"نحن ترزية قوانين، ولكن ليس على مزاجنا، وإنما نفصل على مزاج المواطن"، هذا آخر ما انتجته ماكينة التصريحات الخاصة بالدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، وكما يقولون فى قريتنا، إذا كان المتحدث عاقلاً فليس شرطاً أن يكون المستمع عاقلاً، أما العكس فهو غير صحيح، لأن ما قاله رئيس المجلس الموقر إنما يقع فى بؤرة "الهزار الثقيل"، ولا علاقة له بدائرة المنطق المحجوبة عن بلادنا منذ فترة.
فاذا ما أخذنا كلام سرور على أنه من الهزار الثقيل، فإننا لابد وأن نرد عليه "بهزار" أثقل منه، على اعتبار أن مصر التى يشرعون لها، ليس فيها مواطنون بالمفهوم المتعارف عليه فى كل دول العالم، فالمواطن فى أبسط تعريف، هو من يعيش داخل وطن يشعر فيه بالحماية.. بحماية لا غبن فيها ولا إقصاء، ولا تهميش، وإذا ما طبقنا هذا التعريف على جموع البشر، الذين يعيشون على خريطة مصر، فإننا لن نجد إلا قلة قليلة، وربما نادرة لا ينطبق عليها إلا وصف الملوك، وهم هؤلاء الذين يمتلكون كل شىء بما فيهم الترزية.
إن الذين يعيشون "كمالة" عدد ولزوم الخدم و"الحشم"، هم الأغلبية المطلقة، ليسوا مواطنين، فهم يساقون إلى صناديق الانتخابات، رضوا أم أبوا، ويتم التصويت لهم إذا ما أرادوا أن يتقمصوا دور المواطنين الأحرار، فتأتى الانتخابات بترزية هم فى الأصل جزء من الخدم والحشم، ولكن فى صورة أنيقة مثل خدم السلاطين والملوك يرتدون البدل والببيون أو الكرافت لزوم التأنق أمام الملاك الحقيقيين لهذا الوطن الفقير بمواطنيه.
أما إذا أخذنا كلام سرور على نحو من الجد فإن جديتنا فى مناقشة الأمر، قد تغضب الرجل الجاد رئيس مجلس الشعب، فالشعب الذى يترأس سيادته مجلسه لم يخرج فى مظاهرات، ليطالب السادة ممثليه برفع أسعار الطاقة، ومن باب المجاملة فإننا لا نستطيع أن نتصور وقفة احتجاجية، قد نظمها مواطنون شرفاء ليضغطوا على ممثليهم، مؤكدين لهم أنهم يرفضون انهيار أسعار الطاقة فى بلادهم، مطالبين برفع أسعارها، إذ أن لديهم فوائض مالية لا يعرفون كيف ينفقونها، ويطالبون أعضاء "اللى مايتسماش" مجلس الشعب برفع أسعار البنزين والكيروسين، حتى يجدوا طريقا شرعيا لإنفاق فوائضهم المالية بدلا من "السكر والعربدة".
ومن باب الجد فإن المواطنين المصريين، قد ارتأوا أنهم يملكون من العقارات وعلب الصفيح والخيام ما يستحق أن يدفعوا عليه ضريبة عقارية، فخرجوا فى اعتصامات ومظاهرات، يطالبون مجلسهم الموقر بقيادة الترزى الكبير فتحى سرور، بأن يفرض عليهم ضريبة عقارية، إذ لا يصح أبدا أن ينعموا بعشش الإيواء دون أن يدفعوا ثمنا لذلك، فالوطن قد وفر لهم من الصفيح وبواقى الأخشاب، وما لذ وطاب من خيرات عز حديد، وبذخ حسن راتب من الأسمنت، فبنوا عششهم فى سلام يستحق أن يدفعوا عليه ضريبة وفاء لهذا الوطن الدافىء والبار بأبنائه.
ولم يتوقف وعى مواطنى مصر عند هذا الحد، بل طالبوا فى عدة اعتصامات ومظاهرات دولية وعالمية ومحلية مجلسهم المحترم، بأن يقف حائلا ضد "ركن" سياراتهم صف ثان، وضد عدم احترامهم لحزام الأمان فى عاصمة قد تصل السرعة فى شوارعها إلى أكثر من عشرة كيلومترات فى اليوم، مما يعرضهم للخطر المحدق بالموت، وتسليم الروح إلى بارئها غير مغلفة بحزام الأمان، فاستجاب مجلس الترزية إلى نداء المواطنين الأبرياء، وصاغ لهم قانونا يحبس كل من تراوده نفسه الأمارة بالسوء أن يمتلك سيارة والعياذ بالله.
والأمثلة على أن فتحى سرور وشركاه ترزية لنا لا علينا أكثر من أن تحصى، ولا يجب على أمثالى من المواطنين الذين اختاروا عن رضا ترزيتهم، أن يعترض لا سمح الله، فقد حبانا الله ترزية مغاوير لا مثيل لهم، يبحثون عن رغباتنا ليحققوها، ولا يألون جهدا فى البحث عن كل ما يرضينا ليفعلوه مهما كانت النتائج، والحق أقول إننى من المؤمنين بعبقرية ترزيتنا، لذا فإننى أصلى يوميا شكراً وحمداً على ما أنعم الله به علينا، من أمثال الترزى الوطنى الكبير فتحى سرور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة