سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 مايو 1882.. شيخا الإسلام والأزهر ونواب وضباط يرفضون أمام الخديو توفيق إعفاء عرابى من نظارة الجهادية

الأحد، 27 مايو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 مايو 1882.. شيخا الإسلام والأزهر ونواب وضباط يرفضون أمام الخديو توفيق إعفاء عرابى من نظارة الجهادية الخديو توفيق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقد الخديو توفيق احتفالا عظيما خاطب فيه الحاضرين، قائلا: «السياسة اقتضت استعفاء الوزارة، وقبول لائحة من الدولتين، فرنسا وإنجلترا، وحفظت لنفسى الجهادية «وزارة»، وإدارة المصالح الإدارية لحين تشكيل وزارة جديدة».
 
كان ذلك فى يوم 27 مايو «مثل هذا اليوم» عام 1882، حسب الجزء الأول من مذكرات «الزعيم أحمد عرابى» عن «دار الكتب والوثائق القومية- القاهرة»، وكان كلامه فى اليوم التالى لقرار اتخذته الحكومة باستعفائها بعد جلسة عقدها مجلس النواب عرضت فيها رفضها «لائحة الدولتين» بينما قبلها الخديو، وعقد «النواب» اجتماعه بالرغم من رفض الخديو دعوته للانعقاد، ويؤكد عرابى: «قبل الخديو استعفاءهم بفرح وسرور..وأصدر إلى جميع الجهات منشورا حول ذلك».
كان محمود سامى البارودى هو رئيس الحكومة المستقيلة، وكان عرابى وزيرا للجهادية فيها، وأما «لائحة الدولتين» التى قبلها الخديو فكانت وفقا لمذكرات عرابى «دراسة وتحقيق الدكتور عبدالمنعم الجميعى»: «تقدمت لائحة الدولتين بالبلاغ الأخير للوزارة المصرية بطريقة رسمية، ومآلها طلب سقوط الوزارة، وخروج عرابى باشا من القطر المصرى، وتضمن له الدولتان حفظ رتبته ومرتباته ونياشينه، وإقامة عبدالعال باشا حلمى وعلى باشا فهمى فى الأرياف بجهات لا يخرجان منها، وتضمن لهما الدولتان رتبهما ونياشينهما ورواتبهما، وتفكيك صفوف العساكر فلا يبقى منها إلا القدر اللازم لحفظ الحدود القبلية»، ويذكر «الجميعى»، أن مطالب الدولتين «كانت معروفة بين الأهالى باسم اللائحة، وكان عبدالله النديم فى قيادته للمظاهرات بالإسكندرية ضدها»، يقول: «اللايحة..اللايحة مرفوضة، مرفوضة.. ارموها، ارموها».
 
أعلن الخديو قبوله استعفاء الحكومة، فى الوقت الذى كان الأسطولان الإنجليزى والفرنسى فى مياه المتوسط قبالة الإسكندرية، ودافع عن ذلك حسب مذكرات عرابى قائلا فى منشور يوم 26 مايو: «المراكب الحربية الأجنبية التى حضرت إلى الإسكندرية، لم يكن حضورها إلا بوجه سلمى فقط، ولم يكن هناك شىء آخر خلاف ذلك».
 
أحدث قرار الاستعفاء ردود فعل قوية، ويذكر عرابى: «ما إن طير البرق خبر استعفاء الوزارة واحتجاجها على قبول الخديو للائحة إنجلترا وفرنسا حتى بلغ الاضطراب فى جميع بلاد القطر مبلغا عظيما، وأخذ القلق من النفوس مأخذا جسيما، فكثر اللغط وزادت بواعث الإيجاس والخوف ثم حضر إلى العاصمة جميع أعيان البلاد ومستخدمى الحكومة، وقدموا لنا مئات من العرايض بواسطة مديريهم محتجين فيها على عمل الخديو هذا، ومتطلبين أحد أمرين إما رفض اللائحة المشتركة المذكورة، وإما عزل الخديو الذى قبل تدخل الأجانب فى أحوال البلاد الداخلية».
 
حضر احتفال 27 مايو الذى دعا إليه الخديو «وجهاء البلاد وهم وفقا لعرابى»: «نواب وعلماء وشيخ الإسلام والمسلمين والعارف بالله الشيخ محمد عليش، وشيخ المشايخ العاملين القدوة العلامة الشيخ حسن العدوى، والأستاذ الأعظم الشيخ محمد الإنبابى شيخ الجامع الأزهر ورؤساء الجهادية»، وحدث فيه رد فعل مباشر أمام الخديو، يذكره عرابى قائلا: «قام طلبة عصمت باشا، وقال: إننا مطيعون جميعا للجناب السلطانى الشاهانى وللجناب الخديوى، ولكن هذه اللائحة المؤذنة بضياع استقلالنا مستحيل علينا قبولها وتنفيذها، ولا حق للدولتين فى طلب تنفيذها، فهى تتعلق بمسائل هى من اختصاصات الباب العالى أن ينظر فيها، ويستحيل علينا قبول أحد رئيسا للجهادية خلاف رئيسنا أحمد باشا عرابى، وصادق على قوله الشيخ عليش والعلماء جميعا، وطلبوا رفض اللائحة المذكورة، وخروج الأساطيل الحربية الأجنبية من المياه المصرية، وقرأ الشيخ عليش قوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم»، ولما أتم طلبة كلامه، خرج من الحفلة وتبعه جميع الحاضرين»، يضيف عرابى: «بعد خروجهم جاء للمعية تلغراف من ضابطى آلايات إسكندرية بأنهم لا يرضون ألبتة غير عرابى باشا ناظرا للجهادية، وإن مضت 12 ساعة ولم يرجع إلى منصبه كانوا غير مسؤولين عما يحدث مما لا يستحب وقوعه».
 
بدت خطورة هذه التلغرافات من الشخصيات التى وقعت عليها، وفقا لتأكيد عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» عن «دار المعارف- القاهرة»، «لأنهم يمثلون قوات الجيش والبوليس بالإسكندرية وهم: سعد أبوجبل قائمقام بوليس الإسكندرية، على بك داود قائمقام المستحفظين، الميرالاى مصطفى بك عبدالرحيم قائد الآلاى الخامس، والقائمقام سليمان سامى داود قائد الآلاى السادس، والميرالاى إسماعيل بك صبرى قائد آلاى المدفعية، ومحمد كامل باشا وكيل وزارة الحربية، فازداد الموقف حرجا إزاء هذه التهديدات، واشتد هياج الخواطر، وأعلن شريف باشا وغيره ممن يمكن أن يكلفوا تأليف الوزارة أنهم لا يقبلون ألبتة مهمة تأليفها، واشتد حنق العرابيين على الخديو».. وتواصلت الأزمة فى اليوم التالى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة