أحمد إبراهيم الشريف

النوالة لـ هبة الله أحمد.. سردية الخوف والانتظار والإنسانية

السبت، 03 يونيو 2023 10:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكتابة ليست رصدا لحكاية الإنسان فقط، لكنها فى المقام الأول رصد لمشاعره وأحاسيسه، وقد انتهيت مؤخرا من قراءة المجموعة القصصية "النوالة" للكاتبة السكندرية المتميزة هبة الله أحمد، والصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتابة، ورأيت كيف ترصد الأحاسيس المختلفة وعلى رأسها الخوف الذي يسري بين الجميع رجال ونساء.
 
 يظهر الخوف محيطا بالمرأة فى المجموعة، ويمكن القول – بداية - إن المرأة فيها ليست "امرأة واحدة"، بل متعددة من حيث طريقة بناء الشخصية ومن حيث الموضوع الذي تناقشه، لكن هناك ما يجمع  بين الشخصيات النسائية جميعًا، فالانتظار يطاردهن، كما أنهن يملكن رؤية للمستقبل بالمعنى الفعلي والمعنى المجازي، ويؤرقهن موقفهن من الأشياء ورغبتهن في النجاح، ويتحملن كثيرًا، يفعلن ذلك من أجل الحبيب ومن أجل الابن ومن أجل أن يتركهن الناس في حالهن.
 
واستوقفتني شخصية الجدات في المجموعة، فلهن التأثير الكبير ولعل الإهداء الذى ساقته هبة الله في صدر المجموعة يدل على محورية الجدة.
 
والمجموعة حافلة بالمعرفة من شعر عامي وأغاني شعبية وطقوس تراثية، لكن المعرفة الأهم تتعلق بنفوس الناس بطريقة تفكيرهم بمشاعرهم وردود أفعالهم.
 
وتمتاز المجموعة بحسها الإنساني العالي، حيث تنطلق هبة الله من رؤية أن دور الأدب أن يحفظ للعالم توازنه، وليس سوى "الإنسانية" القادرة على فعل  ذلك، ولعل قصة "صحبة" هي النموذج الأكثر اكتمالا في هذا الشأن، ويأتي الحس الإنساني في القصة من نماذج بشرية قد نلتقى بها في طريقنا لكننا قد لا نتنبه لتفاصيل حياتها الغنية.
 
بالطبع لا أستطيع حصر القصص الإنسانية لكنها في مجملها لا تمر مرور الكرام، بل تترك علامتها على أرواحنا، ومن باب الإشارة لا الحصر نقرأ (أم سعيد، سيدنا، النوالة، مانيكان، ومسلسل الساعة الثامنة، والعشة المسحورة) فنجدها حافلة برؤية الإنسان وضعفه وقوته. 
 
وتظل قصة "فاتحة خير" هي قصتي في المجموعة، تلك التي أعدت قراءتها أكثر من مرة، وتعلقت بمريمياتها، ففرحت لفرحهن وحزنت لحزنهن وضحكت معهن وترقبت مع ترقبهن، والقصة بصورة أو بأخرى هي قراءة لحياتنا جميعًا، من بهجة الطفولة إلى ألم الموت وحزن الأصدقاء، وبلغة "رهيفة مؤثرة" قدمت هبة الله أحمد واحدة من القصص الخالدة بالنسبة إليّ،  تلك التي جعلتني أحب فن القصة القصيرة أصلًا.
 
وقد زرت الإسكندرية كثيرًا، وكنت أظن أني أعرفها جيدًا، لكن بعدما انتهيت من مجموعة "النوالة" تيقنت أنني لم أر من المدينة شيئا، ولم أعرف عن ناسها إلا القليل، وأن الناس هناك محملون بالحكايات، ولديهم رغبة عارمة فى الحكي، لكنه حكي مصبوغ بالفن، هكذا أخذتني المجموعة وأن أشكر لهبة الله صنيعها.
الخلاصة أن المجموعة مغرمة بالتفاصيل تلك التي نمر عليها مرور الكرام، تتوقف عن تلك الهنات التي تصنع الحوف والفرح، فعند كل فقرة نجد إشارة تدل على الحب وأخرى تدل على البعد، أي أنها "حياة" كاملة بكل ما فيها.
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة