تحت عنوان " كيف مكّنت دبلوماسية ترامب المنسحبة إسرائيل من تحقيق أسوأ دوافعها"، ألقت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على إعطاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الضوء الأخضر لحكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو لبدء فصل جديد مروع من المجازر بحق سكان قطاع غزة.
وفى تحليل لأندرو روث، قالت الصحيفة إن الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة وإخلائها من سكانها ربما لا تتطابق مع رؤية ترامب لـ"ريفييرا" جديدة، لكن إلهامه ودبلوماسية الانسحاب الأمريكية دفعتا بنيامين نتنياهو إلى شفا فصل جديد مروع في الحرب بين إسرائيل وغزة.
ويُشاع في كل من واشنطن وإسرائيل أن ترامب قد تجاوز إلى حد كبير، تاركًا نتنياهو، الذي ازداد جرأة، وشأنه الخاص، بينما وفرت مقترحاته العفوية لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" غطاءً للسياسيين الإسرائيليين اليمينيين لدعم التهجير القسري للفلسطينيين فى القطاع.
ويقول عاموس هاريل، المراسل العسكري والدفاعي البارز في صحيفة هآرتس: "جزء من المأساة هو أن الشخص الوحيد القادر على إنقاذنا، ترامب، ليس مهتمًا بذلك جديًا. أملنا الوحيد للخروج من هذا الوضع المضطرب هو أن يُجبر ترامب نتنياهو على التوصل إلى اتفاق رهائن. لكن يبدو أن ترامب غير مهتم. كان متحمسًا عندما طُرحت فكرة الريفييرا، لكنه الآن انتقل إلى جرينلاند وكندا والمكسيك بدلًا من ذلك."
وأوضحت الصحيفة أن تدخلات ترامب - وتحديدًا تهديدات المبعوث ستيف ويتكوف لنتنياهو خلال اجتماع متوتر يوم السبت -كانت فعّالة في التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت للصراع في يناير. وبدا أن تأثيره على نتنياهو أكبر من تأثير رؤساء الولايات المتحدة السابقين، بمن فيهم سلفه جو بايدن.
لكن منذ ذلك الحين، انهار وقف إطلاق النار فى غزة، وأثار الحصار الإسرائيلي المستمر منذ شهرين على المساعدات أزمة إنسانية أسوأ في غزة، ومع قلة فرص تحقيق سلام سريع، يبدو البيت الأبيض الآن غير مهتم ومرهقًا، بينما تُشير إسرائيل إلى هجوم واحتلال وصفهما النقاد بأنهما بمثابة سياسة دولة للتطهير العرقي.
وأضافت الصحيفة إنه اتجاه تكرر مع هذا البيت الأبيض: مخططات فضفاضة لصفقة كبرى، يتبعها إحباط عندما تفشل الدبلوماسية في تحقيق نتائج فورية. وأعلن البيت الأبيض مؤخرًا استعداده للانسحاب من المفاوضات بشأن الصراع الروسي الأوكراني إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سريع. وقد شجع هذا روسيا على انتظار إدارة ترامب، كما يقول المراقبون، والاعتماد على سياسة عدم الانخراط الأمريكي على المدى الطويل. ويبدو أن نتنياهو قد اندفع أيضًا بسبب عدم اهتمام البيت الأبيض المتزايد.
ويأتي الإنذار الإسرائيلي في الوقت الذي من المقرر أن يقوم فيه ترامب بجولة في الشرق الأوسط خلال الأيام المقبلة، حيث أفاد مسئولون إسرائيليون بأنهم لن يبدأوا العملية إلا بعد عودته من زيارة تستغرق ثلاثة أيام إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة. ومن المتوقع أن تركز محادثات ترامب هناك على الاستثمار، ولكن ليس على التوصل إلى حل للحرب. وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم الثلاثاء أن زيارة ترامب لإسرائيل ليست مستبعدة، لكن مسئولي البيت الأبيض لم يلمحوا بعد إلى استعداد ترامب للقاء نتنياهو.
وأشارت الصحيفة إلى أن ويتكوف، مبعوث ترامب، لا يزال يبدو مهتمًا شخصيًا بحل الصراع، لكنه منهك بسبب محاولته التوسط بين روسيا وأوكرانيا، والتفاوض على اتفاق نووي مع إيران في الوقت نفسه. وقد واصلت الولايات المتحدة المفاوضات مع إسرائيل بشأن خطة لإيصال المساعدات من شأنها أن تُنشئ آلية جديدة لتوزيع المساعدات لتجنب حماس، على حد قولهم. لكن الأمم المتحدة وجميع منظمات الإغاثة العاملة في غزة أدانت الخطة باعتبارها استيلاءً إسرائيليًا. وقال رؤساء جميع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في غزة في بيان مشترك يوم الأحد: "إن هذا الإجراء يتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، ويبدو أنه مصمم لتعزيز السيطرة على المواد الأساسية للحياة كأسلوب ضغط - كجزء من استراتيجية عسكرية".
كما أشارت تخفيضات إدارة ترامب في الميزانية والموظفين إلى تراجع في الدبلوماسية. وأفادت التقارير أن وزارة الخارجية مستعدة لتقليص دور منسق الأمن للضفة الغربية وغزة، وهو جنرال بثلاث نجوم كان مكلفًا بإدارة الأزمات الأمنية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا سيما فيما يتعلق بالتوترات المتزايدة بين المستوطنين والمجتمعات الفلسطينية المحلية.