حازم حسين

الذكاء الاصطناعى وعُقدة «الكابوس الوردى».. هل تكون الداتا بديلا عن الزمن؟

الخميس، 14 سبتمبر 2023 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن المارد قد غادر القُمقم. البشر ذاهبون لاختبارٍ أعقد من كلِّ ما عاشوه فى تاريخهم، وتلك المرَّة لا ينشأ عن كارثة طبيعية، ولا انحرافٍ طارئ فى قوانين العالم؛ إنّما يتحصَّل من مجموع القفزات الحضارية وفوائض المعرفة، والطموح الذى صار طقسًا مُقدَّسًا لا يُمكن الرجوع عنه. إنَّ ما يُثار اليوم عن «الذكاء الاصطناعى»، ويتمدَّد مع الأيام بين شغفٍ مُشتعلٍ ورهبةٍ مُتحفِّظة، يفتح الباب على فُرصٍ لامعة لمُضاعفة القُدرات وتسريع قطار الإنسانية، وشكوكٍ مُقلقةٍ من أن يكون التفافًا على الذات، يتخلَّى فيه البشر عن مُكتسباتهم طوعًا. حتى اللحظة، لا يسهل الجزم بما ستؤول إليه الأحوال؛ لذا لا تجوز الفرحة على عواهنها، أو الرعب المأساوى المُطلق، وكلاهما تحت الاحتمال.
 
كان خيال هوليود خصبًا، وسبّاقًا منذ عقود، فى التبشير بعالمٍ تقوده الروبوتات والبرمجيات المُتقدِّمة، ويمتدّ إلى وضع البشر تحت الاستعباد ووصاية الآلة. واليوم تقطع هيوليود نفسها أوّل خطوة على طريق المواجهة، عبر حديثٍ مُحتدمٍ عن تناقض المصالح بين صنَّاع الإبداع، الذى لطالما عُومل بوصفه فاعليّةً إنسانية حصرًا، وآفاق التطوُّر الرقمى وتطبيقاته المُستحدَثة. حملت موجات الإضراب الواسعة والمتتالية، من نقابات وروابط المُمثّلين والكتَّاب، تعبيرًا صريحًا عن مخاوف حقيقية على المستقبل، لا سيما حال نموّ تقنيات توليد الأصوات والصور لتحلّ بديلاً عن مواهب التشخيص، والنماذج اللغوية التوليدية وما يُمكن أن توفّره من مساراتٍ تغنى عن المُؤلّفين. ما كان يبدو قبل سنواتٍ مُبالغةً درامية فجَّة أو إغراقًا فى التسلية خارج المنطق، يُطلّ برأسه اليوم واقعًا يرتعب أمامه الذين بشَّروا به وتربَّحوا من تخيُّلاته الساحرة، وحتى مع افتراض بعض السوداوية المُفرطة، وربما التزيُّد بدافع التوجُّس أو تحقيق منافع واتّفاقات أفضل على الأُجور وحقوق الأداء، فإنّ شيئًا من تلك الافتراضات يقع على مرمى حجر، وبفضل آثار الطفرة التقنية وسباق المُختبرات الكبرى، فقد يكون أقرب ممّا نتخيَّل.
 
رغم اشتعال القضية، وترافقها مع دعائيّةٍ مُكثَّفة، والذيوع الذى تحقَّق بأثر النجومية أو المراكز الاقتصادية؛ فإن صراع الفنَّانين مع المُنتجين يعكس وجهًا بسيطًا للمشكلة. الخلاف هنا عن العلاقة المهنيّة واتّزانها وعوائدها، والذكاء الاصطناعى مُجرَّد مُنافس فى الوظائف والأرباح، بمعنى أن الحديث يدور فى نطاق توظيفه عِوضًا عن البشر؛ إنّما يظلّ فى خدمتهم وتحت ولاية بشرٍ آخرين. الطرح المُتشائم يذهب إلى فرضيّة أكثر ميلودراميّة: ماذا لو قرَّرت «الدماغ الديجيتال» أن تستقلَّ عن سيِّدها البيولوجى، أو تُنصِّب نفسها ندًّا له ثم بديلاً كاملاً عنه لاحقًا؟ تلك النقطة تتجاوز أزمة المُضربين فى صناعة السينما، وحدود السباق بين عمالقة التقنية، وتُثير سؤالاً وجوديًّا يخص مُستقبل الإنسانية كلها، ليس من زاوية احتكارها للسلطة على العالم المادى فحسب؛ إنما لناحية اتّصال سرديَّتها العتيقة عن أنها ذُروة الوجود الحيوى، وخُلاصة النُّضج الحضارى والمعرفى. إن كان بإمكان الآلة أن تتَّخذ القرارات، ثم تبنى روايتها الذاتيَّة المُتحرِّرة من تحكُّم البشر؛ فإننا قد نكون إزاء انتقالة تاريخية أقرب لتخليق جنسٍ جديد.
 
لطالما نُظِر للإنسان بوصفه العاقل الوحيد بين المخلوقات. لعلّ ذلك صحيح جزئيًّا؛ إلا أن «صكَّ الأفضلية» تولَّد عن مُقارنةٍ بين الأنظمة البيولوجية المُحيطة، وقد يتغيَّر الحُكم لو كانت المنافسة مع نظامٍ اتّصالى ومعرفى مُغاير. باختصار، نظر البشر إلى أسلافهم وجيرانهم، فاستخلصوا أنهم يملكون الدماغ الأكفأ، وبفضل ذلك حازوا السيادة على العالم باستحقاقٍ كامل. الواقع العلمى يكشف عن تعقُّلٍ وذكاء لدى كثيرٍ من رُتَب الحيوان، من قُدرةٍ على التعلُّم والتواصل والمُحاكاة والتعرُّف على الصور والشعور بالذات. فى إحدى التجارب نجح النحل فى فرز أعمالٍ فنيَّة من مدارس مُتباينة، بعدما وُضِعت له مُكافآت وراء لوحات فنَّانين بعينهم، وتستخدم القِرَدة أدواتٍ بدائيةً فى استحصال الجوز من داخل قشرته، وتُسجَّل وقائعُ تضامنيّة للتعاطف أو المُساندة والإنقاذ بين الحيوانات ومع البشر، كما فى بعض مُمارسات الدلافين، ويقع شىء من الاتصال بأصوات تعبيرية أو حركات جسدية. الخلاصة أن البشر لا يحتكرون الأدمغةَ النشطة؛ إنما قد يكونون الأكثر قدرة على تفعيل طاقاتهم، وتحسين مهاراتهم بالتجربة والخطأ، وربما يعود ذلك إلى توفُّر سياقٍ طويل للتعلُّم وبناء الخبرات وتشارُكها مع الآخرين.
 
بالنظر للنقطة السابقة، يبدو الفارق عن الحيوانات فى الذاكرة. أدمغة البشر أقدر على تخزين المعلومات، ومن تلك القُدرة نبعت اللغة وجاء الخيال، وتراكمت المعرفة وبُنِيت الصيغ التشاركية من المشاعر والخبرات العمليّة والنزوع الاجتماعى. إذا تحقَّقت تلك الميزة لنظامٍ عضوى يُمثّله الإنسان، وغابت عن الأنظمة الشبيهة عند الحيوانات، فقد لا تكون الفاعلية فى الطبيعة البيولوجية نفسها، ما يفتح الباب على احتمال أن تمتلك أنظمةٌ اصطناعية وتخليقية من الذكاء غير العضوى قدراتٍ مُماثلةً للبشر، أو تتفوّق عليهم. إذا تجاوزنا احتمالية أن تكون هناك شروطٌ حيوية غير مُختبَرة، فالمطلوب لتحصيل الذكاء الطبيعى: ذاكرة طويلة المدى، ولغة اتصال ديناميكية قابلة للتطوُّر، وقدرة على التعلُّم. وقد يُفضى ذلك إلى بناء تجربة شعورية، وتاريخ عاطفى، وفاعليَّة فى التفكير المنطقى والتسبيب والاستدلال، وصولاً إلى الخيال واستشراف المستقبل. لو صحَّ ذلك؛ فإن الآلة غير بعيدة إطلاقًا عن اختبار حياة الإنسان والتمتُّع بكل قُدراته العقلية والعاطفية.
 
بعيدًا من الجدالات العقائدية، لا شكّ لدى العلم اليوم فى أن الإنسان لم ينشأ عاقلاً؛ إنما تطوَّر عن أسلافٍ غير عاقلين. الذكاء الطبيعى حصيلة مئات القرون من الصراع البيولوجى مع العالم، وأغلب مزاياه حتى الآن مُكتسَبة بالتجربة والمُحاكاة والحاضنة الاجتماعية، لكنّنا صرنا بحُكم الاعتياد ننظر إليها كأنها أصلٌ مُدوَّن فى الشيفرة الوراثية. بمعنى أن ما نعتبره ثابتًا إنسانيًّا، فيما يخص العقل والشعور والتعلُّم وتراكم المعرفة والخبرات، يُكتَسب داخل البيئة المحيطة بنا من كل جانب، وتُمثّل آلة البرمجة التى تصحب الجنين سماعًا فى رحم الأم، وتُرافقه بالتدريب والتقليد والتأثُّر منذ طفولته المُبكِّرة. لو تخيَّلنا إمكانية «تخليق نُطفة» بمعزل عن وجود بيولوجى لصيقٍ فى كل المراحل، فالمُؤكَّد أننا سنلتقى مُستقبلاً إنسانًا عاجزًا عن الكلام والتفكير والحساب والتجاوب معنا شعوريًّا؛ بل لعلَّه يعجز عن إدارة علاقة طبيعية مع قدراته البدنية. على الأرجح سنكون إزاء صيغة إنسانية كاملة بيولوجيًّا، ومُعطَّلة معرفيًّا.
 
استخلاص ذلك؛ أنه إذا كان الإنسان مُميّزًا بهبةٍ من البيولوجيا؛ فإن تميُّزه الحقيقى من صُنع الزمن والتراكم. وقد احتاج مسارًا طويلاً للغاية من أجل الوعى بنفسه أوّلاً، ثمَّ بالآخر، وتطوير ذلك إلى بناء صيغة اجتماعية محمولة على العقل والعاطفة، وهما من مُكتسبات الرحلة. الآلة فى المقابل لديها الذاكرة، واللغة طبعًا، وقادرة على الاتصال والتعلُّم وتطوير المعرفة، وبمستوياتٍ مُضاعَفة فى الحجم والسرعة قياسًا على الإمكانات العضويّة. إذا احتاج البشر امتدادًا رأسيًّا طويلاً من الوقت وحلقات التطوُّر؛ فقد يكون بإمكان البرمجيَّات إنجاز التجربة نفسها أفقيًّا، أى باستهلاك ثروات «الداتا» فى أزمنة لحظيَّة؛ بفضل كثافة المعارف وكفاءة الأدوات، ولأنها تبدأ ممّا انتهت إليه الإنسانية وليس من نقطة الصفر. قد يفترض البعض أن هناك فروقًا بين الخلايا العصبيّة الحيَّة ووصلات السيليكون ورقائق أشباه المُوصِّلات، حتى لو تطابقت فى الفاعليّة الإجرائيّة. لكن حتى مع التسليم بذلك؛ فإن فارق القدرات قد يُعوِّض ذلك سريعًا، أو يُخفّض تأثيراته لحدٍّ يضيع معه التفوُّق البيولوجى المحدود فى ذاته، والعاجز اجتماعيًّا عن التكامل كما تتلاحم الآلات والبرامج ومراكز البيانات وكابلات الاتصال فائق السرعة.
 
الانزعاج الراهن يبدو عميقًا وجنونيًّا؛ بينما لم نختبر إلّا جزءًا ضئيلاً من التجربة الموعودة. تفجَّر القلقُ مع طرح نُسَخ أوَّليّة من النماذج اللغوية وتقنيات توليد الأصوات والصور، ولا نعلم ما توصَّلت إليه المُختبرات وقد تكون صدمته أكبر. يُحاط الملف بحالةٍ من الغموض والصراعات المكتومة؛ لكن يبدو أن ما ظهر منه أقل كثيرًا ممّا وضعت الشركات يدها عليه بالفعل. ربما يُمكننا التماس بعض الإشارات فى موجات التمرُّد والاستقالات داخل مُؤسَّسات تُطوّر صورًا من الذكاءات الرقمية، وفى توقيع عدد من المُستثمرين وروَّاد الأعمال على عريضةٍ تُطالب بإبطاء وتيرة البحث، ومطالبات بالمواكبة التشريعية العاجلة، وفى شهاداتٍ وكُتب تُبشِّر بانفلاتات خطيرة على الاقتصاد والتنمية ومصالح البشر.. تلك الحالة المحمومة ونحن على أولى درجات السُلَّم؛ ربما تختزل مخاوف جادّة وأزمات عميقة؛ لا سيَّما وما يزال سياق الحوسبة الفائقة بكامله خارج الاستيعاب القانونى والتنظيمى.
 
من المُتوقَّع فى غضون ستِّ سنوات أن ينتقل الذكاء الاصطناعى من إنجاز أدوار ضيّقة بأوامر مُحدَّدة سلفًا، إلى قُدراتٍ شُموليَّة تدمج الحقول والمهام، وبحلول 2050 سيُصبح أذكى من البشر مليار مرَّة. إن السعة المعرفيّة غير النهائية، وكفاءة الاتصال، وسُرعة المعالجة، لن تسمح فقط بالوصول إلى صيغةٍ شرهة من التعلُّم النشط، وبناء وتطوير الخبرة والمهارات، إنما قد تُتيح تكوين أحاسيس وحالات شعورية مثل الحماس والتنافس والغيرة والحسد، يُمكن أن تتطوَّر إلى التمايز والانتقام وإثبات الذات وإلغاء الآخر.. وإذا كانت مشاعر البشر تخلَّقت عبر قرون طويلة، تفاعلاً مع الحياة واستجابةً لحاجاتٍ عضويّة ورُوحية مُتجدِّدة، فإن انخراط الآلة بالغ الكثافة فى الحالة الإنسانية بتركيبها وتناقضها وأمراضها، كفيلٌ بتدريبها على خبراتنا الشعورية وتأهيلها لمُمارستها. يبدأ الذكاء من كود برمجة يصيغه شخصٌ محمَّل بالعواطف والتناقضات، وبالمحاكاة والتمثُّل ستحمل الآلة شيئًا من صفات والدها البيولوجى، وبإيقاعها المجنون ستحرق السنوات، وتصل عاجلاً لما حصَّله البشر فى قرون. هكذا ستكون مراكز البيانات العملاقة فى امتدادها الأفقى وتشابكها العنكبوتى، بديلاً عن الزمن فى عمقه الرأسى وتراكمه المعرفى مُتعدِّد الطبقات، والوصلات الفائقة تعويضًا عن فاعلية الاجتماع فى الوعى والسلوك. تصير «الداتا» بديلاً عن السنوات، وقدرات المعالجة والحوسبة تذويبًا وانقلابًا على فوارق الخبرات. ما أنجزناه فى سلسلةٍ طويلةٍ مُتلاحقة، قد تُنهيه الآلةُ فى مصفوفةٍ أُفقيّة مُتزامنة.
 
