حسين عبد البصير يكتب: رجال وآلهة الرواية التي تعيد فتح معابد التاريخ

الأربعاء، 10 سبتمبر 2025 11:00 م
حسين عبد البصير يكتب: رجال وآلهة الرواية التي تعيد فتح معابد التاريخ غلاف رجال وآلهة

في روايته "رجال وآلهة"، الصادرة عن دار الكرمة بالقاهرة، يذهب الكاتب إبراهيم أحمد عيسى أبعد من حدود الرواية التاريخية ليقدّم نصًا فكريًا وجماليًا، يضع القارئ أمام أسئلة أزلية: من يحكم؟ من يُقدَّس؟ ومن يقرر مصير الإنسان؟.

التاريخ كمرآة للإنسان

الرواية لا تعيد سرد وقائع مصر القديمة كصفحات محفوظة، بل تجعل من التاريخ مرآة للوجود الإنساني وصراعاته الأبدية. المعابد التي تتردد فيها أصوات الكهنة ليست مجرد جدران أثرية، بل رموز متجددة للسلطة والهيمنة. كأن الكاتب يقول إن معركة القوة والمقدس لم تنتهِ بعد، بل تتكرر في كل عصر بأقنعة جديدة.

لغة بين المؤرخ والشاعر

يمتاز النص بلغة متفردة تجمع بين دقة المؤرخ وخيال الشاعر. أحيانًا تبدو الجمل كأنها خارجة من بردية فرعونية، وأحيانًا أخرى نسمع صدى الراوي قريبًا من واقعنا المعاصر. هذا المزج بين الأصالة والحداثة هو ما يمنح الرواية جاذبيتها الخاصة.

المعبد كمسرح للدراما

ينجح إبراهيم أحمد عيسى في جعل المعبد خشبة مسرح كبرى تُعرض عليها طقوس السلطة وصراعاتها. البخور، خطوات الجنود، الدماء المسفوكة… كلها تصنع مشهدًا يمزج الدراما بالفلسفة الوجودية، حيث يتقاطع الصراع بين الإنسان والقدر مع سؤال المعنى والمصير.

رجال في مواجهة آلهة

العنوان يلخص جوهر النص: البشر يسعون إلى مقام الآلهة عبر القوة والطقوس، فيما تهبط صورة الآلهة إلى مستوى البشر عبر التمثيل والتجسيد. هذا التوتر الأبدي بين الطرفين هو ما يغذي الرواية ويجعلها صورة من صراعاتنا الراهنة بين الحاكم والمحكوم، المقدس والدنيوي، والرغبة في الخلود أمام حتمية الموت.

من الماضي إلى الحاضر

على الرغم من انغماس الرواية في عوالم مصر القديمة، فإن أسئلتها تظل معاصرة: عن السلطة، الحرية، الخوف، والمقدس. فلكل زمن معابده الخاصة، قد تكون قصور حكم أو مؤسسات سلطة أو حتى معابد المال والإعلام. وهكذا تصبح "رجال وآلهة" رواية للحاضر والمستقبل، لا للماضي وحده.


"رجال وآلهة" ليست مجرد حكاية تُقرأ ثم تُغلق، بل نص حيّ يفيض بالأسئلة والرموز، ويجعل القارئ شريكًا في البحث عن الحقيقة والمعنى. إنها رواية تعيد للتاريخ صوته، وتجعل من الأدب العربي معملًا للتفكير في الوجود والسلطة والمصير.

بهذا العمل، يثبت إبراهيم أحمد عيسى أنه لا يكتب رواية تاريخية تقليدية، بل بيانًا وجوديًا يتردد صداه في الماضي والحاضر والمستقبل معًا.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة