فتاوى الدم.. كيف تاجر العثمانيون بالدين من أجل غزواتهم وتصفية معارضيهم

الخميس، 20 أغسطس 2020 06:00 م
فتاوى الدم.. كيف تاجر العثمانيون بالدين من أجل غزواتهم وتصفية معارضيهم العثمانيون - أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الدولة العثمانية دولة حرب، استعمارية غازية، تتاجر باسم الدين فى غزوتها لتصبغها بصبغة الفتوحات الإسلامية، فكان لابد من صدور فتوى من شيخ الإسلام تسبق أو تصحب إعلان الحرب وخروج القوات المسلحة للقتال، وكان سلاطين العثمانيين لا يقدمون على الحرب دون صدور فتوى منه يقرر فيها أن أهداف هذه الحرب لا تتعارض مع الدين وكان أحكام المفتى نهائية لا معقب عليها، وكان الجهاز الإسلامى المنبث فى جسم الدولة يضم الأشراف وهم الذين ينحدرون من سلالة الرسول "ص"، وكان نقيب الأشراف يحتل مكانة عالية فى المجتمع.
 

فتح القسطنطينية

عند فتح القسطنطينية أصدر فخر الدين عشرات الفتاوى التى مكنت السلطان محمد الفاتح من إعدام الإمبراطور البيزنطى وكبار قادة الجيش وصفوة رجال المدينة، إضافة للسماح له بأخذ نسائهم جواري له.
 
كما بارك القوانين البيزنطية التى أصدرها السلطان تحت اسم "قانون نامه سي"، وبلغ عددها 75 تشريعا وأصدر فتوى تؤكد أن تلك القوانين الجديدة توافق إجماع المذاهب الإسلامية الأربعة، كما أباح رسم صور السلطان، وتعليقها على جدران القصر، فى الوقت الذى كان فيه التصوير محرما وفق إجماع شيوخ الإسلام، فى حين حرمها على العامة، وأفتى بتكفير المصورين والرسامين خارج نطاق القصور العثمانية، وحذر من يقدم على ذلك بالإعدام فوق الخازوق.
 

غزو مصر

كان لدى الشيخ على بن أحمد المعروف باسم زنبيلى أفندى، طموحا لدخول العثمانيين مصر، فقد زارها سنة 1503 م، حيث كان فى طريقه للحج واستقر بها لتحصيل علوم في الأزهر ليصله خبر موت أفضل زاده حميد الدين شيخ الإسلام العثمانى زمن بايزيد الثانى، ويسافر إلى تركيا ليتولى المنصب.
 
ظل حلم دخول مصر يراود زنبيلي حتى تحقق مع سليم الأول، بفتوى قتال الغورى وأجاز فيها حكم قتال الملحدين من ولاة السنة الذين قاموا بموالاة الشيعة الصفويين، ثم فتوى أخرى تنص على نفس المعنى ونشرها أكرم كيدو في كتابه "شيخ الإسلام في الدولة العثمانية" الذي ترجمه هاشم الأيوبي ص 109 و 111.
 
حدد المؤرخ التركي أكرم كيدو نصوص الفتاوى الثلاث بأن الأولى قالت "يجوز للحاكم الإسلامي أن يستأصل شأفة الملحدين (يقصد الفرس) بمساعدة جماعة هي أيضًا تعاني طاغية (يقصد المصريين) ومنع هذا الحاكم واستباحة قتله كطاغوت واغتنام ممتلكاته".
 
أما الفتوى الثانية فكانت ردًا على سؤال سليم الأول القائل "هل يحل قتال شعب يحمل اسم الإسلام (يقصد المصريين) يفضل أن يخلط أولاده وأحداثه بعائلات غير المؤمنين (يقصد المماليك) على أن يخلطهم بالمسلمين ؟" فكانت الإجابة من زنبيلي لا ضير في ذلك.
 

حروب الدولة الصفوية

حسبما ذكر كتاب "العرب: من مرج دابق إلى سايكس – بيكو (1916-1516) - تحولات بُنى السلطة والمجتمع " فإن الدولة العثمانية، كانت ترى أن الصفويين والمماليك خطر داهم على نفوذهم، وكانت المذاهب السنية تجمع العثمانيين والمماليك، فاستحل السلطان العثمانى على فتوى دعمته فيها فقهاء دولته تبيح قتل الصفوى وأتباعه ومجاهدتهم، فصدرت الفتاوى من عالميين هما حمزة سروغورز، وكمال باشزاده الشهير بابن كمال الوزير، بتسفيه القزلباش وإدانتهم وبإعلام الجهاد ضدهم، وأعلن كلا من الرجلين أنه يجب على كل مسلم القضاء على أتباعه الشاه إسماعيل، ويذكر أيضا أن العلماء أجازوا للسلطان سليم الاول قتل الشاه، فقاتله وانتصر عليه، ودخل عاصمته تبريز.
 

فتاوى قتل الشيعة والإيزيديين

وأصدر زنبيلى فتوى تجيز قتل الشيعة بالسلطنة، فأمر سليم بحصر عدد الشيعة في الولايات المتاخمة لبلاد فارس بشرق الأناضول وقتلهم جميعا عام 1513، وبلغ عددهم 40 ألفا من قبائل القزلباش، ثم أفتى بإعدام أسرى معركة جالديران والتمثيل بجثثهم.
 
كما أفتى أبو السعود أفندى بقتل الإيزيديين، فشن سليمان القانونى حملة عليهم عام 1564، راح ضحيتها الآلاف وسبى نسائهم، كما ساعد فى تحليل الربا لدعم اقتصاد الدولة وقتها وصدرت الفتوى فى كتاب أطلق عليه "رسالة في جواز وقف النقود"، تحايل فيها على النصوص الفقهية.
 
 

الحرب العالمية الأولى

بحسب كتاب "العلاقة بين الدين والسياسة: رؤى متنوعة" فإنه في أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى، وعندما أرادت أن تخرج الدولة العثمانية للتحالف مع ألمانيا لتواجه القوى المناوئة لها كبريطانيا وغيرها استصدرت فتوى من شيخ الإسلام، بأن الحرب لا تتعارض مع الدين وبالتالي استطاعت الدولة العثمانية أن تكسر كثيرا من مساحات الحرج عن طريق إعلان الجهاد ضد أعدائها، لكن لم تستطع فتوى الجهاد أن تمنع الهزائم الكبرى عن الجيش العثماني غير المستعد للحرب والمنهك فى حروبه الكثيرة بسبب جنون سلاطينه بالحرب.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة