تمثل فترة الحمل تحديًا خاصًا للنساء المصابات بمرض السكر، سواء من النوع الأول أو الثاني، حيث تتضاعف الحاجة إلى ضبط مستويات السكر في الدم بدقة لحماية الأم والجنين معًا. إنّ التوازن بين المتابعة الطبية المنتظمة، والتغذية السليمة، والالتزام بالعلاج يجعل من الممكن تمامًا أن تمرّ فترة الحمل بسلام وتُتوَّج بمولود سليم.
وفقًا لتقرير نشره موقع mydoctor.kaiserpermanente ، فإنّ السيطرة على مستويات الجلوكوز قبل الحمل وأثناءه تُعدّ العامل الأهم في تقليل مضاعفات السكري على الأم والطفل. كما يؤكد الخبراء أن التخطيط المسبق والمتابعة المستمرة مع الفريق الطبي يُحدثان فارقًا كبيرًا في النتائج.
التحضير قبل الحمل: أساس النجاح
الخطوة الأولى لإدارة مرض السكر خلال الحمل تبدأ قبل حدوثه فعليًا.
فكلما كان الجسم مستعدًا ومستقرًا من حيث مستويات السكر، قلّ خطر التعرض لأي مضاعفات لاحقة.
المتابعة الطبية المسبقة:
ينبغي مراجعة طبيبة الغدد الصماء أو طبيبة النساء والتوليد قبل عدة أشهر من محاولة الحمل. خلال هذه المرحلة يتم تعديل الأدوية وضبط جرعات الأنسولين أو الأدوية الفموية بما يتناسب مع احتياجات الجسم.
الفحوصات الشاملة:
من الضروري فحص وظائف الكلى والعينين، لأن الحمل قد يُفاقم أي مشكلة غير مكتشفة مسبقًا. كما يجب تقييم ضغط الدم ومؤشرات الكوليسترول، ووضع خطة غذائية مناسبة بالتعاون مع أخصائية تغذية معتمدة.
الوصول إلى مستوى سكر مثالي:
يُنصح بأن يكون معدل الهيموغلوبين السكري (A1C) قريبًا من 6.5% قبل الحمل، ما يقلل بشكل كبير خطر التشوهات الجنينية أو الولادة المبكرة.
تناول المكملات المناسبة:
يُعد حمض الفوليك أحد أهم العناصر في هذه المرحلة، إذ يقي من العيوب العصبية للجنين. من الأفضل البدء بتناوله قبل الحمل بعد استشارة الطبيب لتحديد الجرعة الملائمة.
نمط حياة صحي:
الإقلاع عن التدخين والابتعاد عن الكحوليات أمران أساسيان، لأن كليهما يؤثران في نمو الجنين ويزيدان من تقلبات السكر في الدم. كما يُوصى بالحفاظ على وزن صحي وممارسة النشاط البدني المنتظم كالمشي أو السباحة الخفيفة.
خلال الحمل: كيف نحافظ على الاستقرار؟
مع بدء الحمل، تتغير هرمونات الجسم، ويصبح ضبط السكر أكثر تعقيدًا. لذلك، يُنصح بمراقبة مستويات الجلوكوز عدة مرات يوميًا.
مراقبة السكر بانتظام:
في معظم الحالات، تحتاج الحامل إلى قياس السكر أربع مرات على الأقل يوميًا (قبل الإفطار وبعد كل وجبة رئيسية). هذه المراقبة الدقيقة تساعد على اكتشاف أي انحراف مبكر والتعامل معه فورًا.
تعديل الأدوية والأنسولين:
قد تُستبدل الأدوية الفموية بحقن الأنسولين، لأنه الخيار الأكثر أمانًا أثناء الحمل. ويجب دائمًا استشارة الطبيب قبل أي تغيير في الجرعة.
النظام الغذائي المتوازن:
تعتمد خطة التغذية على توزيع الوجبات الصغيرة على مدار اليوم لتجنب الارتفاع أو الانخفاض المفاجئ للسكر.
ينصح بتناول وجبات تحتوي على كربوهيدرات معقدة مثل الشوفان والحبوب الكاملة، وبروتينات خفيفة مثل الدجاج والبيض، مع تقليل السكريات السريعة.
كما يجب شرب كميات كافية من الماء، وتجنب العصائر الجاهزة والمشروبات الغازية.
النشاط البدني الآمن:
الحركة المنتظمة تساعد على ضبط السكر وتحسين تدفق الدم. يمكن ممارسة تمارين خفيفة مثل المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا، بشرط عدم وجود موانع طبية.
مضاعفات محتملة يجب الانتباه إليها
يُعد مرض السكري غير المنضبط أحد الأسباب الرئيسية لبعض مضاعفات الحمل، إلا أن السيطرة الجيدة تقللها إلى حد كبير.
ومن أبرز ما قد يحدث في حال إهمال المتابعة:
للجنين
زيادة في حجم الطفل بشكل غير طبيعي مما قد يعقّد الولادة.
ارتفاع خطر الولادة المبكرة أو الإجهاض.
تشوهات خلقية في القلب أو الجهاز العصبي.
للأم:
ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل.
زيادة احتمال الولادة القيصرية.
بطء التئام الجروح وضعف المناعة المؤقت بعد الولادة.
ولذلك، فإن التعاون المستمر بين الحامل وفريقها الطبي يظلّ الركيزة الأهم لتجاوز هذه التحديات بأمان.
بعد الولادة: المتابعة لا تتوقف
بعد الوضع، تحتاج المرأة إلى مراقبة السكر بعناية لأن التغيرات الهرمونية المفاجئة قد تُحدث اضطرابًا مؤقتًا في التمثيل الغذائي.
في بعض الحالات، تقلّ الحاجة إلى الأنسولين بعد الولادة مباشرة، لكن لا بد من تعديل الخطة العلاجية بإشراف الطبيب.
كما أن الرضاعة الطبيعية لها فوائد مزدوجة؛ فهي تدعم صحة الطفل وتساعد الأم على استقرار مستويات السكر وتحسين حرق الطاقة.