يُعد التهاب البنكرياس أحد أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي تعقيدًا، إذ يختلف تأثيره على الجسم باختلاف شدته ونوعه، ما بين الحالة الحادة التي تتطلب تدخلًا عاجلًا، والمزمنة التي تحتاج إلى ضبط طويل المدى في نمط الحياة والغذاء. ورغم أن الدواء جزء أساسي من العلاج، فإن الطعام هو المفتاح الذي يقرر سرعة التعافي أو تفاقم الأعراض.
وفقًا لتقرير نشره موقع Tua Saúde، فإن النظام الغذائي لمريض التهاب البنكرياس يجب أن يُبنى على تقليل الدهون، وتجنب الكحوليات، واختيار الأطعمة الخفيفة سهلة الهضم التي لا تُرهق البنكرياس أثناء قيامه بوظيفته في إفراز الإنزيمات الهضمية.
فهم المرض وأثره الغذائي
البنكرياس غدة أساسية خلف المعدة، مسئولة عن إفراز الإنزيمات الهضمية والأنسولين. عند التهابها، تفقد قدرتها على العمل بكفاءة، مما يؤدي إلى صعوبة في امتصاص الدهون والبروتينات، وظهور أعراض مثل الألم البطني والغثيان والقيء والإسهال. وهنا تظهر أهمية الغذاء كعلاج مكمّل يساعد على تهدئة الالتهاب واستعادة التوازن الهضمي.
النظام الغذائي في حالات الالتهاب الحاد
في المرحلة الحادة من المرض، يُوصي الأطباء غالبًا بالصيام لفترة قصيرة للسماح للبنكرياس بالراحة التامة. خلال تلك الأيام، يحصل المريض على السوائل عن طريق الوريد، حتى تهدأ الأعراض.
مع تحسن الحالة، يبدأ المريض تدريجيًا في تناول السوائل الشفافة مثل مرق الخضار، أو العصائر المصفاة الخفيفة، أو ماء جوز الهند.
بعد ذلك، تُضاف الأطعمة اللينة خفيفة الدسم كالبطاطس المهروسة، والجزر المطهو، واللحوم البيضاء المسلوقة، ثم تتوسع قائمة الطعام تدريجيًا وفقًا لقدرة الجهاز الهضمي على التحمل.
الأطعمة الموصى بها للحالات الحادة
ـ الشوربة قليلة الدسم المعدّة من الخضار الطازجة.
ـ لحوم الدجاج أو السمك منزوع الجلد والمطهوة بالبخار.
ـ منتجات الألبان خالية الدسم مثل الزبادي والحليب المنزوع الدهن.
ـ الحبوب سهلة الهضم مثل الأرز الأبيض والمكرونة البيضاء.
ـ الفواكه المطبوخة والمصفاة، مثل التفاح أو الكمثرى دون قشر.
الهدف في هذه المرحلة هو تقليل الجهد الهضمي وتوفير طاقة متوازنة دون زيادة إفراز إنزيمات البنكرياس.
النظام الغذائي في الحالات المزمنة
عندما يصبح الالتهاب مزمنًا، يحتاج المريض إلى خطة غذائية مستمرة تعتمد على تناول وجبات صغيرة ومتكررة على مدار اليوم، مع مراقبة محتوى الدهون والسكر.
الوجبات المتفرقة تمنع إرهاق البنكرياس وتُحافظ على مستوى طاقة مستقر.
كما أن الاعتماد على الدهون النباتية المعتدلة مثل زيت الزيتون أو الأفوكادو يساعد على تزويد الجسم بما يحتاجه دون إثارة الالتهاب.
خيارات غذائية مناسبة للحالات المزمنة
الحبوب الكاملة مثل الأرز البني وخبز القمح الكامل.
الخضراوات الغنية بالألياف كالبروكلي والكوسا واليقطين.
الفواكه الطازجة كالموز والبابايا والتفاح.
البروتينات الخالية من الدهون مثل السمك والبيض المسلوق والديك الرومي.
الزيوت الصحية بكميات صغيرة كزيت الزيتون أو زيت جوز الهند.
شرب الماء والشاي الخفيف وماء جوز الهند للحفاظ على الترطيب.
أطعمة يجب الابتعاد عنها
هناك قائمة من الأطعمة التي تُعد عدوًا للبنكرياس، لأنها تحفّز الالتهاب وتزيد من الألم. ومن أبرزها:
اللحوم الحمراء والدهون الحيوانية والزبدة.
المقليات والوجبات السريعة الجاهزة.
الأطعمة السكرية مثل الكعك والحلوى والمشروبات الغازية.
النقانق واللحوم المصنعة والمعلبات.
الصلصات الجاهزة مثل المايونيز والكاتشب والخردل.
تجنب هذه الأطعمة هو الخطوة الأهم في حماية المريض من تكرار النوبات.
أسلوب الحياة المساند للتغذية
الغذاء وحده لا يكفي إن لم يرافقه نمط حياة صحي. من الضروري الإقلاع عن التدخين، والالتزام بوزن مناسب، وممارسة نشاط بدني معتدل، مع مراجعة الطبيب دوريًا لمراقبة وظائف البنكرياس وضبط النظام الغذائي بما يتناسب مع تطور الحالة.