"بنأكد على حضرتك المعاد الساعة 12 يا فندم".. هذا هو فحوى مكالمة هاتفية أجراها أحد العاملين بمستشفى بهية بالحاجة "هدى" لتؤكد عليها موعدها لإجراء الكشف الأول لها، منذ هذه اللحظة ومرت الساعات بإيقاع غريب ما بين السرعة والخوف، استيقظت وابنتها صباح اليوم التالى فى تمام الثامنة صباحًا، فهى المرافق الوحيد لها حسب تعليمات المستشفى فى المكالمة الأولى، عقارب الساعة تشعر بقلقهما الذى يخفيانه على بعضهما البعض، إلى أن نزلتا فى تمام العاشرة والنصف.
الطريق لم يستغرق كثيرًا من الوقت، حتى وجدا نفسيهما أمام بوابة المستشفى، الخطوات تتباعد تارة تخشى أن تكون النتيجة صادمة، وتتقارب تارة أخرى آملة الاطمئنان وسماع جملة "الحمد لله مفيش حاجة"، دخلتا إلى البهو ونظراتهما عالقة بشعار "انتى أقوى من السرطان" الذى استوطن الجزء السفلى لليافطة الكبرى الموجودة فى مقدمة البهو، شردتا ثوان ثم بدأتا جولتهما.
مستشفى بهية
اصطحبتهما "اليوم السابع" إلى خطوتهما الأولى فى ملء استمارة البيانات قبل التوجه إلى المصعد، تركتا أرقام الموبايل وبعض المعلومات عن الحاجة "هدى"، ثم وُجهتا إلى "الدور الرابع" حيث حجرة أشعة "الماموجرام".
ارتفع المصعد وضربات قلبيهما حتى وصلتا إلى الدور الرابع، نظرتهما تائهة وانقباضة القلب تظهر على وجهيهما، اتجهتا إلى مكان الاستعلام، فالنظام هو المسيطر على آلية العمل، ملأت "الحاجة هدى" استمارة أخرى أجابت فيها عن الألم الذى تشعر به فى الصدر، حالتها الاجتماعية، وجود أمراض مزمنة، سلمتها لتكون فى الملف الموجود الخاص بكل امرأة أجرت الكشف بالمستشفى، طلبت منها الممرضة الانتظار حتى يأتى دورها.
الانتظار
مقاعد متراصة يفصلها عن حجرة الكشف بضعة أمتار، ملامح الجالسات عليها تجبرك على النظر إليهن بعمق، أيادٍ تطبطب على بعضها البعض يظهر بها سوار روز أو أزرق الأول يدل على استمرار فترة العلاج، والثانى يشير إلى المتابعة بعد انقضاء مراحل العلاج، الأحاديث متشابهة كثيرًا والنظرات كلها متجهة إلى الطابق الثالث الخاص بتلقى جلسات الكيماوى، الذى يظهر واضحًا من بين الأعمدة المعدنية الموجودة فى المنتصف التى ترى منها الطوابق كاملة، المُستجدات يحاولن أن يهربن من المشهد لكن خوفهن يجبرهن على النظر، ومُتلقيات العلاج ينظرن إليه فى استسلام وتمنى أن ينقضى نزولهن إليه.
"الحاجة هدى استعدى" بهذه الكلمات قطعت الممرضة الحاجة هدى وابنتها من شرودهما، أوصلتها ابنتها إلى الباب الذى لا تدخل منه إلا المريضة فقط.
المستشفى من الداخل
روت الحاجة "هدى" لـ "اليوم السابع" ما جرى داخل الحجرة، إذ التزمت بدور آخر وقالت: خلعت ملابسى، وصعدت إلى جهاز الأشعة، تفحصتنى الطبيبة جيدًا ووجهت إلى بضعة أسئلة أبرزها هل تستخدمين وسيلة لمنع الحمل، هل شعرتِ بكتلة تتحرك داخل ثديك، وأضافت "أكملنا الكشف، ووجدت الابتسامة تعتلى شفاه الطبيبة، وهى تقول متقلقيش يا حاجة انتِ زى الفل"، مشيرة إلى أن حالتها لم تكن تستدعى ذهابها إلى المرحلة الثانية من الكشف التى تقودها إلى غرفة "السونار" ثم إلى قسم "الجراحة" بالدور الأول الذى يحدد فيه الطبيب موعد عملية استئصال الورم.
هذه هى تفاصيل رحلة الكشف المبكر فى بهية التى قضتها "اليوم السابع" فى إحدى الذاهبات لإجرائه.
مدخل الدور الرابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة