لا تقاس ثروة المربي بعدد الرؤوس التي يمتلكها فحسب، بل بجودة التأسيس الذي تمنحه لتلك الرؤوس في أيامها الأولى، وتمثل أول 60 يوما في حياة العجل حجر الأساس للمستقبل الصحي والإنتاجي، فخلال هذه المرحلة الحرجة، تصاغ مناعته، وتتشكل أجهزته الحيوية، ويخوض جهازه الهضمي رحلة تحول دقيقة من الاعتماد الكلي على الحليب إلى التكيف مع العلف الصلب.
"اللبأ" طوق النجاة الأول
تبدأ الرحلة من اللحظات الأولى للولادة، حيث يعد اللبأ (السرسوب) بمثابة "اللقاح الطبيعي" الذي لا غنى عنه.
ويوصي الخبراء بتقديم اللبأ بنسبة 10% من وزن العجل، أي ما يعادل 4–6 لترات خلال الـ 24 ساعة الأولى، مع ضرورة منح الجرعة الأولى في غضون أول ساعتين لضمان أقصى امتصاص للأجسام المضادة.
ويتم توزيع هذه الكمية على 3 إلى 4 وجبات في اليوم الأول، قبل أن يتم تقليصها إلى وجبتين، مع البدء في إتاحة الماء النقي للعجل بعد مرور يوم كامل على الولادة.
من الأسبوع الثاني وحتى الشهر الأول
مع دخول العجل يومه الرابع، ينتقل النظام الغذائي إلى الحليب الكامل أو البديل عالي الجودة، حيث يُقدم بنسبة 10% من وزن الجسم موزعاً على وجبتين، مع مراعاة درجة حرارته (بين 38 و40 درجة مئوية).
وفي غضون الأسبوع الأول، وتحديداً في اليوم السابع، تبدأ أولى خطوات الاستقلال الغذائي بتقديم كميات صغيرة من العلف المبدئي الغني بالبروتين بنسبة تصل إلى 22%، وذلك لتحفيز الكرش على العمل المبكر.
ومع انتصاف الشهر الأول، يستقر معدل استهلاك الحليب بين 4 إلى 6 لترات يومياً، لكن مع ميزة إضافية تبدأ بعد اليوم العشرين؛ وهي إدخال التبن بكميات محدودة جداً للمساعدة فى تنمية جدار الكرش، مدعوماً بالمكملات الغذائية من فيتامينات وأملاح معدنية تضمن نمو الهيكل العظمي بشكل سليم.
العد التنازلي للفطام
عند بلوغ اليوم الحادي والثلاثين، تبدأ استراتيجية "الإحلال التدريجي"، حيث يتم خفض كميات الحليب تدريجياً لتحفيز العجل على تعويض النقص عبر زيادة استهلاك العلف الصلب، حتى يصل استهلاكه إلى نحو كيلوجرام يومياً، هذه المرحلة تُعد جسراً حيوياً يربط بين الاعتماد على السوائل والاعتماد الكامل على الأعلاف الجافة، مع ضرورة بقاء الماء والتبن متاحين بصفة دائمة.
وفي الربع الأخير من الشهر الثاني (الأيام 46–60)، تكتمل ملامح الاستقلال الغذائي، حيث يبدأ التحضير النهائي للفطام.
ويجمع المختصون على أن العجل يصبح جاهزاً للفطام التام بمجرد قدرته على استهلاك 1.5 كيلوجرام من العلف يومياً لمدة ثلاثة أيام متتالية.
وهنا ينصح بتطبيق الفطام التدريجي في الأيام الخمسة الأخيرة لتقليل التوتر الإجهادي، لينتقل العجل بسلاسة من مرحلة الرضاعة إلى مرحلة "علف النمو"، وهو في كامل حيويته وقوته البدنية.