يُعد ملف مياه النيل من أكثر الملفات الحساسة والاستراتيجية في تاريخ مصر الحديث، حيث يشكل النيل المصدر الأساسي للحياة والرخاء في البلاد، ويعتمد عليه نحو 100 مليون مصري في شربهم وزراعتهم وصناعتهم.
شهد هذا الملف تطورات متلاحقة خلال العقود الماضية، خاصة مع بناء دول المنبع للسدود والمشاريع المائية، التي أثارت مخاوف مصر من تقليل حصتها من المياه، ما دفعها إلى تبني مواقف حازمة للحفاظ على حقوقها المائية التاريخية.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات الإقليمية حول مياه النيل، مع محاولات بعض الدول اتخاذ إجراءات أحادية تؤثر على تدفق المياه لمصر، مما جعل القضية محوراً رئيسياً في السياسة الخارجية المصرية، وتعامل معها الرئيس عبد الفتاح السيسي بجدية بالغة، مؤكداً على ضرورة التوصل إلى حلول تحمي مصالح جميع الأطراف دون المساس بحقوق مصر السيادية.
في ظل التصريحات الحاسمة والواضحة للرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن ملف المياه، أجد نفسي أمام قضية استراتيجية تمس حياة ملايين المصريين ومستقبل وطن بأكمله. مياه النيل ليست مجرد مورد طبيعي أو ثروة مائية، بل هي شريان الحياة لمصر، ومن يتخلى عنها، يتخلى عن وجوده.
الرئيس السيسي أكد أن ملف المياه ليس قضية عادية، بل هو جزء من حملة ضغوط تستهدف مصر لتحقيق أهداف أخرى. وهذا يعني أن ما نراه من تحديات حول حصة مصر من مياه النيل لا يمكن فصله عن السياق السياسي الإقليمي والدولي، حيث تسعى بعض الأطراف لتقليص حقوق مصر التاريخية والمشروعة في مياه النهر.
من وجهة نظري، علينا أن ندرك أن التنمية الشاملة لأي دولة في حوض النيل يجب أن لا تأتي على حساب مصر، التي تعتمد كليًا على هذه المياه للحفاظ على الزراعة والصناعة والاقتصاد والحد من الأزمات الاجتماعية والبيئية.
كما أؤمن بأهمية التعاون مع دول حوض النيل، خصوصًا من خلال آليات الحوار والتوافق التي تعززها اللجنة السباعية، ولكن هذا التعاون يجب أن يكون مبنيًا على احترام الحقوق وتوفير ضمانات واضحة بعدم المساس بحصتنا من المياه.
في ضوء ذلك، أرى أن مصر مطالبة بالاستمرار في موقفها الحازم والدبلوماسية الفعالة لحماية حقوقها المائية، مع الاستثمار في حلول مبتكرة للحفاظ على الموارد المائية، مثل تحسين إدارة المياه، وتحلية مياه البحر، وتعزيز الوعي البيئي بين المواطنين.
مياه النيل هي حياة مصر، وأمنها القومي. ولا يمكن لأي تحدٍ أو ضغط أن يجعلنا نتنازل عن هذا الحق، بل يجب أن نوحد الجهود الوطنية للحفاظ عليه، لأنه ركيزة وجودنا واستقرارنا.
وفي الختام، لا يمكن إنكار الدور المحوري الذي يلعبه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إدارة ملف المياه بكل حنكة وحزم، محافظًا على حقوق مصر الثابتة في نهر النيل في وجه التحديات والضغوط الإقليمية والدولية. قيادة الرئيس السيسي تمثل درعاً واقياً لمصر، إذ يجمع بين الحزم الدبلوماسي والوعي الاستراتيجي، مما يضمن استدامة هذا المورد الحيوي واستقرار الأمن القومي المصري. ومن خلال رؤيته الثاقبة والتزامه الوطني، يثبت الرئيس السيسي أن حماية مياه النيل ليست مجرد قضية مائية، بل معركة وجود لكل المصريين، يواصل خوضها بكل قوة وعزيمة، ليبقى نهر النيل شريان الحياة الذي لا ينضب لمصر وشعبها.