"الفسيخ" عشق مصرى من نوع خاص.. الفراعنة أول من تناولونه وظهر بالبرديات.. مصل علاج التسمم الناتج عنه يكلف الدولة 210 آلاف جنيه.. كندا والولايات المتحدة حذرتا منه.. والبريطانيون يصفونه بوجبة مميتة يحبها المصريون

الأحد، 08 أبريل 2018 05:00 م
"الفسيخ" عشق مصرى من نوع خاص.. الفراعنة أول من تناولونه وظهر بالبرديات.. مصل علاج التسمم الناتج عنه يكلف الدولة 210 آلاف جنيه.. كندا والولايات المتحدة حذرتا منه.. والبريطانيون يصفونه بوجبة مميتة يحبها المصريون "الفسيخ" عشق مصرى من نوع خاص
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى كل عام يحتفل المصريون بعيد "الربيع" أو شم النسيم، وهو الاحتفال الذى لا يكتمل عند الكثيرين إلا بتناول "الفسيخ" و"الرنجة" والأسماك المملحة فى هذا العيد، كما يقومون بتلوين البيض.

 

بداية العادة كانت بالطبع عند الفراعنة، الذين كانت الظواهر الطبيعية لديهم هى أساس الاحتفالات وتقسيم العام، كما نسبوا التغيرات المناخية العديدة إلى الآلهة لديهم، نتيجة ارتباطهم بفيضان النيل وما ينتج عنه سواء من زيادة فى الحصاد أو ندرة فيه، وما يترتب على ذلك من تأثيرات على حياتهم، لذا كان قدوم الربيع كذروة الاعتدال فى الطقس أمرا يحتفل به قدماء المصريين كثيرا.

 

وقال بسام الشماع، الباحث فى التاريخ الفرعونى لـ"اليوم السابع"، إن المصريين احتفلوا بتناول الأسماك المملحة طوال تاريخهم، وكانوا يقومون بتجفيف تلك الأسماك فى الشمس ووضع ملح عليها عن طريق فتحها مثل "الكتاب" ورش الملح بداخلها، وهو أمر عرف عن المصريين القدماء وظهرت صوره فى العديد من بردياتهم، بخلاف البيض الملون الذى لم يكن موجودا فى زمن الفراعنة، ولم يعرف عنهم من قبل تلوين البيض وهى عادة ربما أتت لاحقا.

 

وأضاف الباحث فى التاريخ الفرعونى، أنه درس أكثر من 35 عاما، أصل مسألة أكل البيض وتلوينه فى عيد شم النسيم لكنه لم يجد أى دليل أو بيضة ملونة ذكرت فى التاريخ المصرى، ما يدل انها وردت من ثقافات أخرى إلى التاريخ المصرى.

 

ويمكننا أن نرى "الفسيخ" كعادة متأصلة فى التاريخ المصرى، حيث يذكره المفكر والمؤرخ المصرى أحمد أمين الطباخ، فى موسوعته "قاموس العادات والتقاليد والتعبير المصرية" المكتوب فى عام 1953، فيقول عن الفسيخ: "كثيرا ما تجد الفلاح ماش فى الطريق بيده اليسرى فسيخة وبيده اليمنى رغيف، يقطم من هذا قطعة ومن ذلك قطعة، وتحبه النساء كثيرا، ونساء المدن يصلحنه بوضع زيت وخل أو زيت وليمون عليه، وهو يشحن إلى القاهرة فى المراكب، واشتهر فى القاهرة الفسيخ النبراوى، نسبة إلى نبروه، وهى قرية قرب شربين".

 

ويستكمل أحمد أمين فيقول: "ومن الفسيخ نوع يوضع فى مش، ويخزن فى بلاص مدة طويلة، وقد اشتهرت به أسيوط وما حولها، ولكن يسمونه الملوحة لا الفسيخ، وهو مؤذ فى الصيف على وجه الخصوص، لأنه يحوج أكله إلى شرب الماء الكثير"

 

وينسب أحمد أمين فى كتابه احتفال المصريين بهذا العيد بأكل الفسيخ والبصل لاعتقادهم بأنه خير من الله يقيهم شر رياح الخماسين، وهى التى يصفها فى كتابه بـ"أيام خمسون بعد شم النسيم تهب فيها ريح شديدة من الجنوب، تكون سموما حارة، تصطبغ فيها السماء بالحمرة، وقد تمتد حتى يتعذر على الإنسان التنفاس، ويشاع بين المصريين أنها أبادت قوافل برمتها فى الصحراء، لذا عرف هذا العيد بـ"شم النسيم" أى استنشاق الهواء النظيف قبل رياح الخماسين".

 

ويبدو أن وله المصريين بالفسيخ نال سمعة وشهرة دولية، ولم يقف عند حدودنا، لكن يبدو أن هذه السمعة لم تكن سمعة جيدة، فترصد مثلا موسوعة الإصابات المرضية فى مصر، ما قالت إنه أكبر حالة تسمم من "الفسيخ" عام 1991 حين توفى 18 مريضا من أصل 91 شخصا أصيبوا بالتسمم خلال عيد شم النسيم.
 

 

موسوعة الامراض تذكر الفسيخ
موسوعة الامراض تذكر حالات التسمم بالفسيخ

 

الشهرة لا تتوقف عند حدود مصر، فلدينا أيضا تحذيرا عاما أطلقته وزارة الصحة الكندية عام 2012 حين أصدرت تحذيرا من الفسيخ، وذلك فى أعقاب تسمم أسرة بعد تناولها فسيخ مغلف قادم من مصر أنتجته شركة تدعى "لوتس"، وكتبت الوكالة الكندية للتفتيش على الأغذية تحذيرا باسم "الفسيخ" قالت إنه قد يكون أنه قد يكون ملوثا بـ "كلوستريديوم بوتيلزم"، وهى السموم التى قد تودى بالحياة، وقالت إن استهلاك الأطعمة الملوثة بالسم قد يسبب الغثيان والقيء والإرهاق والدوخة والصداع والرؤية المزدوجة والحلق الجاف وفشل الجهاز التنفسي والشلل. في الحالات الشديدة من المرض وقد يؤدى للموت.

 

 

تحذير من الفسيخ فى كندا
تحذير من الفسيخ فى كندا

 

أما المركز الوطنى للطب فى الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أصدر هو أيضا تحذيرا من الفسيخ، وقال إنه رصد حالتى من التسمم بسبب الفسيخ، وأطلق تحذيرا منه، قائلا إن المرضى الذين وردوا إلى المستشفيات بعد استهلاك الفسيخ كان لديهم زيادة فى الخمول وضيق فى التنفس، وأطلق بدورها تحذيرا منه.

 

تحذير من الفسيخ امريكا
تحذير من الفسيخ امريكا

 

وما لا يعرفه الكثيرين أن حالات التسمم الناتجة عن "البوتيلزم" من أكثر الحالات المكلفة، فبحسب تصريحات سابقة لرئيس قطاع الطب الوقائى الدكتور عمرو قنديل،  فإن المصل لا ينتج فى العالم سوى بكميات قليل للغاية، وقد وفرت وزارة الصحة منه العام الماضى 132 مصلا، وتبلغ تكلفة علاج المريض الواحد 210 آلاف جنيه.

 

 

ورغم كل التحذيرات التى تطلقها وزارة الصحة كل عام، إلا أن مشهد الطوابير على محلات الفسيخ قبيل الاحتفال بشم النسيم لا يختفى ولو مرة واحدة، وهو ما جعل الصحافة العالمية تهتم بهذا الشغف المصرى بالفسيخ، أو ما أطلقت عليه الصحفية الإنجليزية "مريم بريج" فى تقريرها فى هيئة الإذاعة البريطانية عن الفسيخ بأنه "الوجبة المميتة التى يعشق المصريون أكلها".







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة