فى ذكرى رحيله الـ820.. ابن رشد تنويرى أم رجعى؟ أساتذة فلسفة يجيبون

الإثنين، 10 ديسمبر 2018 06:30 م
فى ذكرى رحيله الـ820.. ابن رشد تنويرى أم رجعى؟ أساتذة فلسفة يجيبون الفيلسوف المسلم ابن رشد والدكتور أشرف منصور والدكتور أحمد سالم
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أن الذكرى الـ820 لرحيل فيلسوف قرطبة الوليد ابن رشد أبت أن تمر دون أن تعيد الجدل للرجل الذى عاش حياة حافلة ومر بعدد من الأزمات الفكرية والصراعات الثقافية، قبل أن يرحل فى 10 ديسمبر 1198، لتطرح دراسات حديثة صورة غير نمطية عن ابن رشد، وعن علاقته بخصمه الفكرى الدائم أبى حامد الغزالي، وتؤكد أنهما ليسا مختلفين على نحو جذري، مشيرة إلى "تعتيمة" فى فكر الرجل، ما يعنى إخراجه من دائرة التنوير والاستنارة.

ابن رشد
ابن رشد
وفى الوقت الذى يرى فيه الأكاديمى المصرى مراد وهبة أن «فكر ابن رشد هو المطلوب حالياً وعلينا تغيير الثقافة بداية كى نصبح قوة عظمى"، خرجت العديد من الدراسات الحديثة التى تناقش تلك الفكرة، وتكسر الصورة النمطية للفيلسوف المسلم، بل تعتبره مماثلا للإمام أبى حامد الغزالى، وليس نقيضه.
 
وتستند الدراسة والآراء القائلة بضرورة الخروج من عباءة ابن رشد على عدد من كتابات أبى الوليد ابن رشد نفسه، خاصة كتابيه "مناهج الأدلة" و"فصل المقال"، مشيرة إلى حملها تمييزا من فقيه قرطبة لأهل البرهان، وسلطة لأهل الفلاسفة دون غيرهم، وحول هذه الآراء استطلعنا آراء بعض أساتذة الفلسفة بالجامعات المصرية، والباحثين المتخصصين فى دراسات ابن رشد العلمية.
 

رؤية جديرة بالاعتبار وممتدة فى الفكر العربي

من جانبه قال الدكتور أشرف منصور، أستاذ الفلسفة، بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، انتشرت فى الآونة الأخيرة وجهة النظر القائلة إن ابن رشد لا يمكن أن يؤخذ على أنه تنويرى وعقلانى بالصورة التى يقدمها الكثير من الرشديين العرب، وهذه النظرة لحدود التنوير والعقلانية الرشدية موجودة على نحو خافت فى الفكر العربي، إذ إن كبار المتخصصين العرب فى فكر ابن رشد سبق لهم أن حاولوا طرحها أمثال محمد المصباحي، وهو الأمر الذى نتلمسه عند عدد من الباحثين المصريين مثل نصر أبو زيد وعلى مبروك.
 
أشرف منصور
أشرف منصور
 
وتوقف منصور أمام الرؤية المطروحة مؤخرًا، قائلًأ «نظرة جديرة بالاعتبار، لأن ابن رشد بالفعل يعمل على إقامة حدود فاصلة حاسمة بين العامة والخاصة ويقصر الفلسفة على الخاصة، ويعزل العامة تماماً عن الاطلاع على علوم الحكمة، وذلك بسبب أن هذه العلوم يستتبعها تأويل عقلى للنص الدينى لا تقدر العامة على استيعابه، وكان ابن رشد دائم التحذير من التصريح بالتأويل للعامة.
 

«تهافت التهافت» فكر ابن رشد الحقيقى

 وأضاف "منصور" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، لكن لى رأى فى هذه المسألة، كل من حاول الإقلال من أهمية ابن رشد بالنسبة لقضايا التنوير والعقلانية اعتمد فى رأيه هذا على كتابين لابن رشد وهما "فصل المقال فى تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال" و"الكشف عن مناهج الأدلة فى عقائد الملة"، وهذان الكتابان لا يكشفان عن حقيقة فلسفة ابن رشد ولا يحتويان على أفكاره التى يمكن أن تؤخذ على أنها تنويرية وعقلانية، لأنهما موجهان للجمهور وللفقهاء، أما فكر ابن رشد الحقيقى فيمكن تلمسه فى "تهافت التهافت" وفى رسائله الفلسفية وفى شروحه على أرسطو.
 
ولفت صاحب كتاب "ابن رشد فى مرايا الفلسفة الغربية الحديثة"، إلى أن الفلسفة فى عصر ابن رشد واجهت التكفير وكانت كتب الفلاسفة تحرق، وكانوا يعانون من الاضطهاد والتكفير، وفى ظل هذه الظروف لجأ ابن رشد إلى إخفاء أفكاره الفلسفية فى كتب البرهان غير المتاحة للجمهور نظراً لصعوبتها وتخصصها، وفى الوقت نفسه حاول تقديم فتوى فى المشروعية الدينية للاشتغال بالفلسفة فى "فصل المقال" الموجه للفقهاء أساساً. 
 
وأوضح الدكتور أشرف منصور، إنه أراد حماية الفلسفة والفيلسوف فى ديار الإسلام، فقام بفصل القوات وبحماية الفيلسوف من العامة الذين تسيطر عليهم الكراهية للفلسفة والفلاسفة، إذا أردنا إحياء فكر ابن رشد والاستفادة منه فى الدفاع عن قضايا العقل والتنوير فيجب علينا تجاوز القيود والحدود التى أقامها أمام العامة لمنعهم من الاطلاع على التأويل العقلى للنص الديني، والانفتاح على مضمون فكره، لكن الخطأ هو أن نضحى بفلسفة ابن رشد كلها بحجة تلك الحدود والقيود التى أراد أن يحمى بها الفيلسوف من تعصب العامة وفقهاء العامة وتكفيرهم للفلاسفة، والهدف هو نقل المعرفة الخاصة التى قصرها ابن رشد على الفلاسفة إلى العامة أو الجمهور، أى إلى المجال العام. لكن السؤال هنا هو: هل المجال العام العربى الإسلامى الحالى مستعد لتقبل التأويل العقلى للنص الديني؟ أم أن سيطرة التيارات الدينية السلفية على هذا المجال العام وتوجيهها للعقل الجمعى سوف يقف عقبة فى طريق تنوير المفكرين للجمهور؟ وهل يأمن الفيلسوف حالياً من التهديدات ودعوات التكفير؟ وهل ستكف التيارات الدينية عن الوصاية على عقل الأمة لتتاح للفيلسوف مهمة تنوير الجمهور؟ هذه هى قضية الحرية وسقف الحرية. يجب على المفكرين أن يتمتعوا بالأمان والحماية والحرية كى يستطيعوا تنوير الجمهور.
 
أحمد سالم
أحمد سالم
 

ابن رشد بمقاييس العصر الراهن «رجعى»

من جانب ثانى، قال الدكتور أحمد سالم، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة طنطا، إن القياس على فكر أى شخص لابد أن يكون بمقاييس وقته وعصره، فإذا نظرنا إلى فلسفة ابن رشد بمقياس عصره فهو التقدمى والتنويرى، أما إذا نظرنا إليه من واقع مقاييس عصرنا الحالى، فقد نراه «رجعيا» وفى كتبه قد تجد ذلك الرأى وذاك.
 

كهنوتية فيلسوف قرطبة

وأضاف "سالم"، أن مراجعة كتاب "فصل المقال" على سبيل، نجد فيه كهنوتية لابن رشد فى تميزه للخاصة على العامة، وإعطائه سلطة لأهل الفسلفة، ويعلى من شأنهم، بل يعطى ملكية الحقيقة لأهل البرهان فقط، ويقصد بهم الفلاسفة فهم المخولون وحدهم للتعامل مع النص تأويليًا. 
 
ولفت الدكتور أحمد سالم، إلى أن ابن رشد كانت له أيضا آراء عن مركزية العقل، واختتم "سالم" أن ابن كان ابنا لثقافته الخاصة، خاصة وأنه فى الأساس كان قاضى قضاة قرطبة وفقيه الأندلس، وكان لديه إيمان شخصى حول ضرورة الشرعية الدينية لتحقيق سيطرة الفلسفة والتوفيق بين نصوص الشريعة والعقل، فهو ربيب تلك الثقافة، لكنه كان دائما يعطى سلطة أعلى للعقل، لكن هذا لا ينفى أن تفكيره كان فى بذوره تنويرية وأخرى كهنوتية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة