تمر اليوم ذكرى عودة سعد زغلول ورفاقه من المنفى، وذلك في 29 مارس عام 1921، وقد استقبله المصريون استقبال الأبطال، فاحتشدت الشوارع وخرج الجميع لاستقبال زعيم الوفد، لكن السؤال هنا هل هذه هي المرة الأولى أو الأخيرة التي نفي فيها سعد زغلول؟
حسب ما جاء في كتاب "مصطفى النحاس - مذكرات النفى" من تأليف عماد أبو غازى: قبضت سلطات الاحتلال على سعد زغلول صباح يوم الجمعة 23 ديسمبر 1921 واقتادوه مباشرة بالسيارة إلى المعسكر الهندي بالسويس، وبعدها بساعات تم القبض على باقي المجموعة، ونُقلوا إلى ثكنات قصر النيل، ومنها تم ترحيلهم في اليوم التالي إلى السويس بالقطار؛ ليلتقوا بسعد صباح يوم 25 ديسمبر 1921، وفي يوم 29 ديسمبر تحركت بهم السفينة الحربية "فردينان" إلى عدن التي وصلوها يوم 4 يناير 1922؛ وفي يوم 2 مارس غادر سعد زغلول ومكرم عبيد عدن في طريقهها إلى سيشيل ووصلا إليها يوم 9 مارس، وبعد وصولهما إلى سيشيل تم ترحيل باقي المجموعة من عدن ليلحقوا بهما هناك بعد عشرة أيام وقد أقاموا جميعًا في ماهي بسيشيل، ونتيجة للضغوط المتواصلة في مصر وبريطانيا تم نقل سعد زغلول إلى جبل طارق؛ فغادر سيشيل يوم 17 أغسطس 1922 ليصل إلى جبل طارق يوم 3 سبتمبر؛ ويستمر هناك حتى مارس 1923، أما باقي المنفيين فقد استمروا في سيشيل عشرة أشهر أخرى.
هذا وترجع بدايات الأزمة التي أدت إلى نفي سعد ورفاقه إلى فترة الصدام الذي وقع بين سعد زغلول وعدلي يكن عقب عودة سعد إلى مصر في إبريل 1921؛ وقد عاد سعد بناءَ على طلب من عدلي يكن رئيس الوزراء حينذاك من أجل التنسيق للمشاركة في المفاوضات، بعد أن أمضى سعد أكثر من عامين خارج البلاد بعد منفاه الأول إلى مالطة؛ وكان سعد قد نُفِيَ لأول مرة إلى مالطة في 8 مارس سنة 1919، وفي اليوم التالي اشتعلت الثورة في مصر، وفشلت قوات الاحتلال في قمع الثورة، فصدر قرار الإفراج عنه في 7 إبريل من نفس العام وقد توجه سعد من منفاه إلى باريس للحاق بمؤتمر الصلح، ومنها إلى لندن في يونية 1920 بدعوة من اللورد ملنر وزير المستعمرات البريطاني بعد فشل مهمته في مصر''، وبعد أن أيقن الأخير أنه لن يصل إلى نتيجة لحل المسألة المصرية دون مشاركة من الوفد، وكان سعد في الوقت نفسه قد تأكد من فشل مساعي الوفد المصري في الوصول إلى نتيجة باستمرار وجوده في باريس فاتجه إلى لندن، وخاض مفاوضات طويلة لم تسفر عن نتيجة.