سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 8 أكتوبر 1917.. الأمير كمال الدين يرفض توسلات أبيه السلطان حسين كامل لوراثته سلطانا لمصر ويسلمه مظروفا مغلقا بالتنازل قبل وفاته بساعات

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 8 أكتوبر 1917.. الأمير كمال الدين يرفض توسلات أبيه السلطان حسين كامل لوراثته سلطانا لمصر ويسلمه مظروفا مغلقا بالتنازل قبل وفاته بساعات السلطان حسين كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان السلطان حسين كامل فى رقدته الأخيرة، وفى 8 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1917، وقبل وفاته بيوم واحد، استدعى ابنه كمال الدين إلى قصر عابدين، وقال له: «إننى سأموت، وأتوسل إليك أن تقبل العرش»، فبكى الأمير وذكر لوالده أنه سيكتب رده ويرسله إليه، وفى المساء تسلم السلطان مظروفا مغلقا بعث به كمال الدين، فوجد به تنازلا منه عن العرش، وأنه مقتنع بأنه يخدم بلاده فى حالته التى هو فيها أكثر مما يمكن أن يخدمها فى حالة أخرى، حسبما يذكر الدكتور مصطفى الغريب محمد فى كتابه «السلطان حسين كامل من الإمارة إلى السلطنة».

يذكر أحمد شفيق باشا فى موسوعته «حوليات مصر السياسية- التمهيد1» ما قاله الأمير فى خطابه لوالده: «يا صاحب العظمة السلطانية، ذكرتمونى عظمتكم بما اتفقتم عليه مع الحكومة البريطانية الحامية وقت ارتقاء عظمتكم عرش السلطنة المصرية من تأجيل وضع نظام وراثة العرش السلطانى إلى ما بعد بحثه، وقد تفضلتم عظمتكم فأعربتم لى عن رغبتكم فى أن تكون وراثة عرش السلطنة المصرية منحصرة فى الأكبر من الأبناء ثم بعده لأكبر أبنائه وهكذا على هذا الترتيب، وإنى لأذكر لعظمتكم هذه المنة الكبرى لما فى هذه الغربة من التشريف لى على أنى مع إخلاصى التام لشخصكم الكريم، وحكمكم الجليل مقتنع كل الاقتناع بأن بقائى على حالتى الآن يمكننى من خدمة بلادى بأكثر مما يمكن أن أخدمها فى حالة أخرى، لذلك أرجو من حسن تعطفاتكم أن تأذنوا لى أن أتنازل عن كل حق أو صفة أو دعوى كان من الممكن لى أن أتمسك به فى إرث عرش السلطنة المصرية بصفتى ابنكم الوحيد، وإنى لا أزال لعظمتكم السلطانية النجل المخلص والعبد الكثير الاحترام».

كان الاعتذار الرسمى فى الساعات الأخيرة التى سبقت وفاة السلطان حسين كامل، إلا أن هذه القضية كانت محل أخذ ورد بين القاهرة والحكومة البريطانية منذ أن تولى حسين كامل العرش عام 1914، حسبما يؤكد الدكتور يونان لبيب رزق فى كتابه «فؤاد الأول- المعلوم والمجهول»، ويكشف أن هذه القضية أثيرت لأول مرة فى أواخر مايو 1915 بعد أن نجا حسين كامل من محاولة اغتياله، ففى لقاء بين السلطان والمندوب السامى البريطانى فى أعقاب تلك المحاولة، طرح أن يكون الوريث أحد ثلاثة: ابنه الأمير كمال الدين، الأمير أحمد فؤاد، وأخيرا عمه الأمير يوسف كمال، وكان السلطان يتمنى لو أن الوريث ابنه، غير أنه عازف عن ذلك، وفى حالة إصراره على العزوف ينصح السلطان باختيار أخيه الأمير فؤاد.

يذكر «رزق» أن الموضوع عاد للطرح فى آواخر أغسطس عام 1917، لتدهور صحة السلطان حسين كامل على نحو ينذر بموته، وفى 21 سبتمبر 1917، وقبل أقل من ثلاثة أسابيع على وفاته، استقر رأى الحكومة البريطانية على أن يكون الأمير أحمد فؤاد هو الوريث، لكنها طلبت من ممثلها فى القاهرة أن يحصل أولا على تنازل صريح من الأمير كمال الدين، ووضعت صيغة خطاب التنازل بالتعاون بين المندوب السامى ورئيس الوزراء، ولم يتأخر الأمير فى التوقيع، ليصبح أحمد فؤاد سلطانا باسم فؤاد الأول.

يصف شفيق باشا الأمير كمال الدين بأنه «مشهور بحرية الرأى وعدم الميل إلى الختل والمراوغة، والنفور من الإدارات الرسمية والابتعاد عنها، ويكره التقييد ويعشق الحرية فى عمله، حيث يمضى أوقاته فى مباشرة أشغاله الخصوصية، والالتفات إلى ما شغف به من الصيد والقنص وتربية أصائل الخيول والهجن، كما أن مركزه العائلى كان يحمله على عدم تضحية أمياله الشخصية فى سبيل الاستيلاء على التاج الذى يزهد فيه بطبيعته، لذلك صمم على التخلى عن عرش السلطنة».

غير أن مصطفى الغريب يرى أن هذا العزوف من كمال الدين لم يكن فى الواقع وطنية منه، كما اعتقد وقتئذ، فى ضوء ما ورد من بعض كلمات فى خطاب التنازل، فلم تكن كلماته فى الأصل، فضلا عن أنه وبعد وفاته عام 1932 ظهرت خطابات كشفت عن سر رفضه العرش، وهى خطابات غرامية أرسلها أعوام 1915 و1916 و1917 إلى سيدة فرنسية تدعى «فيال دى مونتابيه» قيل إنها زوجته وله ابن منها، فكان من أقواله التى سجلها لها: «أنا دست على العرش من أجلك، من أجلك طلقت العرش، ومن أجلك أنا مستعد أن أتخلى عن لقبى وعن ثروتى»، إن عرشى هو قلبك، ولا أستطيع أن أجمع بين عرشين فى وقت واحد، فضلت أن أدوس على العرش ولا أدوس على قلبى، فضلت أن أبقى أميرا معك على أن أبقى أميرا بدونك»، الذى أظهر هذه الخطابات هو محامى السيدة المذكورة، وذلك لمناسبة الدعوى التى رفعها أمام المحكمة المختلطة بالإسكندرية للمطالبة بنصيبها فى ثروته.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة