شهد متحف اللوفر في 19 أكتوبر 2025 واحدة من أكثر السرقات جرأة في التاريخ الحديث، حينما تنكّر مجموعة من اللصوص في زي عمّال بناء وتمكنوا من الاستيلاء على جواهر التاج الفرنسي التي تُقدر قيمتها بـ102 مليون دولار، ورغم ضخامة هذه العملية، فإنها لا تضاهي الفضيحة التي هزت باريس عام 1911، عندما اختفت من أروقة المتحف أعظم مقتنياته لوحة "الموناليزا" لليوناردو دافنشي، وفقا لما نشره موقع news.artnet.
سرقة لوحة الموناليزا
على غرار السطو الأخير، اتسمت عملية سرقة الموناليزا بطابع مسرحي، فقد اختبأ العامل الإيطالي فينسينزو بيروجيا، الذي كان موظفاً في المتحف ومسئولاً عن تركيب الغلاف الزجاجي للوحة، داخل خزانة المؤن حتى موعد الإغلاق.
وبمساعدة اثنين من شركائه، أزال الغلاف بسهولة، ثم أخفى اللوحة تحت بطانية وغادر المتحف في الساعات الأولى من الصباح، ليستقل أول قطار يغادر باريس.
لم تكن الجريمة مفاجئة في ظل ضعف الإجراءات الأمنية آنذاك؛ إذ كانت معظم الأعمال الفنية في اللوفر غير مثبتة أو مراقبة بشكل كافٍ، ولم يكن بيروجيا أول من استغل هذا الوضع، فقد اعترف رجل يُدعى جوزيف جيري بييريه بعد ذلك بأنه كان يهرّب قطعاً فنية صغيرة من المتحف ويبيعها لفنانين محليين.
اللافت أن الموناليزا لم تكن تحظى بشهرة واسعة في ذلك الوقت، ولم تُعتبر من أبرز أعمال ليوناردو، ووفقاً لكتاب جرائم باريس، استغرق الأمر 28 ساعة كاملة قبل أن يلاحظ أحد اختفاء اللوحة، إذ افترض الموظفون والزوار أنها أُزيلت لأغراض الصيانة.
أثارت الحادثة ضجة إعلامية هائلة، وطرحت الصحافة الفرنسية قائمة من المشتبه بهم البارزين، من بينهم المصرفي الأمريكي جيه بي مورجان والقيصر الألماني فيلهلم الثاني، في ظل التوتر السياسي بين فرنسا وألمانيا، حتى الفنان بابلو بيكاسو وُضع في دائرة الاتهام، لكونه اشترى في مناسبات سابقة أعمالاً مسروقة من بييريه، ما دفعه للتفكير في التخلص من تماثيل إيبيرية كان يحتفظ بها خوفاً من الترحيل.
وبينما تحولت القضية إلى مادة دسمة للصحافة، ساهمت المفارقة في منح الموناليزا شهرة عالمية غير مسبوقة، فقد توافدت الجماهير إلى اللوفر لمشاهدة الفراغ الذي تركته اللوحة على الجدار.
عودة اللوحة بعد مرور أكثر من عامين على سرقتها
وبعد أكثر من عامين، حاول بيروجيا بيعها في إيطاليا، لكن الأمر سرعان ما انكشف، ليُحكم عليه بالسجن ثمانية أشهر، وتعود اللوحة إلى باريس في يناير 1914 وسط استقبال جماهيري حاشد.
لقد كانت سرقة بيروجيا نقطة تحول في تاريخ الفن، إذ جعلت من الموناليزا أيقونة عالمية، وأحد أكثر الأعمال الفنية شهرة وتأثيراً في الثقافة الإنسانية.

لوحة الموناليزا

رسم توضيحى لعملية سرقة لوحة الموناليزا