بعد 43 عاما.." السفير" اللبنانية تطفئ الأنوار وتهجر الأرصفة من الغد.. الصحيفة تصدر آخر أعدادها بمانشيت "الوطن بلا السفير" وتؤكد: الصحافة مرآة المجتمع وما نتعرض له نتاج طبيعى لما تمر به منطقتنا من أزمات

السبت، 31 ديسمبر 2016 02:17 م
بعد 43 عاما.." السفير" اللبنانية تطفئ الأنوار وتهجر الأرصفة من الغد.. الصحيفة تصدر آخر أعدادها بمانشيت "الوطن بلا السفير" وتؤكد: الصحافة مرآة المجتمع وما نتعرض له نتاج طبيعى لما تمر به منطقتنا من أزمات صحيفة السفير اللبنانية
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طغت كلمات الحزن والذكريات على أخر عدد صدر اليوم، من صحيفة السفير اللبنانية ذات الـ43 عاما، والتى اتخذت قرارا نهائيا بمغادرة الأرصفة اللبنانية معلنه استسلامها فى ساحة الحرب الاقتصادية التى أشهرت أسلحتها ضد الصحافة ولم تصبح الأزمة تخص لبنان فقط بل تتخطى حدودها للمحيط الإقليمى والدولى.

وعلى الرغم من أن الجريدة اللبنانية الأشهر تعرضت للتوقف القسرى ثلاث مرات فى تاريخها بقرارات حكومية، إلا أنها اليوم تتوقف طواعية وتغادر مع بداية العام 2017، بعد صراع طويل مع الأزمات الإقتصادية انتهى بغياب التمويل، تاركه ورائها مخاوف كبرى لدى شقيقاتها فى الوطن العربى من مواجهة شبح الإغلاق بسبب الأزمات المالية.

 

آخر الأعداد الورقيه للسفير
آخر الأعداد الورقيه للسفير

 

وحملت الصحيفة فى عددها الصادر اليوم مانشيت "الوطن.. بلا السفير" وربطت فيه بين الأوضاع السياسية فى العالم وما تتعرض له الصحافة من أزمات متعاقبة، وقالت " عندما ينتهى زمن «الكبار»،عندما تصبح فلسطين القضية والشعار والعَلَم والعنوان مجرد صراع عقارى أو صراع على منصب بين متنازل وعميل. عندما تصبح إيران هى العدو وإسرائيل هى الصديق، عندما يعم الدمار والموت وطننا العربى الكبير من مشرقه إلى مغربه، عندما نعتاد فى صباحاتنا ومساءاتنا على صور الإرهاب يصبح تقهقر السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع.. والصحافة من البديهيات".

وأضافت الصحيفة "كانت الصحافة، ولا تزال، مرآة المجتمع. ولهذا تحديداً كانت متألقة وصارت تعاني. فالمجتمع ليس بخير، والاقتصاد ليس بخير، والسياسة ليست بخير، وهذا كله لا يمكن إلا أن ينعكس على الصحافة وينهكها، وتعبت «السفير»، لكنها ترفض أن تكون المثال، خصوصاً أنها ترى فى أفق المهنة بعض النور. إذ لا يعقل أن يبقى الظلام المخيّم على المنطقة والبلد جاثماً على صدرها وزميلاتها لوقت طويل".

أخر عدد لجريدة السفير فى شارع الحمرا بلبنان - أ ف ب
أخر عدد لجريدة السفير فى شارع الحمرا بلبنان - أ ف ب

 

و تحت عنوان "لا سفارة ولا أوطان" قالت الصحيفة "فى عالم عربى متهالك، بلا قضية جامعة، باتت «السفير» بلا سفارة. أوراق اعتمادها ضاعت بين ماضى الاحلام وواقع التراجيديا المحسومة والضمور الفكرى والانغلاق، للأمكنة الآمنة مكانة اليوم والمغامرة محسوبة، لا تمر مرور الكرام.

وأضافت "لطالما سارت «السفير» فى الاتجاه المعاكس للسائد فى السياسة والثقافة والاقتصاد، إشارة للإنذار المبكر فى زمن الرتابة والخواء، ومن صفوفها، خرج قناصل باتوا سفراء، قالت كلمتها وهى الآن مضطرة أن تمشي، فسفارة طلال سلمان لا تشبه سوى نفسها، فى عالم عربى لم يعد يشبه أهله، أو الأهل الذين أنجبوا الزمن الذى أطلق «السفير» ولم يعد قادرا على الانطلاق بعدما تكسرت الاجنحة".

وتحمل السفير عبر صفحاتها تاريخ لبنان منذ أن صدر أول أعدادها فى 1974 قبل سنة من اندلاع الحرب الاهلية، وحمل شعار "جريدة لبنان فى الوطن العربى وجريدة الوطن العربى فى لبنان"، فضلاً عن شعار "صوت اللذين لا صوت لهم"، ومع صدور العدد الثاني، رفعت ضدها أول دعوة قضائية، ثم توالت الدعاوى حتى بلغت 16 دعوى فى عامها الأول، ولم تتم إدانتها فى أى منها.

السفير تودع جمهورها
السفير تودع جمهورها

 

وتمكنت الأزمة المالية من القضاء على السفير التى لم توقفها أو ترهبها ما تعرضت له على مدار تاريخها، حيث شهدت نسف مطابعها فى سنة 1980، كما أنها كانت الصحيفة اللبنانية الوحيدة التى لم تتوقف يوماً واحداً خلال الاجتياح الإسرائيلى عام 1982، وتعرضت لأكثر من محاولة لنسف منزل صاحبها ورئيس تحريرها طلال سلمان ثم محاولة اغتياله فى سنة 1984، هذا فضلا عن استهداف مبناها بكثير من الصواريخ والعبوات الناسفة خلال الحرب الأهلية.

وكانت السفير سببا فى تعديل قانون المطبوعات اللبنانى عندما صدر بحقها قرار حكومى بتوقفها فى عام 1993 بعد نشرها وثيقة عن المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية، وهو القرار الذى أثار موجه اعتراضات شعبية واسعة ضد القرار الحكومى انتهت بوقف قرار الحكومة ضد الصحيفة وتعديل القانون بمنع تعطيل الصحف قبل صدور حكم بالإدانة، كما منع توقيف الصحفيين احتياطياً.

 

الصحيفة اللبنانية تتوقف بعد 43 عام
الصحيفة اللبنانية تتوقف بعد 43 عام

 

وبدأت أزمة السفير تخرج إلى العلن، بعد الرسالة التى وجهها طلال سلمان، رئيس التحرير فى مارس الماضى إلى أسرة جريدته، والتى لوّح فيها بإمكانية التوقف إثر الظروف والتحديات الصعبة، وبعدها تراجع عن القرار فى ايحاء بانفراج الأزمة دون الإعلان عن تفاصيل، إلا أن الأزمة سرعان ما عادت للظهور مره آخرى، وفسر بعض المراقبين ذلك بأن الممول الجديد كان يراهن على أن تغير الصحيفة اللبنانية من سياستها التحريرية والتى كانت معروفه على مدار تاريخها بدعمها لتيار المقاومة ومحورها الإقليمى.

والأزمة لم تصبح أزمة السفير وحدها، حيث أن صحيفتى «النهار» والمستقبل تواجهان نفس الأزمة على الرغم من اختلاف سياستهما التحريرية وتوجهاتهما السياسية، حيث قامتا بخفض النفقات وتسريح الصحفيين خلال العام الحالى، بل إن الأزمة تخطت الحدود اللبنانية لتهدد صحف عربية آخرى وعالمية فالعام 2016 شهد غياب طبعات دولية عديدة على رأسها "إندبندنت" البريطانية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة