أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: الدراما‭ ‬والاستقطاب.. ‬الفرجة‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬مساحات‭ ‬مشتركة‭

السبت، 15 أبريل 2023 10:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬تُولد‭ ‬الحوارات؟‭ ‬وكيف‭ ‬يصل‭ ‬الخلاف إلى منتهاه، و‬الاستقطاب‭ ‬إلى‭ ‬أقصاه؟‭ ‬يمكنه‭ ‬متابعة‭ ‬الاختلافات‭ ‬الفنية‭ ‬والتى‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬معارك‭ ‬قَبلية‭ ‬حول‭ ‬دراما‭ ‬رمضان،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المستخدمون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬حوار‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يشاهدونه،‭ ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬الوثوق‭ ‬بآرائهم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصير‭ ‬العالم‭ ‬ومستقبل‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية؟!
وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬فرصة‭ ‬للفرجة‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬آراء‭ ‬متعددة،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قاعدة‭ ‬للحكم‭ ‬أو‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الآراء‭ ‬الحقيقية،‭ ‬هناك‭ ‬ازدواجية،‭ ‬ورغبة‭ ‬لجذب‭ ‬الأنظار‭ ‬أو‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬وإعجاب‭ ‬وقلوب‭ ‬وتصفيق،‭ ‬ممن ‬يطرحون‭ ‬آراءهم‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬مسبقة،‭ ‬وبالطبع‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يطرح‭ ‬رأيه‭ ‬اقتناعا‭ ‬أو‭ ‬انحيازا،‭ ‬ويظهر‭ ‬تأثير‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬طريقة‭ ‬تعاطى‭ ‬الجمهور‭ ‬وتفاعله،‭ ‬بشكل‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬التريند‭ ‬المصنوع‭ ‬والواقع‭ ‬الذى‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه،‭ ‬والعمل‭ ‬الذى‭ ‬يشد‭ ‬الجمهور،‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الفنان‭ ‬أو‭ ‬غيره،‭ ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬الدراما‭ ‬تعالج‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬رغبات‭ ‬الجمهور،‭ ‬فيقبل‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬صادما‭ ‬لمن‭ ‬يسعى‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬الأسباب‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الجمهور،‭ ‬وهو‭ ‬نقاش‭ ‬دائر‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬حول‭ ‬أعمال‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬والتليفزيون. ‬
 
‭ ‬هناك‭ ‬تحولات‭ ‬وتغيرات‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬معها‭ ‬الدراما،‭ ‬خاصة‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬والعائلية،‭ ‬الطلاق،‭ ‬والتعدد‭ ‬بين‭ ‬الرفض‭ ‬والقبول،‭ ‬وهى‭ ‬ظاهرة‭ ‬تخضع‭ ‬لآراء‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وأحيانا‭ ‬دينية،‭ ‬وعند‭ ‬طرح‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار، ‬ينقسم‭ ‬الجمهور حسب‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الموضوع،‭ ‬ولهذا‭ ‬تظهر‭ ‬آراء‭ ‬تهاجم‭ ‬بشكل‭ ‬مسبق، ‬مرة‭ ‬تهاجم‭ ‬المضمون‭ ‬وتسعى‭ ‬لتصيّد‭أ ‬خطاء،‭ ‬وأخرى‭ ‬تعتبر‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬اجتماعية‭ ‬وإنسانية‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الإهانة،‭ ‬وهو‭ ‬تناقض‭ ‬واضح‭ ‬يظهر‭ ‬حجم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات،‭ ‬البعض‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬قضايا‭ ‬الأسرة‭ ‬أو‭ ‬الصراعات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬واقع‭ ‬يستحق‭ ‬العرض‭ ‬دراميا،‭ ‬بينما‭ ‬نفس‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬يرفض‭ ‬طرح‭ ‬موضوعات‭ ‬تتعلق‭ ‬بحياة‭ ‬المرأة‭ ‬وعملها‭.‬
 
