عاش أهالي القرية لسنوات طويلة بين رائحة الشباك وصوت المجاديف، وكان الصيد يمثل مصدر الرزق الرئيسي للعديد من الأسر، أما موعد الفيضان فكان الشهر المنتظر الذي يخرج فيه الأهالي إلى أسوان للصيد حتى انقضاء الفيضان، وكان ذلك قبل بناء السد العالي ليعود كل منهم محملًا بالرزق، تحفه روح الصبر.
حكاية عم يحيى مع الصيد
ومن بين هؤلاء يبرز العم يحيى بربري أقدم صيادى محافظة قنا، الذي قضى معظم حياته في مهنة الصيد، وملامحه تحكي عمرًا من الرحلات التي قضاها في صيد الأسماك، لتجسد ذاكرة القرية التي عاشت على خير نهر النيل، يرتدي جلبابًا صعيديًا وعمامة بيضاء، وملامح وجهه الصعيدية شاهدة على سنوات من مقارعة النيل والبحيرة في مواسم الفيضان، فيما تختزن حكمته حكايات قرية عاشت زمنًا طويلًا على رزق الصيد.
قال العم يحيى بربري محمد، إن رحلته مع الصيد بدأت مبكرًا ففي عمر 6 سنوات علمه والده الصيد والذهاب إلى نهر النيل، وفي عمر 12 عاما بدأت الانطلاقة الحقيقية بالخروج خارج حدود قريته قرية ساقية القاضي جنوب محافظة قنا، حيث اتجه مع والده لأول مرة إلى محافظة أسوان في رحلة نيلية عبر المركب وكانت استغرقت وقتها من 7 إلى 8 أيام.
الصيد مصدر رزق أهل القرية
وأوضح العم يحيى، أنه في تلك الفترة كان أهالي القرية جميعًا يعملون في مهنة الصيد، وذلك قبل انتشار الوظائف والمهن المختلفة في الوقت الحالي، فكانت المهنة تمثل مصدر الرزق الأساسي لهم، وكانت أماكن الصيد قريبة من القرية في قرية العربات وقرية القرية، وكان عدد المراكب مقارنة بعدد الأهالي ليس بالقليل، ورغم سهولة الالتحاق بالوظائف الحكومية آنذاك، فإن عددًا كبيرًا من الأهالي رفض ذلك مبررين بأن المكسب من الأسماك أكبر من الوظائف.
وتابع العم يحيى، قائلا "في وقت الفيضان كانت تذهب من القرية نحو 12 مركبًا إلى أسوان، وتستمر هناك قرابة 5 أشهر، ثم يعودون" وقد ظل هو شخصيًا 10 سنوات يتنقل ما بين الذهاب والعودة إلى أسوان، ثم تم تأسيس حلقة لبيع الأسماك ومنها في الأقصر، وكانت هناك نسبة مخصصة للدولة، كما كانت المراكب مرخصة مع دفع تأمينات، يستفيد منها الصيادون اليوم في صورة معاش.

أدوات-الصيد-والشبك-

أدوات-من-الخوص-للصيد-

العم-يحيي-بربري-ورحلة-أكثر-من-نصف-قرن-في-الصيد

العم-يحيي-بربري-

شباك-صيد-قديمة