحب الحقيقي والدعم لا يطلبان منك أن تفني نفسك، وأن الاستمرار في تقديم العطاء على حساب الذات قد يقود في النهاية إلى حالة من الفراغ الداخلي والإنهاك.
مراحل تطور الاحتراق النفسي
وأوضحت اللايف كوتش أن رحلة الاحتراق النفسي تتدرج عبر أربع مراحل متصلة: تبدأ بـ"مرحلة الشغف" حيث يشعر المرء بحماس وانخراط قوي في المهام، ثم تدخل "مرحلة التوتر" مع بزوغ ضغوط تستنزف الطاقة، يلي ذلك "فقدان الدافع" فتتحول المهام المفضلة إلى أعباء ثقيلة، وفي النهاية قد يصل الشخص إلى "الانهيار التام" المصحوب بأعراض جسدية ونفسية مثل اضطرابات النوم، مشاكل الهضم، والعزلة الشديدة.
علامات تحذيرية يجب مراقبتها
هناك مؤشرات تنبه إلى قرب الاحتراق النفسي أشارت إليها اللايف كوتش: فقدان الحماس تجاه الأنشطة المعتادة، زيادة العصبية وسهولة الاستثارة، اضطرابات النوم أو الشهية، شعور دائم بالفشل والذنب، وتراجع الإنتاجية على الرغم من الجهد المبذول. الانتباه لهذه العلامات مبكرًا يمكن من التدخل قبل تفاقم الحالة.
خطوات عملية للوقاية والتعامل
وأوصت اللايف كوتش بعدة إجراءات واقعية للوقاية والتعافي: وضع حدود واضحة وعدم الخضوع لطلبات تستنزف الطاقة، تخصيص وقت يومي لاستعادة النشاط، حتى لو كان قصيرًا، كالمشي أو القراءة، والتعبير الصحي عن المشاعر بدل كبتها. كما تنصح بعدم التردد في طلب المساعدة من مختص نفسي عند الحاجة، لأن العلاج المبكر ليس عيبًا بل قرار شجاع.
ونصحت بالرجوع إلى مختص نفسي أو طبي إذا استمرت الأعراض أو ساءت، كالأرق الشديد، أفكار يائسة، أو عزلة تامة مؤكدة أن التدخل المهني يقلل من مخاطر تدهور الحالة ويعيد للشخص توازنَه وقدرته على الحياة الطبيعية.
وأخيرًا أكدت أن الاعتناء بالنفس ليس أنانية، بل ضرورة. حماية نفسك اليوم تعني قدرتك على العطاء المستدام، فالتوازن الذاتي هو الأساس لتقديم أفضل ما لديك للآخرين دون أن تضحي بصحتك وسعادتك.