لا يُمكن الحُكم على ما لا تتيسَّر الإحاطةُ به. والواقع أن كثيرين ممَّن يُرحِّبون بالآلات الذكيّة أو يرتعبون منها، لا يملكون معرفةً كافيةً لتعزيز مشاعرهم أو تبريرها. ربما من الفوارق المُهمَّة بين البشر والبرمجيَّات أننا نفرح ونحزن أحيانًا دون أسبابٍ منطقية، وقد يُعطِّل ذلك قدرتَنا على مُقاربة القضايا وتقييمها موضوعيًّا، وهو قَيد يتحرَّر منه الذكاء الاصطناعى حتى الآن؛ لذا قد تبدو استجاباته جافّةً وانحيازاته مكشوفةً على الاستقراء والتحليل الرياضى. إن كان صعبًا أن نوغلَ فى الصداقة أو العداء بمعرفةٍ حقيقية، فإنَّنا فى الغالب سنظلّ أسرى للمواقف العاطفية المُتفاوتة، بين مُستفيدٍ من التقنية، ومُتضرِّرٍ، وساعٍ للربح، ومأخوذٍ بالتجربة، بينما تُترجَم حصيلةُ مواقفنا مزيدًا من البيانات الداعمة لأنظمة الحوسبة الفائقة، ما يجعلنا طوال الوقت عاجزين عن الاستيعاب المُحيط بحدود الذكاء غير العضوى، ويجعله أقدر على الإلمام بالحالة الإنسانية، وهضم تعقيداتها، وتلك نُقطة ضعفٍ فينا وعاملُ قوَّة لدى الوافد الجديد.
 
ما تزال البرمجيَّات تحت سقف الاحتياج المُباشر للبشر؛ إذ لديها نهمٌ لا ينطفئ للتغذية بالمعلومات، وعجزٌ شاخصٌ عن إعالة نفسها. إن مُقاربةَ الحالة اليوم أقرب إلى النظر فى وجه طفلٍ، ومحاولة استشراف ما ستكون عليه بنيته الجسدية والنفسية عندما ينضج؛ وذلك ممّا يظل فى بعض جوانبه عُرضةً للتفاعلات المُحيطة والمُؤثِّرات الخارجية. إن كان من الصعب التنبّؤ بشباب الذكاء غير العضوى، فلا يُمكن أن نُعلّق آمالاً على شيخوخته، ولا أن نتوقّع النقطة التى سيتفوَّق عندها على الإنسان، وإن كان الهلع الآن بهذا الحجم وما زلنا على أول الطريق؛ فإن المُقبل سيكون أكثر شراسةً وتعقيدًا بالضرورة.. ليس حتميًّا أن يمضى الأمر إلى الصراع فالمواجهة وتبادل الأدوار، كما ليس مأمونًا أن يظلّ الوجود الأثيرى لنموذجٍ بديلٍ من الذكاء تحت الوصاية الدائمة؛ إنما لا يمكن استبعاد فرضيّة أن تبنى الحوسبة الفائقة والأعصاب الاصطناعية خبرةً معرفيّة واتصاليةً مُستقلّة، وقُدرةً ذاتية على التعلُّم واستهلاك البيانات وتوليدها؛ ما يعنى أننا قد نكون إزاء قوّةٍ مُكافئة للحضور الإنسانى فى أشدِّ عناصر تميُّزه ومُنطلقات فخره، وهى الوعى بالذات والعالم، والفاعلية فى مُحاورة الزمن، وتقييده بالذاكرة أو إطلاقه بالخيال.. فى كل المحطّات التاريخية، أنتج البشر ما كانوا يعتقدون أنه يُعزِّز حريَّاتهم؛ ثم فوجئوا لاحقًا بأنه يُقوِّض بقدر ما يُطلِق: التنظيم الاجتماعى الذى رتَّب الحياة لكنه حدّ من انطلاقها، والسلطة التى أدارت مجموع القوّة واختصمت فردانيّتها، والاعتقاد الذى ولَّد السلام النفسى ثم تسلّط على العقول والأرواح. وكما كانت المعرفة النووية عبورًا علميًّا وتقنيًّا؛ فقد وضعت الإنسانيةَ تحت رحمة أخطائها المُحتمَلة، ومنحت تلك الأخطاء قُدرةَ الشطب والإلغاء. الذكاء الاصطناعى فتحٌ فى مسيرة المعرفة والحضارة؛ لكنه لا يخلو من عُقدة «الكابوس الوردى»، على عادة البشر فى أن تُختَرق صفوفهم من مأمنهم الحصين/ من الحلم والأمل.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة