بمجرد أن تصل إلى دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، أكثر ما يجذب انتباهك هو المغارة التي توحد فيها وأسس من خلالها حياة الرهبنة في العالم، لذلك لقب بـ "أب الرهبان"، كما يوجد بداخلها مذبح صغير أعلاه صورة المسيح، وعند الدخول لا تسع المغارة إلا فردا واحدا فقط، فهي عبارة عن ممر صغير داخل الجبل.
خارج مغارة الأنبا أنطونيوس
داخل المغارة
وفي رحلتنا لاحظنا أن الوصول للمغارة يتطلب الصعود 1420 درجة ومثلها عند النزول منها، على الرغم من ذلك فالزوار، من جميع أنحاء العالم، ترسم على وجههم السعادة استعدادا لأخذ البركة عند الوصول والدخول إلى مغارة الأنبا أنطونيوس، التي تتطلب استخدام كشافات إضاءة حتى ترى كيف كان يعيش الأنبا أنطونيوس في هذا المكان المهيب.
وتشهد مغارة الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر توافدا كبيرا من زوارها باستمرار على مدار السنين، فتحتل المغارة مكانة كبرى لدى الأقباط لما تحمله من تاريخ عريق وتأسيس الحياه الرهبانية في العالم على يد أب الرهبان الأنبا أنطونيوس، ولم يقتصر الأمر رغم صعوبته كما ذكرنا، على توافد الشباب فقط للمغارة، ولكن رأينا جميع الفئات العمرية من الأطفال حتى كبار السن مليئة بالطاقة والشغف والحب للوصول إلى المغارة.
مغارة الأنبا أنطونيوس فى البحر الأحمر
أثناء الصعود إلى المغارة
ورصد "اليوم السابع" خلال زيارته لمغارة الأنبا انطونيوس، آراء عدد من الزائرين، فقال أحد الزوار من كبار السن: "احرص كل عام على زيارة المغارة لأخذ بركة الأنبا أنطونيوس رغم أنني أعاني من آلام في القدم"، وقال آخر: "زياراتي للمغارة هي للمرة الأولى ورغم صعوبة الصعود للسلم لكن لدي شغف وطاقة للوصول للمغارة حتى أرى كيف عاش الأنبا أنطونيوس في هذا المكان"، وأضاف أخر: "الأنبا أنطونيوس له مكانة خاصة في قلبي لذلك أسعى من وقت لآخر لزيارة ديره ومغارته التي توحد فيها وأسس الحياة الرهبانية في العالم"، وطفل يبلغ من العمر 6 سنوات: "أنا دايما بسمع عن المغارة والنهاردة جاي مخصوص عشان اطلع واشوف شكلها عامل ازاي".
مغارة الأنبا أنطونيوس فى البحر الأحمر
ولد الأنبا أنطونيوس في بلدة قمن العروس التابعة لبني سويف عام 251 ميلادية من والدين غنيين، ومات والده فوقف أمام الجثمان يتأمل زوال هذا العالم، فتغير قلبه، وفي عام 269 م، سمع صوتًا يقول له: "إن أردت أن تكون كاملًا اذهب وبع كل مالك ووزعه على الفقراء، وتعال اتبعني"، فكان هنا التحول وشعر أنها رسالة شخصية تمس حياته.
ويظل الأنبا أنطونيوس هو مؤسس نظام الرهبنة (الوحدة)، بحياته التى تكشف عن مفهوم الرهبنة المسيحية، خاصة نظام الوحدة، فخرج للرهبنة بلا هدف كهنوتي، وكانت حركته شعبية لا كهنوتية، لا يطلب التدخل في التنظيم الكنسي.
توافد الزوار
وكان تجمع الرهبـان حول الأنبا أنطونيوس في مغائر نحتوها لأنفسهم في الجبل، وصارت المغارة هي الحجرة أو الوحدة التي يعيش فيها الراهب في عزلة تامة عن العالم وهذا ما يعرف بالقلاية، وحينما صار الجبل ممتلئا بالمغائر (القلالــي) أطلق عليه جبل القلالي أو جبــل القلالة، لـم يكن هنـاك في ذلك الوقت ـا يجمع الرهبان في مكان واـد مغلق، ولكن في سنة 2003م، حينما قـام الدير بعمل ترميم كامل وشـامل وأيضًـا عمل بعض الحفريات، تــم التوصـل إلى بعض الاكتشافات الهامة لحيــاة الرهبــان في ذلــك الزمان، وكيف بدأت أول نبتة ديرية في هــذا المكان وهــو مـا يمثـل بداية نشأة دير القديــس أنطونيــوس في نهاية القــرن الثالــث الميــلادي وبدايــة القــرن الرابــع الميــلادي، حيث تـم اكتشـاف وادي يبلــغ طوله ما يقرب ـن 150 متــرًا وعرضــه 25متــرًا وعمقــه 2.5 متــرا.