القارئة بسمة محمد تكتب: الصيام والصحة النفسية

الجمعة، 15 مايو 2020 01:00 م
القارئة بسمة محمد تكتب: الصيام والصحة النفسية صيام رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصحة النفسية شأنها كشأن الصحة الجسدية المتعلقة بباقى أجهزة الجسم، والتى بدورها تتعب وتمرض وتحتاج للعلاج، لا داعى للخجل من الحديث عن الصحة النفسية، فمن المهم جدا الوقاية من الأمراض النفسية وعلاجها حين حدوثها.
 
للصيام فوائد عديدة، وأول هذه الفوائد إنماء الشخصية. ومعناه النضج وتحمل المسئولية والراحة النفسية. إنه يعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته، ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية، وبالطبع فإن الصيام يدرب الإنسان، وينمي قدرته على التحكم في الذات. إنه يخضع كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة.
 
وتعتبر الصحة النفسية ضرورة من أهم ضرورات العصر الحديث والصحة النفسية من أهم العلوم التي تهتم بدراسة الإنسان، وأبسط تعريف لها أنها توافق الفرد مع ذاته ومجتمعه وتكيفه وتطوره وفق متطلبات العصر، والصحة النفسية ضرورة حياتية للإنسان، ولها العديد من التطبيقات التربوية والتعليمية؛ فتوافق الفرد مع ذاته وخلوه من الأمراض والاضطرابات النفسية شيء أساسي لتأدية دوره في مجتمعه، وتحقيق توافقه وتكيفه مع مهنته وبيئته التي يعيش فيها.
 
ويعد شهر رمضان المبارك فرصة طيبة لمراجعة الإنسان لذاته وتصحيح أخطائه وإعادة تدعيم علاقاته بالبيئة المحيطة به، وزيادة توافقه مع مجتمعه من خلال قيم الخير والبر والعطاء والتواصل التي ينميها فينا الصيام. 
 
إن الغاية الأساسية للصيام كما ورد في القرآن الكريم هي (التقوى) يقول تعالى في سورة البقرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( البقرة 183) والتقوى مرتبة عظيمة تجعل الإنسان يتوافق مع نفسه ومجتمعه وبيئته لتنعكس على عبادته لربه. 
 
إن الصوم فرصة عظيمة لسمو النفس عن شهوات الدنيا وإعادة النظر في أمور حياتنا بما يجعلها تسمو لنيل رضا المولى عزَ وجل، وهو ما يؤدي لحسن توافق الفرد مع نفسه ومجتمعه وبالتالي تحقيق غاية الصحة النفسية. 
 
وفي هذه الآونة، نحن نمر بفتره حرجه عصيبة نتيجة هذا الفيروس غير المرئي الضئيل، وما له من تداعيات على المستوى العالمي يلهمنا الكثير من العبر ويعلمنا الكثير من الدروس.
 
إنه بمثابة تذكرة ودرساً لجميع البشر، ففي وقت قياسي، تغيرت الكثير من المعادلات والأولويات وتغيرت خريطة العالم بأكمله صعودًا وهبوطًا في معدل القوة والاقتصاد.
 
ولعل أبسط مثال لذلك كثير من المشروعات التنموية والتطويرية والتقدمية تحولت جميعها الي تسخير كل الإمكانات في العكوف على مواجهة التحدي الأكبر وهو كيفية تفادي انتشار هذا الفيروس أولا ومحاولة علاجه ثانيًا.
 
وهذا ينطبق على كل أمور حياتنا حاليا فما كنت تحمل همه قد يتلاشى في دقائق وينتهي أو يتبدل، وكل ما كان شديد الأهمية بالنسبة لك بالأمس، هو ذاته اليوم ليس له أي قيمة أو على أقل تقدير لم يعد من أولوياتك.
 
 هذا الفيروس غير المرئي يمنحنا حكماً وعبراً تزيد لدى المتأمل في حال العالم وانشغاله بمكافحته اليقين والإيمان العميق والرضا بالقضاء والقدر، قد يهلك الله أمماً وشعوباً بأوبئة وأمراض غير متوقعة تظهر فجأة وتنتشر، وبدقائق تزول عروش وتنهار أمم، فالضعيف يصبح قوياً والقوي يضعف وينتهي وفي وقت قليل ترى كل المخططات التي قد وضعت ودبرت لتنفيذها تنتهي ويصرف الله شرها ويزيحها عن درب الشعوب المستضعفة بفيروس صغير غير مرئي. «كورونا» يجعلنا نستشعر الآية القرآنية التي تقول «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون»، «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل». 
 
ومع كل هذا يجب أن لا نفقد أبدا الأمل والشعور بالتفاؤل في أن القادم أجمل وبمشيئة الله سنحتفل بأعيادنا مسلمين ومسيحيين، بدون كورونا ولسوف تعود حياتنا الطبيعية قريبا، كما كانت وربما أفضل بعد أن نعي هذا الدرس جيدا ونستفيد من هذه التجربة القاسية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة