بيشوى رمزى

مأزق الديكتاتور

الأربعاء، 20 نوفمبر 2019 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خطابات وتصريحات يطلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بين الحين والأخر، ليتظاهر بالتماسك أمام التحديات الكبيرة التى يواجهها، إلا أنه يبدو فاشلا فى التغطية على المأزق الحقيقى الذى يواجهه، خاصة فيما يتعلق بموقفه المعلق بين الولايات المتحدة وروسيا، على الرغم من محاولاته المتواترة طيلة السنوات الماضية لاستخدام الورقة الروسية فى مواجهة المعسكر الغربى، فى ظل الخلافات الكبيرة بين أنقرة والغرب.
 
الزيارة الأخيرة لأردوغان إلى الولايات المتحدة تعكس عمق المأزق الذى يواجهه، حيث أن كافة المطالب التى تقدم بها للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قوبلت بالرفض التام، وعلى رأسها التخلى عن الأكراد، بينما يبقى الموقف التركى من موسكو محل جدل، خاصة مع شراء أنقرة لمنظومة الصواريخ الروسية "إس 400"، وهو ما يمثل انتهاكا صريحا لقواعد حلف الناتو، وبالتالى تصبح احتمالات الخروج المهين من التحالف قائمة فى المرحلة المقبلة، فى ظل رغبة واشنطن فى إعادة هيكلة التحالف، ليتوافق مع معطيات العصر، خاصة بعد التصريحات الأخيرة التى أدلى بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، حول ما اعتبره "موتا إكلينيكيا" للحلف.
 
الاختيار يبقى صعبا للغاية أمام الديكتاتور، والذى يجد نفسه بين فكى كماشة، أحدهما ترامب، والذى يمكننا تسميته بـ"الحليف الشرعى" لأنقرة، بالنظر إلى اعتبارات التحالف التاريخى بين أنقرة وواشنطن، من جانب، بينما يبقى الأخر هو الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وهو الصديق "المستحدث" للنظام التركى، والذى حاول أردوغان استخدامه كورقة للمراوغة فى مواجهة التحديات القادمة من الغرب، فى ضوء العديد من المعطيات، وأهمها رفض الطلب التركى حول الانضمام للاتحاد الأوروبى، وكذلك الامتعاض الغربى تجاه دعم الديكتاتور للجماعات الإرهابية، فى سبيل تحقيق حلم الخلافة المزعومة، بالإضافة إلى انتهاج سياسة الابتزاز والتهديد بورقة اللاجئين تجاه أوروبا.
 
مأزق أردوغان يتجلى بوضوح فى موقفه المتأرجح بين واشنطن وموسكو، وهو ما بدا واضحا إبان العدوان الذى شنته قواته على سوريا، حيث اعتبر أن قرار الانسحاب الأمريكى من سوريا بمثابة مباركة ضمنية لاعتدائه على الأكراد، ليجد نفسه أمام أمر أمريكى صريح بوقف إطلاق النار، وإلا سيضطر لمواجهة حزمة جديدة من العقوبات، لتأتى الصفعة الأخرى من موسكو بإجباره على الالتزام بالمنطقة الحدودية بمشاركة دوريات روسية، لينتهى رسميا أى دور تركى فى سوريا.
 
يبدو أن مرارة العقوبات الأمريكية والروسية مازالت عالقة فى حلق الديكتاتور، وهو ما يبدو فى محاولاته لتحقيق قدر من التوازن دون جدوى، حيث لجأ إليها ترامب فى العام الماضى، لإجباره على الإفراج عن القس الأمريكى المحتجز أندرو برونسون، بينما سبقه بوتين فى ذلك عندما أقدمت تركيا على إسقاط طائرة روسية على الحدود مع سوريا،






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة