بيشوى رمزى

مصر والشراكات الإقليمية.. وبناء "التحالفات الدولية" للمنطقة العربية

الأحد، 29 مايو 2022 04:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من الظروف الدولية المتأزمة فى المرحلة الراهنة، وتداعيتها الكبيرة، على كافة مناطق العالم، وفى القلب منها المنطقة العربية، تبدو الأزمات الراهنة، فرصة مهمة للدول العربية، فى العديد من المسارات، ترتبط فى جزء منها ببناء التعاون العربى – العربى، وذلك لتجاوز الأوضاع الراهنة، من جانب، بينما يبقى "بناء العلاقات الدولية"، مسارا ثانيا، يمكن انتهاجه بحثا عن دور أكبر على المستوى العالمى، من جانب أخر، وهى المسارات التى تبدو مرتبطة ببعضها إلى حد كبير، حيث يبقى التعاون بين الدول العربية، عبر تعزيز العمل العربى المشترك، بمثابة مدخل مهم لتحقيق الهدف الأخر، من خلال بناء علاقات أقوى مع المحيط الدولى، وبالتالى دور أكبر فى المجتمع الدولى بأسره، فى ظل عالم يتشكل من جديد، وتحالفات تبدو فى مرحلة البناء، بعد حالة من عدم اليقين فى "بنية" المعسكر الغربى، على خلفية الارتباك الكبير فى العلاقات بين أعضاءه فى السنوات الأخيرة، والتى تأججت بالأكثر مع اندلاع الأزمات الأخيرة، وأهمها الأزمة الأوكرانية.

ولعل إرهاصات التغيير فى الموقف العربى فى الميزان الدولى، قد بدأت ملامحه مع تحركات مهمة، من قبل الدولة المصرية، وشركائها الإقليميين، عبر دبلوماسية، سبق وأن أسميتها، فى مقال سابق، بـ"بناء التعاون"، والتى تقوم فى الأساس على بناء تحالفات صغيرة، يمكن البناء عليها وتوسيعها، لتشمل كل دول المنطقة فى المستقبل، منها التحالف الثلاثى بين مصر والأردن والعراق، فيما يسمى بـ"الشام الجديد"، مرورا بالتقارب الكبير مع الجزائر، وتونس، لتكوين لبنة جديدة للتعاون فى شمال إفريقيا، وحتى مبادرة "الشراكة الصناعية"، والتى جمعت بين مصر والأردن والإمارات، وهى المبادرات التى تحمل أهدافا مشتركة، أهمها تعزيز التعاون والتنمية المستدامة، والتى تمثل ذروة اهتمام الدولة المصرية، منذ ميلاد "الجمهورية الجديدة"، وهو ما يمثل انعكاسا لتعميم التجربة التى خاضتها مصر فى السنوات الماضية، من جانب، بالإضافة إلى العمل من خلال هذه التحالفات على تجاوز الخلافات البينية، عبر تعظيم المصالح المشتركة، مما يحقق قدرا من الاستقرار الإقليمى، من جانب أخر، بينما تمثل كذلك انطلاقة لتعاون عربى أوسع فى المستقبل، فى مواجهة تحديات العالم الجديد.

تواتر المبادرات، والشراكات الإقليمية التى تقودها الدولة المصرية، تمثل فى كل منها "لبنة" جديدة فى بناء عملية التعاون الجمعى بين الدول العربية، لتحقيق الأهداف المشتركة، وعلى رأسها العملية التنموية، ومجابهة التحديات، فى مختلف المجالات، لتصل فى النهاية إلى تحقيق مواقف موحدة فى القضايا المثارة سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر حول الخلافات، والتى تمثل "سنة" العلاقات الدولية، والتى تقوم فى الأساس على "البعد المصلحي" لكل دولة.

فلو نظرنا إلى مبادرة "الشراكة الصناعية"، التى انطلقت فى أبوظبى مؤخرا، بمشاركة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، نجد أنها تمثل نواة مهمة لتعزيز العمل العربى المشترك، فى ظل تحديات عدة، لم تعد تقتصر على مجرد الصراعات التقليدية، وإنما امتدت إلى أزمات جديدة، وعلى رأسها التغيرات المناخية، وتفشى الأوبئة، وهى التى تختلف فى نطاقها الزمنى والجغرافى، وبالتالى تحمل تداعيات كبيرة، ربما تفشل أعتى الدول فى الصمود أمامها، وهو ما يخلق الحاجة الملحة ليس فقط لتحقيق مفهوم "التنمية المستدامة"، على المستوى الوطنى، وإنما الانتقال به إلى المستوى الإقليمى، خاصة وأن التداعيات الكارثية للأزمات الكبيرة لا تتوقف عند منطقة بعينها، وإنما صارت ممتدة جغرافية، ولا تتوقف أمام حدود معينة، وهو ما يعكس أهمية مثل هذه المبادرات، فى تحقيق المصالح المشتركة لأعضائها، بينما تتضاءل معها الخلافات إن وجدت، وهو ما يساهم فى تعزيز العمل العربى المشترك فى صورته الكلية.

على الجانب الأخر، يبقى تعزيز التعاون العربى، خطوة مهمة لـ"بناء العلاقات الدولية" للمنطقة العربية، وهو ما يبدو واضحا، سواء على المستوى الفردى للدول العربية، أو على المستوى الجمعى، متجسدا فى جامعة الدول العربية، حيث باتت المنطقة محلا للاستقطاب الدولى فى الآونة الأخيرة، فى ظل مرحلة مهمة، تشهد إعادة هيكلة التحالفات الدولية، وبالتالى تسعى القوى المتصارعة على قمة النظام الدولى نحو الفوز بثقة المنطقة العربية، باعتبارها تمثل أهمية كبيرة سواء جغرافيا أو سياسيا، ناهيك عن أهميتها الاقتصادية الكبيرة، فى ظل أزمات كبيرة تتعلق بالطاقة، والغذاء، وهو ما يساهم فى زيادة ثقل "كفة" العرب فى الميزان الدولى بشكل عام.

وتعد محاولات العديد من القوى الدولية، للتقارب مع العرب، واضحة تماما فى السنوات الأخيرة، وأخرها المنتدى العربى الإسبانى، والذى شاركت الجامعة العربية فى فعالياته، حيث يهدف فى الأساس إلى توسيع التعاون مع الدول العربية، عبر "بيت العرب"، وهو ما يجسد رغبة إسبانية أوروبية، فى اقتحام تلك المنطقة، عبر الحوار والتعاون والتنسيق، وهو ما يمثل امتدادا لمحاولات أخرى كبيرة، سواء من قبل الصين واليابان، فى صورة منتديات للتعاون الجمعى، من جانب، أو توطيد العلاقات مع الدول على المستوى الفردى، وهو ما يعكس الحاجة الملحة لتلك القوى لتعزيز علاقاتها مع محيطها الدولى، من أجل دور أكبر فى النظام العالمى الجديد، الذى تتبلور إرهاصاته فى المرحلة الراهنة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة