محمود عبدالراضى

ما بين ظنوننا وتدبير الله.. تتبدد العواصف

الجمعة، 20 يونيو 2025 12:27 م


في لحظةٍ ما، تتشابك في رأسك خيوط القلق، وتتحول الاحتمالات إلى كوابيس مصغّرة، تنهش طمأنينتك، وتعبث بنبضك كما تشاء، تسأل نفسك ألف مرة: ماذا لو؟ وتُسقط على الواقع ظنونك السوداء، وتدور في متاهة من التخيلات حتى تظن أنك المتحكم في أقدار الكون، وأن زمام الأمر إن تفلت من يدك، فإن العاصفة ستجرفك لا محالة.

تنام وجفناك يحترقان من التفكير، وتستيقظ وجسدك يئن من ثقل التوقعات، ولا شيء تغير سوى أنك صرت أكثر تعبًا، وأكثر توترًا، وأقل ثقة.

 

ثم.. يمرّ الوقت، وتأتي لحظة تمرّ فيها العاصفة، دون أن تمسك بك، ولا حتى بلّلت أطرافك، تتبدد السحب السوداء، وتنكشف لك الحكمة بعد أن كانت غائبة خلف ستائر القلق، فترى تدبير الله في كل شيء.

لم يكن الصمت تأخيرًا، بل تمهيدًا، لم يكن الغياب خذلانًا، بل لطفًا، ولم تكن أنت محور الأحداث كما توهّمت، بل كنت أحد شهود الخير القادم من حيث لا تحتسب.

تستحي من نفسك، من لحظات الجزع التي عصفت بك، من سوء الظن الذي زرعته في يقينك، من الدعوات المرتعشة التي ظننت أن السماء لا تسمعها، فتطلب العفو وتهمس بقلبك: رب الخير لا يأتي إلا بالخير.

تسقط الحواجز بينك وبين الطمأنينة، وتتيقن أنك إن ضعفت أمام الخوف، فإن الله لا يضعف عن الرحمة.

 

هو اللطيف حين تشتدّ، وهو القريب حين تبعد، وهو المُنقذ حين تغرق في وهمك، يعطيك حين لا تطلب، ويرفعك حين تظن أنك في الحضيض، يخبئ لك الخير تحت قشرة الألم، ويصنع من العسر أجنحة للفرج.

 

أما أنت، فتبقى كما أنت، تائها بين ظنونك، وأسرًا في دهاليز جهلِك بترتيب القدر، تخاف كثيرًا، وتفكر أكثر، وتنسى أن الذي خلقك يعلم ما تجهل، ويرى ما لا تراه، ويكتب لك الخير وأنت تنظر للورقة وتظنها فارغة.

 

فابشر، ليس لأنك تعلم النهاية، بل لأن الله هو من كتبها، وابتهج، ليس لأنك قوي، بل لأنك في كنف من لا يُهزم، وكن على يقين دائم بأن حسن الظن بالله ليس رفاهية روحية، بل نجاة مؤكدة في زمن التوهان.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب





الرجوع الى أعلى الصفحة