أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

مفهوم "الجمهورية الجديدة".. سياسة "إعادة بناء" الإقليم

الخميس، 28 يوليو 2022 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نتائج الاستفتاء الذي شهدته تونس، والذي يترقبه الملايين في المنطقة العربية، تبدو مفصلية وحاسمة، ليس فقط في إطار بداية "فصل جديد" في تاريخ البلاد، وإنما ميلاد "جمهورية جديدة"، تتجه نحو الحداثة، وتفتح الباب أمام خطوات جادة لتحقيق التنمية، والاستقرار، بعد سنوات، تعرضت فيها البلاد لمحاولات حقيقية لاستنزاف مقدراتها، على يد حفنة من المتسلقين، سعوا إلى القفز على إرادة الملايين في تحقيق إصلاح حقيقي، خلال "الربيع العربي"، ليستحوذوا على مقاعد السلطة، والسيطرة عليها دون رقيب أو حسيب، لتشهد "الخضراء" فترة من التراجع الاقتصادي، والمجتمعي، ناهيك عن انتشار للاغتيالات السياسية التي استهدفت رموز المعارضة، في سيناريو، يبدو مستنسخا، من نماذج أخرى بالمنطقة، ربما سقطت بعضها في مستنقع الحروب الأهلية.
 
ولعل الحديث عن ثنائية "الربيع العربي"، و"الجمهورية الجديدة"، ملفتا للانتباه إلى حد كبير، فيما يتعلق بحالة الارتباط الكبير بين مصر وتونس، فانطلاقة الانتفاضات الشعبية، كانت من تونس لتتبعها مصر بعد ذلك، ثم المنطقة بأسرها، بينما أرست مصر قواعد "الجمهورية الجديدة" منذ ثورة 30 يونيو، عبر العديد من المراحل، التي لاحقتها تونس في العديد منها، وإن اختلف ترتيبها، ففي الوقت الذي ثار فيه ملايين المصريين في ميادين القاهرة والمحافظات، باتت الحالة التونسية تتمخض عن ثورة حقيقية، إثر تفشي الاغتيالات السياسية التي طالت العديد من رموز المعارضة، وعلى رأسهم شكري بلعيد، وهو ما دفع حكومة راشد الغنوشي إلى الاستقالة بعدها بعدة أشهر، قبل أن تعود مجددا بعد ذلك بسنوات، عبر انتخابات شهدت مقاطعة كبيرة من قبل ملايين التونسيين، ربما كانوا يستعدون لموجة جديدة من ثورتهم، للإطاحة بهم نهائيا، خاصة بعدما قادوا البلاد إلى حالة أشبه بالعجز الاقتصادي الكامل، ناهيك عن عدم القدرة على التعامل مع أزمة كورونا.
 
ولكن لم تتوقف المراحل المتقاربة في ميلاد الجمهورية الجديدة في تونس، مع نظيرتها في مصر، على مجرد الحالة الثورية التي أطاحت بالجماعة الإرهابية، وإنما في خطوات، وإن اختلفت في ترتيبها وتوقيتها نوعا ما، ولكنها تبقى إصلاحية في المقام الأول، بدءً من تعيين حكومة وطنية، تعكس في تشكيلها مكونات الشعب التونسي، والدعوة إلى حوار وطني، يشمل كل الأطياف، ماعدا من تلوثت أياديهم بالدماء، بالإضافة إلى انطلاق بعض المشاريع التنموية القابلة للزيادة في المرحلة المقبلة، منها مشروع جسر بنزرت الجديد، والذي أطلقه الرئيس قيس سعيد، قبل عدة أيام، متعهدا بالمزيد في الأيام المقبلة، وقبل كل ذلك تضييق الخناق على الفاسدين.
 
الحالة التونسية، وتقاربها الملفت من التجربة المصرية، والتي لم ترتبط فقط في استخدام مصطلح "الجمهورية الجديدة" للتعبير عن طموحات الدولة في مستقبل مشرق، وإنما أيضا في طبيعة المراحل التي مرت بها، ربما يمثل انعكاسا صريحا لتغييرات عميقة في بنية المنطقة العربية، وفي القلب منها الشرق الأوسط، والتي باتت تتجه دوله نحو إصلاحات سياسية، متزامنة مع خطوات تنموية، ناهيك عن تحركات إقليمية تعتمد نهج التوافق، وتغليب المصالح المشتركة، وهو ما يحقق الاستقرار عبر مسارين، أولهما داخل كل دولة، مما يساهم في منع تصدير حالة الفوضى من دولة إلى أخرى، بينما يقوم الأخر على المستوى البيني، من خلال تجنيب الخلافات أو على الأقل تجميدها مرحليا، لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
 
فلو نظرنا، على سبيل المثال، إلى مبادرة الحوار الوطني، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أبريل الماضي، نجد أصداء كبيرة لها في الجزائر والسودان، بالإضافة إلى تونس، عبر دعوات مماثلة، وربما بنفس المعايير، في انعكاس صريح لنهج إقليمي يبدو مختلفا، يقوم في الأساس على تحقيق الاستقرار في الداخل عبر مبادرات وطنية، بعيدا عن أية محاولات للتدخل الخارجي في الشئون الداخلية، ليكون مدخلا لحالة الاستقرار الإقليمي، عبر تعميم مفهوم الحوار، بين القوى الإقليمية، وهو ما يبدو واضحا في العديد من المشاهد الإقليمية في الأشهر الماضية.
 
وهنا يمكننا القول بأن ثمة حالة من تصدير المفاهيم والمبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية، تهدف إلى خلق حالة إقليمية مستقرة، تعتمد التنمية نهجا، والحوار أسلوبا سياسيا، لا بديل عنه، فتصبح "الجمهورية الجديدة"، ليست مجرد مفهوم مرتبطا بحالة الدولة المصرية، وإنما تتحول إلى حالة إقليمية من شأنها إعادة هيكلة الإقليم، في إطار "شرق أوسط جديد مستقر"، بعيدا عن الصراعات سواء على المستوى الأهلي أو الإقليمي.
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة