في كل عام ترفع العديد من المحافظات المصرية التي تعتمد على زراعة النخيل درجة الاستعداد القصوى لمواجهة آفة سوسة النخيل الحمراء، منها على سبيل المثال لا الحصر محافظة الوادي الجديد التي تتبع خطة شاملة صارمة كل عام للتصدي لهذه الآفة وتلزم مزارعي النخيل على مستوى المحافظة برش النخيل بالمبيدات المضادة للسوسة الحمراء ومن يتأخر يواجه عقوبة السجن أو الغرامة.
منة ونادر يواجهان السوسة الحمراء بالـ AI
وذلك لأن سوسة النخيل الحمراء تعد واحدة من أخطر الآفات الزراعية في العالم، بعدما تحولت خلال العقدين الأخيرين إلى تهديد مباشر للثروة النخيلية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط. يرقات هذه الحشرة تختبئ داخل جذوع النخيل، وتتغذى بصمت حتى ينهار الجذع من الداخل دون أي علامات خارجية واضحة، وهو ما يفسر حجم الخسائر التي تجاوزت 10 مليارات جنيه سنويًا في مصر بحسب تقديرات الفاو لعام 2022، فيما تخسر السعودية أكثر من 400 مليون دولار سنويًا بسبب الآفة نفسها. وفي منطقة تعد من أهم المنتجين عالميًا للتمور، يصبح التعامل المبكر مع الإصابة ضرورة قومية لا رفاهية فيها.
من هنا جاء مشروع "ويفيل نت" لطلاب جامعة مصر للمعلوماتية، ليقدم ابتكارًا يقوم على الاكتشاف الصوتي المبكر للإصابة قبل أن تلتهم السوسة النخلة تمامًا. المشروع اختير ضمن قائمة المشاريع المئة المشاركة في معرض "حلول دبي للمستقبل – ابتكارات للبشرية" 2025، من بين أكثر من ثلاثة آلاف مشاركة تمثل 120 دولة حول العالم.
يشرح المهندس نادر فايد، المتخصص في علوم الحاسوب، لـ" اليوم السابع" طبيعة النظام قائلاً: "من خلال الابتكار نقدر نرصد صوت الحفر الطفيلي جوه النخلة ونحوله لمخططات صوتية تحللها شبكة تعلم عميق بدقة توصل لـ98.2%. الفكرة إننا نسمع الإصابة قبل ما تظهر… قبل ما تكون الخسارة حصلت بالفعل".
ويوضح "لا نحتاج إلى تثبيت المجسات "السينسور" في كل أشجار النخيل، لكن نثبته في بعضه ونرصد الترددات الصوتية في محيط معين".
ويتابع "تكلفة تنفيذ المشروع ليست كبيرة. إحنا بنطرح هنا التقنية بالـ AI وليس "الهارد وير" الخاص بالابتكار، لكن تكلفة تنفيذه مش عالية على الإطلاق، وكمان هو بيحمي البيئة لأننا بنوفر استخدام المبيدات على النخيل غير المصاب ونركز العلاج والمكافحة على النخيل المصاب فقط".
من جانبها تتحدث المهندسة منة الله حسن عن سبب تفكيرها في المشروع :"إحنا من أكبر الدول اللي عندها نخيل، وفي الشرق الأوسط عمومًا الخسائر بالملايين. المشكلة إن السوسة بتتاكل النخلة من جوه، ولما نكتشفها بيكون فات الأوان. الكشف المبكر معناه إنقاذ سنين من الإنتاج، وإنقاذ آلاف المزارعين خاصة إن النخيل بيحتاج وقت طويل عشان ينمو وعشان يثمر".
الابتكار لا يقتصر على النخيل والسوسة الحمراء فحسب وإنما توضح المهندسة منة حسن "نقدر نستخدم نفس التقنية مع أي نوع شجر بتدريب نفس النموذج على اكتشاف أي حشرة بتاكل من جوه الشجرة".
أما د. هدى مختار، المشرفة على المشروع، فتربط بين الابتكار وأثره الأوسع: "المشروع يحقق بجدارة أهداف التنمية المستدامة مثل مكافحة الجوع، ودعم الاقتصاد الزراعي، وتحفيز الابتكار. كما أن الحفاظ على أشجار النخيل ليه تأثير قومي وإقليمي، لأننا منتجين كبار للتمور، وخسارة شجرة واحدة معناها خسارة سنين من العطاء".

منة ونادر يواجهان السوسة الحمراء بالـ AI
.jpg)
منة ونادر