أكثر‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬يعالج‭ ‬موضوعات‭ ‬الطلاق‭ ‬والخلافات‭ ‬الزوجية‭ ‬والوصاية‭ ‬والميراث،‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬والأطفال‭ ‬ومصائرهم،‭ ‬ومنها‭» ‬مذكرات‭ ‬زوج»‭ ‬أو‭» ‬جعفر‭ ‬العمدة»‭ ‬و «تحت‭ ‬الوصاية»، ‬والأخير‭ ‬يثير‭ ‬ويعالج‭ ‬قضية‭ ‬شديدة‭ ‬الحساسية،‭ ‬وموجودة‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬حولنا،‭ ‬حيث‭ ‬تنعكس‭ ‬مصائر‭ ‬العائلات‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬وأيضا‭ ‬قضية‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬أو‭ ‬التناقضات‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬والصراعات‭ ‬الدينية‭ ‬والقبلية‭ ‬والتقاليد‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تنتمى‭ ‬إلى‭ ‬الدين،‭ ‬ويسعى‭ ‬البعض‭ ‬لإلباسها‭ ‬ثوبا‭ ‬دينيا،‭ ‬بينما‭ ‬القضية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالطمع‭ ‬والمصلحة‭ ‬ومحاولة‭ ‬انتزاع‭ ‬النفوذ‭.‬
وداخل‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬الموضوعات،‭ ‬هناك‭ ‬اختلاف‭ ‬ومواقف‭ ‬مسبقة‭ ‬من‭ ‬الممثل‭ ‬نفسه،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬سابق‭ ‬أو‭ ‬حال،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الموضوع،‭ ‬ودائما‭ ‬كانت‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬التى‭ ‬تجذب‭ ‬الجمهور‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬تصدم‭ ‬النخب‭ ‬ويجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬مطالبين‭ ‬بتبرير‭ ‬الرفض‭ ‬لأنفسهم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقنعوا‭ ‬الجمهور‭.‬
 
‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬فى‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬أيضا‭ ‬تسودها‭ ‬الاختصارات‭ ‬والأحكام‭ ‬المطلقة،‭ ‬باستثناءات‭ ‬قليلة،‭ ‬وتنتشر‭ ‬ظاهرة‭ ‬النقد‭ ‬اللحظى،‭ ‬وإطلاق‭ ‬الأحكام‭ ‬أثناء‭ ‬عرض‭ ‬الحلقة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬لتطورها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬اكتمالها،‭ ‬بينما‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬فى‭ ‬أغلبها‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬إلى‭ ‬الخيال،‭ ‬وتسعى‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬التشويق‭ ‬والجاذبية‭ ‬التى‭ ‬تطيل‭ ‬بقاء‭ ‬المشاهد‭ ‬متابعا‭ ‬للأحداث،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية‭ ‬تعتمد‭ ‬أحيانا‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬وتطرح‭ ‬موضوعات‭ ‬فى‭ ‬الواقع،‭ ‬لكن‭ ‬الاستقطاب‭ ‬والانحياز‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬رأى‭ ‬شخصى،‭ ‬ورأى‭ ‬منقول‭ ‬أو‭ ‬مبنى‭ ‬على‭ ‬تبعية‭.
 
وهذا‭ ‬الانقسام‭ ‬الحاد‭ ‬الذى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الصدام‭ ‬حول‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬أو‭ ‬فيلم،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذى‭ ‬يجرى‭ ‬حول‭ ‬مباراة،‭ ‬ويجعل‭ ‬الاختلاف‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬التشاحن والاحتقان والفتنة،‭ ‬ربما‭ ‬اتهام‭ ‬من‭ ‬يتفرج‭ ‬بأنه‭ ‬ناقص‭ ‬عقل‭ ‬وخال‭ ‬من‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ويرد‭ ‬الآخر‭ ‬باتهام‭ ‬الأول‭ ‬بالسطحية‭ ‬والجهل،‭ ‬وهو‭ ‬مشهد‭ ‬رأيناه‭ ‬فى‭ ‬السابق،‭ ‬ونتابعه‭ ‬وسط‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفرجة،‭ ‬بينما‭ ‬الدراما‭ ‬فى‭ ‬الأصل‭ ‬للتسلية‭ ‬والفرجة،‭ ‬لكن‭ ‬انتقل‭ ‬الاستقطاب‭ ‬من‭ ‬الرياضة‭ ‬للسياسة،‭ ‬وانتقلت‭ ‬العدوى‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬أمام‭ ‬فرق‭ ‬من‭ ‬المختلفين‭ ‬الذين‭ ‬يتحاربون‭ ‬بالكلام،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬أى‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬مساحة‭ ‬مشتركة.

 








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة