قد يستيقظ البعض صباحًا ليجد جزءًا من بياض العين وقد تحوّل فجأة إلى لون أحمر فاقع، في مشهد صادم يثير الخوف من فقدان البصر أو وجود مشكلة خطيرة في العين. هذا التغير المفاجئ غالبًا ما يُفسَّر على أنه نزيف داخلي، لكنه في الواقع حالة شائعة نسبيًا، وقد تكون غير مؤذية في أغلب الأحيان، رغم مظهرها المقلق.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن السبب الأكثر شيوعًا لتحول بياض العين إلى الأحمر هو ما يُعرف طبيًا بنزيف تحت الملتحمة، وهي حالة تحدث عندما يتمزق أحد الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة أسفل الغشاء الشفاف الذي يغطي الجزء الأبيض من العين، ما يسمح بتسرب كمية محدودة من الدم إلى سطح العين.
ما الذي يحدث داخل العين عند ظهور البقعة الدموية؟
الملتحمة تحتوي على شبكة دقيقة من الأوعية الدموية التي تغذي أنسجة العين السطحية. في بعض الأحيان، قد يتعرض أحد هذه الأوعية للتمزق دون سابق إنذار، فيتجمع الدم بين الملتحمة والطبقة البيضاء الصلبة، ويظهر على شكل بقعة حمراء مسطحة، واضحة الحدود، دون تورم أو إفرازات.
اللافت أن هذه الحالة لا ترتبط عادة بألم أو ضعف في الإبصار، لأن النزيف يكون سطحيًا ولا يصل إلى الأجزاء المسؤولة عن الرؤية. ولهذا السبب، قد يلاحظ الشخص الاحمرار صدفة أثناء النظر في المرآة، دون أن يشعر بأي أعراض أخرى.
لماذا يحدث نزيف تحت الملتحمة؟
في عدد كبير من الحالات، لا يتمكن الأطباء من تحديد سبب مباشر لظهور البقعة الدموية. ومع ذلك، توجد عوامل شائعة قد تزيد من احتمالية حدوثها، مثل فرك العين بعنف، أو السعال الشديد، أو العطس المتكرر، أو القيء، أو الإجهاد أثناء التبرز، أو حمل أوزان ثقيلة، وهي مواقف ترفع الضغط داخل الأوعية الدموية مؤقتًا.
كما أن بعض الأنشطة اليومية البسيطة قد تكون كافية لإحداث التمزق، دون أن ينتبه لها الشخص، خاصة إذا كانت الأوعية الدموية ضعيفة أو هشة بطبيعتها.
الفئات الأكثر عرضة لظهور بقع الدم في العين
التقدم في العمر يلعب دورًا مهمًا، إذ تزداد نسبة حدوث هذه الحالة لدى الأشخاص فوق سن الخمسين، حتى دون وجود سبب واضح. كما يرتفع الخطر لدى المصابين بأمراض مزمنة تؤثر على الأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وارتفاع الكوليسترول، واضطرابات تخثر الدم.
النساء قد يلاحظن ظهور هذه البقع أثناء الولادة نتيجة الضغط الشديد، كما يمكن أن تظهر لدى الأطفال، وإن كان ذلك أقل شيوعًا. مستخدمو العدسات اللاصقة أيضًا قد يكونون أكثر عرضة، بسبب الاحتكاك المتكرر بالعين أثناء إدخال العدسة أو نزعها.
متى يكون الاحمرار علامة تستدعي مراجعة الطبيب؟
رغم أن نزيف تحت الملتحمة غالبًا ما يكون غير خطير، فإن هناك حالات لا يجب تجاهلها. إذا صاحب البقعة الدموية ألم واضح في العين، أو تشوش في الرؤية، أو حساسية شديدة للضوء، أو إذا ظهرت بعد إصابة مباشرة في العين أو الرأس، فهنا يصبح الفحص الطبي ضروريًا.
كذلك، تكرار ظهور بقع الدم دون سبب واضح قد يكون مؤشرًا على مشكلة صحية عامة، مثل اضطرابات ضغط الدم أو أمراض الدم، ما يستدعي إجراء فحوصات إضافية للاطمئنان.
كيف يتم التعامل طبيًا مع نزيف تحت الملتحمة؟
في الحالات البسيطة، لا يحتاج النزيف إلى علاج مباشر، حيث يقوم الجسم بإعادة امتصاص الدم تدريجيًا خلال فترة تتراوح بين عدة أيام إلى أسبوعين. يتغير لون البقعة مع الوقت، كما يحدث في الكدمات الجلدية، دون أن يترك أي أثر دائم.
قد يوصي الطبيب باستخدام الدموع الاصطناعية لتقليل الشعور بالجفاف أو الانزعاج، أو الكمادات الباردة في الأيام الأولى. أما القطرات التي تُستخدم لإخفاء احمرار العين، فيُفضل تجنبها، لأنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية مع الاستخدام المتكرر.
أدوية قد تؤثر على التئام النزيف
الأشخاص الذين يتناولون أدوية مميعة للدم، مثل بعض مضادات التخثر أو المسكنات غير الستيرويدية، قد يلاحظون بطئًا في اختفاء البقعة الدموية. في هذه الحالات، من المهم استشارة الطبيب قبل إيقاف أي دواء أو تعديله.