سياسة متكاملة الأركان تنتهجها الدولة المصرية منذ أكثر من 10 سنوات في تعاملها مع ملف الهجرة غير الشرعية ، فما بين إجراءات أمنية وتشريعات للتصدي لعصابات التهريب، وتعاون عابر للحدود بين القاهرة والمؤسسات الدولية والهيئات الأممية ودول الاتحاد الأوروبي، وما بين العمل علي زيادة فرص العمل، وتوفير برامج حماية اجتماعية متنوعة وتوفير فرص بديلة عبر مشروعات صغيرة ومتوسطة، وكذلك استضافة أعداد هائلة من اللاجئين وتمتعهم ببرامج وخدمات الحكومة من صحة وتعليم وغير ذلك.. استطاعت حكومة الدكتور مصطفي مدبولي بتشكيلها السابق والحالي السيطرة وبشكل ملحوظ علي تلك الظاهرة، وهو ما كان محل إشادات غربية متتالية.
الدور المصري الرائد في هذا الملف، دفع الاتحاد الأوروبي علي مدار السنوات الماضية لتبني شراكة استراتيجية مع القاهرة، نظرًا لما تتمتع به من تاريخ طويل من التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية ، وإدارة الحدود مع جيرانها وذلك بعد وصول أكثر من 36.000 مهاجر إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط في أوروبا من يناير إلى مارس 2023، أي ما يقرب من ضعف العدد في عام 2022، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأعطت مصر أهمية لملف الهجرة غير الشرعية على أجندة التعاون الاستراتيجي بين الاتحاد الأوروبي ومصر التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي شريكا مهما ويعول عليها كثيرًا في الحد من هذه الظاهرة ومكافحتها، حيث يدرك الاتحاد الأوروبي مواجهة مصر ضغوطًا كبيرة للهجرة بسبب موقعها وحدودها سواء الشرقية أو الغربية والجنوبية الملامسة للأزمات الكارثية لدول الجوار، وهذا ما استدعى تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية وقضايا تعاون أخرى مثل الطاقة، والأجندة الخضراء، وأجندة المناخ.
وتقوم مصر في استراتيجيتها بتأمين حدودها البرية والساحلية على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، وذلك من خلال إحكام السيطرة على الموانئ الجوية والبحرية والمنافذ البرية، وتفعيل الوسائل التكنولوجية في مجالات الفحص، بما يسهم في التصدي للجرائم العابرة للحدود، وكذلك إحكام الرقابة على المنافذ الشرعية للبلاد والتصدي لعمليات التسلل عبر الحدود.
كما يتضمن برنامج حكومة الدكتور مصطفي مدبولي الجديدة العديد من برامج الحد من الهجرة غير الشرعية ، وذلك بتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة، حيث يحرص البرنامج الحكومي على تعزيز التعاون الدولي ،في كافة المجالات وخاصة مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال سد الفجوة بين المهارات واحتياجات أسوق العمل بالداخل والخارج وأيضا من خلال برامج تدريبية واسعة النطاق للشباب.
كل هذه الخطط والاستراتيجيات، أشاد بها المسئولون الأوروبيون، والذين طالما تضررت دولهم من هجوم الهجرة غير الشرعية، الذى أحاط باقتصادهم ومجتمعهم، وتسبب في زلزال صعود اليمين المتطرف المبنى شعبيته على رفض اللاجئين و منع الهجرة .
وأشاد رئيس وفد الاتحاد الأوروبى في مصر، السفير كريستيان برجر، في تصريحات صحفية سابقة، بالجهود المصرية لمعالجة للمسببات الرئيسية التي تؤدي للهجرة غير الشرعية، حيث ثمن ما تقوم به مصر في هذا الملف باعتباره إحدى أساسيات الحوار الاستراتيجي المصري الأوروبي.
وفى اجتماع سابق للرئيس السيسى مع شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي فى باريس، والذى ناقشا فيه أوجه التعاون السياسى بين الجانبين، حرص "ميشيل" على الإشادة بجهود مصر في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكداً تقدير الاتحاد الأوروبي لهذه الجهود في التعامل مع ذلك الملف، الأمر الذي انعكس على وقف حالات الهجرة غير الشرعية من مصر منذ عام 2016.
كما أكد رئيس المجلس الأوروبي أن مصر تعد نموذجاً ناجحاً في المنطقة في هذا الصدد تحت قيادة حاسمة وحكيمة من الرئيس، فهناك تنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبي حول العديد من القضايا الإقليمية الهامة في المحافل الدولية.
وأكد أوليفر فارهيلي مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار، أن الجانب الأوروبي يعول على مصر كمركز ثقل وشريك استراتيجي في تحقيق التوازن وصون السلم والأمن في جنوب المتوسط، مشيدًا في هذا الإطار بالرؤية المصرية الثاقبة لتحقيق التنمية الشاملة بالبلاد، وبجهودها الحثيثة في مجالي مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والهجرة غير الشرعية، وهي القضايا التي تأتي في مقدمة أولويات الاتحاد الأوروبي، مما جعل من مصر نموذجًا إقليميًا يحتذى به ويحظى بدعم شركائها.
وكذلك قال كونستانتينوس كومبوس وزير خارجية قبرص في تصريحات سابقة لليوم السابع أثناء تواجده في القاهرة الشهر الماضى، إلى أن مصر تتحمل الكثير لتعزيز الأمن والاستقرار ليس فقط على صعيد دول الجوار، وإنما أيضًا لحماية المجتمع الدولى والاتحاد الأوروبى، وتحديدًا فيما يخص ملف الهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى الضغوط المتزايدة التى تتحملها مصر بعد استقبالها للاجئين والنازحين من مناطق الصراعات والحروب.
وجرى عقد عدة مشاورات بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ لبحث أزمة الهجرة وسبل التصدي لها والاتفاق على بروتوكولات تعاون مشتركة ذات طابع استراتيجي لمكافحة التهريب والإتجار بالبشر، ودعم جهود تعزيز الهجرة الشرعية، والتأكيد على الحاجة لجذب مزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل، بجانب مساهمات الاتحاد الأوروبي في توفير المُعِدَّات اللازمة في مجال مكافحة الهجرة.
كما تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية «2016-2026»، وتستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر الاستغلال من جانب المهربين وهم الشباب 18- 35 سنة، والأطفال وأسرهم والوافدين إلى مصر بشكل غير شرعي، كما تسعى إلى ردع ومعاقبة سماسرة وتجار الهجرة، من خلال إجراءات وعقوبات مشددة عبر تعزيز التعاون بين الحكومة والأطراف غير الحكومية والإقليمية والدولية؛ للحد من الظاهرة، ورفع القدرة المعلوماتية ذات الصلة، وزيادة الوعي العام بها، وتعبئة الموارد اللازمة، وتعزيز الإطار التشريعي اللازم لدعم جهود مكافحتها، مع اعتبار التنمية أساسًا لذلك، ودعم مسارات الهجرة الشرعية.
وتشريعيا فى إبريل ٢٠٢٢ أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القانون رقم ٢ لسنة ٢٠٢٢، بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر بالقانون رقم ٨٢ لسنة ۲٠١٦، من أجل التصدي لهذه الظاهرة حيث تم تغليظ العقوبة لتصبح السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
وأمنيًا تم تشديد التواجد الأمني لمنع عمليات التسلل التي كانت تتم عبر الحدود الشرقية، فضلا توقف عمليات التسلل من الحدود الغربية والجنوبية.
وبفضل جهود وزارة الداخلية والقوات المسلحة في تأمين الحدود تم إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية للمصريين والأجانب عبر الحدود البرية والبحرية خاصة التي تطل على البحر المتوسط، وتم حصار سماسرة الهجرة غير الشرعية، ممن يسهلون عبور المهاجرين عن طريق مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة