وائل السمرى يكتب: وزارة الثقافة تنتظر القرار الصعب.. هل تستغنى عن رئيس هيئة الكتاب؟ اختيارات "الحاج على" دلت على فساد الرؤية والغرض.. معرض الكتاب بين نار الإطاحة برئيسه واستمرار العشوائية والفوضى والمحسوبية

الأحد، 28 أكتوبر 2018 12:26 م
وائل السمرى يكتب: وزارة الثقافة تنتظر القرار الصعب.. هل تستغنى عن رئيس هيئة الكتاب؟ اختيارات "الحاج على" دلت على فساد الرؤية والغرض.. معرض الكتاب بين نار الإطاحة برئيسه واستمرار العشوائية والفوضى والمحسوبية وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى نهاية يناير المقبل تستقبل مصر دورة استثنائية من دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب، ففى هذا العام نحتفل ببلوغ العرس الثقافى المصرى الأكبر عامه الخمسين، وهو ما يضع مصر فى تحدٍ جديدٍ، فهل تدل هذه الأعوام الخمسين على الرصانة والشموخ واكتمال النضوج والشخصية؟ أم تدل على الشيخوخة والضعف والتراخى والتراجع؟.

 

سؤال صعب، نسأل الله أن يهدينا إلى الإجابة المثالية، وأن يجعل هذه الدورة بمثابة فاتحة خير على الثقافة المصرية التى تحاول أن تتعافى لكنها مع الأسف الكبير تجد فى كل مرة تسعى فيها إلى التعافى ما يعيدها إلى الوراء.

 

تحاول الثقافة المصرية تجديد دمائها بشباب، كنا نظن أنهم يحملون بين ضلوعهم أحلاما عريضة سعوا إلى تحقيقها لكنهم لم يحصلوا على الفرصة المناسبة، لكنهم وبكل أسف حينما تولوا ما تولوا وجدناهم يغذون نقاط ضعفنا بدلاً من معالجتها، حتى أصبحت نقاط الضعف ثغرات هائلة تمر منها الجبال السيارة، وتمر منها أساطيل الأفكار البالية والمعادلات الخاسرة، وتنكسر معها كل بارقة أمل فتتحول إلى موجة عتمة.

 

فى الأيام القليلة الماضية رأينا كيف يخطط الدكتور هيثم الحاج على، رئيس هيئة الكتاب ورئيس المعرض، للاحتفال بالعام الخمسين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، لكنه وبكل أسف رأيناه يعالج عشوائية الماضى بمزيد من الفوضى، ومظلومية الكثيرين بمزيد من المحسوبية، وفى الحقيقية أنا لا أتخيل أن يكون الدكتور هيثم الحاج على مغرضاً فى مسألة تشكيل اللجان التى من المفترض أنها سترسم استراتيجية هذه الدورة الاستثنائية، وأغلب الظن أنه حاول أن يفعل أمراً إيجابياً، لكن قلة الحيلة وقلة التجربة وفقر الخيال جعله يسلم الأمر برمته إلى حفنة من الهواة الاستعراضيين، فظهرت تلك اللجان وكأنها "كناسة الدكان"، رغم احترامى وتقديرى للعديد من الأسماء المشهود لها بالجدية والرسوخ، فماذا تفعل نقطة المياه العذبة فى بحر الملح؟.

 

يتولى الدكتور هيثم الحاج على مسئولية معرض القاهرة الدولى للكتاب باعتباره رئيسا للهيئة المصرية العامة للكتاب منذ سنوات، وفى السنوات الماضية كانت هناك العديد من الإيجابيات التى استطاع تحقيقها أهمها إقامة المعرض فى حد ذاته، فى وقت كانت فيه الأحداث الثقافية فى مهب الريح، وقد جعلتنا هذه الظروف الاستثنائية نتغاضى عن الكثير من السلبيات التى ظهرت فانتشرت فاستفحلت فتعمقت فتعملقت.

 

صارت السلبيات هى الآمر الناهى، الحاكم الراسم، المخطط والمهيمن، المشرع والمنفذ، صبرنا وقلنا لم يحصل على فرصته بعد، وطبيعى أن يستعين أى مسئول جديد بمن يراهم "أهل ثقة" فقد يكون ضروريا أن يوكل الشخص من يثق فيه حتى لو كان هذا الموثوق به عديم الموهبة مجهول الإنجاز، لكن للأسف لم يقف الأمر عند "الاستعانة بصديق" فى بداية الرحلة فحسب، بل صار الأمر كما لو كان دينا جديدا يتبعه رئيس هيئة الكتاب ولا يحيد عنه.

 

الآن مصر تنتظر حدثا جللا، وهو الاحتفال بخمسينية معرض الكتاب، وللأسف فقد دلت اختيارات الدكتور هيثم والذين معه على فساد فى الرؤية وفساد فى الغرض، ولست أعيب على أحد ضعف نظره أو قلة حيلته، لكنى لا أتسامح مع فكرة تسليم القيادة إلى ضعاف النظر، خاصة إذا كان الطريق طويلا والرجاء كبيرا.

 

لن أتناول هنا اسما بعينه من الأسماء التى جاءت فى قرارات تشكيل لجان معرض الكتاب، فقد أسهب الكثيرون فى السخرية من هذا أو الهجوم على تلك، لكنى على خلاف كل ما قيل أجد أن الفساد فى الاختيارات أتى قبل مرحلة اختيار الأسماء أصلا، فمن يختار من؟ ولأى غرض؟ وما هى المهمة الموكلة إلى كل لجنة؟ ومن هم أصحاب الكلمة العليا؟ وكيف تم الاختيار وعلى أى أساس؟ وما علاقة من اختير فى اللجان الفنية بالفن؟ ولماذا هذا الاسم دون ذاك؟ وما علاقة من اختير فى اللجان الثقافية بالعمل الثقافى أصلا؟ ولماذا رأينا هذا ولم نر ذاك؟.

 

تلك هى المسألة، ضعيف يوكل ضعيفا فيختار الأضعف، فاسد يوكل فاسدا فيختار الأفسد، وللأسف فى الوقت الذى كنا نعشم أنفسنا فيه بمفاجآت سعيدة فى دورة المعرض الخمسين، صارت المفاجآت التعسة هى العنوان الأضخم.

 

لا ذكر هنا لاحتفالات فنية ولا إصدارات جديدة، ولا إعادة إصدار أمهات الكتب بأسعار مخفضة ولا بوابة إلكترونية جديدة تخاطب جيلا لا يعرف الكتب الورقية، ولا معرضا فنيا لأدوات الطباعة فى مصر، ولا معرضا أثريا لأقدم الكتب المطبوعة، ولا مناقشة لأزمات الكتاب وتحدياته، ولا احتفالات فنية ترسم رحلة الكتاب وتحديه لكل الأزمات، ولا حديث عن استراتيجية لإعادة عادة القراءة إلى المصريين، ولا مهرجانات محلية تجوب الشوارع احتفالا بمعرض هو الأكبر والأعرق والأضخم والأهم فى المنطقة العربية، لا شيء سوى قوائم لجان الدكتور هيثم الحاج على التى يخلط الواحد بينها وبين قائمة معازيم أفراحه.

 

هنا نأتى إلى السؤال الأصعب، هل نرى فى الأيام المقبلة أو حتى الساعات المقبلة رئيساً جديداً لهيئة الكتاب، فى ظل اقتراب موعد هذه الدورة؟ الإجابة هى أن هذا احتمال وارد، وفى ظنى أنه على الرغم من أهمية قرار كهذا لكنه قرار يحمل الكثير من المخاطرة والكثير من الشجاعة أيضا، لكن على أى حال إن لم نشاهد رئيسا جديدا لهيئة الكتاب فى القريب العاجل سنشاهد تغيرا جذريا فى هيكلة المعرض، وربما نرى للمرة الأولى فى تاريخ معرض الكتاب تحول رئيسه إلى هامش كبير لا ينظر أحد إليه، بعد أن كان قديما كل شىء.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة