أبقراط أبو الطب اليونانى القديم.. حكاية أول مؤرخ للأنظمة الغذائية

الجمعة، 12 ديسمبر 2025 09:00 م
أبقراط أبو الطب اليونانى القديم.. حكاية أول مؤرخ للأنظمة الغذائية أبقراط

كتبت بسنت جميل

يحتل أبقراط ، أبو الطب اليوناني القديم ، مكانة فريدة في تاريخ الفكر الإنساني، وتكشف كتاباته عن الصحة والنظام الغذائي والطبيعة البشرية عنه ليس فقط كطبيب ولكن أيضًا كواحد من أقدم مؤرخي الطعام، لم يكتفِ بتسجيل الوصفات أو وصف الأنظمة الغذائية، بل حلل أيضًا العلاقة بين البشر والأطعمة التي يتناولونها، مستكشفًا أصولها وطريقة تحضيرها وتأثيراتها على مر الزمن، وبذلك، مهد الطريق لفهم الغذاء كعنصر حيوي للصحة والحضارة.

أصول النظام الغذائي البشري وضرورة الطب

في كتابه " في الطب القديم" ، لاحظ أبقراط أن جسم الإنسان لا يستطيع النمو بنفس النظام الغذائي الذي تعتمد عليه الحيوانات الأخرى. فالثيران والخيول وغيرها من المخلوقات تعيش على نباتات وثمار الأرض دون مرض أو تدخل. أما البشر، فيحتاجون إلى شيء مختلف. فالاحتياجات الغذائية للناس تتشكل بفعل الطبيعة والظروف. أدرك أبقراط هذا التمييز مبكرًا، مدعيًا أن "فن الطب" ما كان ليوجد لو استطاع جميع البشر العيش مغذيًا على النظام الغذائي الطبيعي للأرض وحده.

وجادل بأن الضرورة تدفع إلى الاختراع، فالطب، مثل التغذية المعقدة، ينشأ لأن الأطعمة البسيطة غير المكررة لا تلبي احتياجات المرضى أو ذوي البنية الضعيفة، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع جريك ريبوت.

تناول أبقراط الطعام بفضول منهجي، تتبع كيف حوّل البشر الأوائل الحبوب النيئة إلى أشكال صالحة للأكل تناسب أجسامهم. كانوا ينقعون القمح ويطحنونه ويعجنونه ويخمّرونه ويحمصونه ويخبزونه لصنع الخبز، ومن الشعير، كانوا يصنعون الكعك، كانت هذه الممارسات متعمدة، تعكس تجارب دقيقة بدلًا من التحضير العشوائي، تعلم البشر تلطيف الأطعمة القوية النيئة لمن يعانون من ضعف في البنية الجسدية، مزجًا التغذية بفهم حدود الإنسان، وأخيرًا، من خلال التجربة والخطأ، اكتشف الناس أي الأطعمة تدعم النمو والصحة وأيها تسبب المخاض أو المرض أو حتى الموت.

الطبيعة البشرية والاختلاف الفردي والنظام الغذائي

في نصوصه، شرح أبقراط التفاعل بين الطبيعة البشرية والنظام الغذائي، وأشار إلى أن ما يغذي شخصًا قويًا قد يرهق شخصًا أضعف. فقد كان البعض يتناولون أطعمةً نيئةً وخشنةً بأقل ضرر، بينما عانى آخرون من المرض أو حتى الموت باتباع نفس النظام الغذائي. بملاحظة هذه النتائج، طوّر البشر الأوائل تدريجيًا أساليب تحضيرهم. فجمعوا بين الأطعمة، وطهووها بطرق مختلفة، وعدلوا الكميات لتناسب مختلف أجسامهم، وصف أبقراط هذه العملية بأنها تراكم طويل ومدروس للمعرفة، مدفوعا بالحاجة والملاحظة الدقيقة، ومن خلال هذا التاريخ التجريبي، تطورت التغذية البشرية تدريجيًا.

كما أكد على مفهوم الملاءمة في النظام الغذائي، وجادل بأن الأطعمة يجب أن تتوافق مع الطبيعة الفطرية للإنسان. ينبغي أن يعزز التغذية النمو، ويحافظ على الصحة، ويقي من الأمراض، وأشار إلى أن الانحراف عن هذا المبدأ يسبب المعاناة، لذا، كانت التجارب المبكرة على الحبوب والبقوليات والفواكه والخضراوات مقصودة، نتيجةً لمواجهات متكررة مع عواقب سوء التغذية، ومن خلال توثيق هذه الملاحظات، وثّق أبقراط بفعالية تطور المعرفة الغذائية البشرية، معتبراً الطعام أداةً حيويةً للصحة وطول العمر.

علاوة على ذلك، وضع أبقراط تاريخ النظام الغذائي البشري ضمن أطر بيئية وثقافية أوسع. وأدرك أن البشر، على عكس الحيوانات الأخرى، يتلاعبون بمحيطهم لتوفير تغذية مناسبة. فهم يزرعون الحبوب، ويخمرون المشروبات، ويطورون أساليب طهي تحسن الطاقة وتحسن الهضم، تظهر هذه التقنيات براعةً وتكيفًا، مما يعكس قدرة البشر الأوائل على تحويل الموارد الطبيعية إلى أشكال تتوافق مع احتياجاتهم الفسيولوجية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة