قد يبدأ الأمر بوخزة خفيفة داخل الأذن، أو شعور بالامتلاء والضغط بعد أيام من الزكام أو السعال، لكن خلف هذا العرض الصغير قد يختبئ مؤشر طبي مهم لا يجب تجاهله. فآلام الأذن ليست مجرد إزعاج عابر، بل قد تكون علامة على خلل مؤقت بسبب نزلة برد، أو بداية التهاب يحتاج إلى تدخل طبي سريع.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health الأمريكي المتخصص في الشؤون الطبية، فإن التمييز بين ألم الأذن الناتج عن نزلات البرد وذاك الناتج عن التهاب الأذن الحقيقي يساعد في تجنّب المضاعفات الخطيرة والحصول على العلاج المناسب في الوقت الصحيح.
متى تكون نزلة البرد هي السبب؟
خلال الإصابة بنزلة البرد، تتعرض قناة استاكيوس — وهي القناة الرفيعة التي تصل بين الأذن الوسطى والحلق — للانسداد نتيجة الالتهاب أو تراكم المخاط.
هذا الانسداد يمنع معادلة الضغط داخل الأذن ويؤدي إلى إحساس بالامتلاء والشد أو الطنين المؤقت. في بعض الحالات يشعر المريض بانخفاض طفيف في السمع أو بثقل في الرأس.
عادة ما يصاحب هذه الحالة أعراض البرد الكلاسيكية مثل العطس، انسداد الأنف، التهاب الحلق، السعال، والحمى الخفيفة.العلاج في هذه المرحلة لا يعتمد على المضادات الحيوية، لأن السبب فيروسي وليس بكتيري، بل على تخفيف الأعراض حتى يتعافى الجسم طبيعيًا.ينصح الأطباء بالراحة الكافية، وشرب السوائل الدافئة، واستخدام بخاخات الأنف الملحية، مع رفع الرأس أثناء النوم لتقليل الضغط على الأذنين.
حين يتحول الألم إلى التهاب
إذا استمر الألم أو ازداد بعد تحسن أعراض البرد، فقد يكون هناك التهاب في الأذن الوسطى.يحدث ذلك عندما تُغلق قناة استاكيوس تمامًا، فيتجمّع السائل خلف طبلة الأذن، ما يخلق بيئة خصبة لتكاثر البكتيريا أو الفيروسات.
تبدأ الأعراض حينها في الازدياد: ألم حاد، ضعف السمع، أحيانًا إفرازات من الأذن، ارتفاع درجة الحرارة، وربما دوار أو فقدان التوازن في الحالات الشديدة.
في هذه المرحلة، لا يُنصح بالاكتفاء بالعلاجات المنزلية.
الفحص باستخدام منظار الأذن ضروري لتحديد ما إذا كان هناك سائل خلف الطبلة، إذ إن بقاء الطبلة متيبّسة عند فحصها يشير إلى تراكم سوائل والتهاب فعلي.
قد يصف الطبيب مضادًا حيويًا أو قطرات مهدئة، حسب الحالة ونوع الالتهاب، لتجنب تمزق الطبلة أو انتقال العدوى إلى العظام المحيطة بالأذن.
أسباب أخرى لا يجب إغفالها
رغم أن نزلات البرد والتهابات الأذن هما السببان الأكثر شيوعًا، إلا أن هناك حالات أخرى يمكن أن تسبب ألم الأذن عند البالغين.
منها: التهاب الحلق أو اللوزتين، التهابات الجيوب الأنفية، الحساسية الموسمية، مشاكل مفصل الفك (الصدغي الفكي)، تغيرات الضغط أثناء السفر الجوي، أو حتى تراكم الشمع داخل الأذن.
وفي بعض الأحيان، يكون الألم “انعكاسًا” لمشكلة في الأسنان أو الفك، لأن الأعصاب في تلك المنطقة تتقاطع مع الأعصاب المسؤولة عن الإحساس بالأذن.
يؤكد الأطباء أن التشخيص الدقيق هو أساس العلاج، فالتعامل مع كل هذه الأسباب وكأنها مجرد “نزلة برد” خطأ قد يؤدي إلى مضاعفات دائمة مثل ضعف السمع أو الالتهاب المزمن في الأذن الوسطى.
طرق فعّالة لتخفيف الألم والوقاية
يمكن تخفيف ألم الأذن بوسائل بسيطة إلى حين استشارة الطبيب:
- وضع كمادة دافئة أو باردة على الأذن لمدة 15 إلى 20 دقيقة.
- الجلوس في وضع مستقيم لتقليل الضغط الداخلي.
- تجنب تنظيف الأذن بالأعواد أو إدخال أي جسم غريب.
- استخدام مسكنات الألم الشائعة مثل الإيبوبروفين بعد استشارة الطبيب.
- مضغ العلكة أحيانًا يساعد في موازنة الضغط داخل الأذن.أما الوقاية فتعتمد على علاج نزلات البرد في بدايتها، والابتعاد عن التدخين أو التعرض لدخانه، والحرص على عدم إدخال الماء إلى الأذن أثناء الاستحمام أو السباحة في فترات العدوى.