بعد أيام من استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لكبير مستشارى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، استقبل الرئيس وفد رجال الأعمال الأمريكيين المشاركين فى المنتدى الاقتصادى المصرى الأمريكى المنعقد بالقاهرة، برئاسة «سوزان كلارك»، رئيسة غرفة التجارة الأمريكية، و«جون كريسمان»، رئيس مجلس الأعمال الأمريكى المصرى ورئيس شركة «أباتشى»، هذه المرة الزيارة اقتصادية، لكنها أيضا تأكيد على استراتيجية العلاقات السياسية مع أهمية التعاون الاقتصادى، وفتح مجالات الاستثمار اعتمادا على بنية أساسية قوية.
الواقع أن مصر فى علاقتها مع الولايات المتحدة تستند إلى توازن كبير، ضمن علاقة استراتيجية تحتمل الاختلاف فى وجهات النظر، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتمسك مصر برفض التهجير، وفهم عميق للقضية وللأطراف المختلفة، حربا وسلما، وتحتفظ بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ومع كل دوائر التأثير فى الصين وروسيا والاتحاد الأوروبى.
ففى اليوم التالى لعودته من قمة بغداد، عقب كلمته الحاسمة، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى كبير مستشارى الرئيس الأمريكى للشؤون العربية والشرق أوسطية والشؤون الأفريقية مسعد بولس، الذى هو صهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أكد الرئيس السيسى على ضرورة العمل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية مع حرص مصر على استمرار التنسيق، فيما يتعلق بالقضية، حيث تشترك مصر وقطر مع الولايات المتحدة فى مفاوضات وقف الحرب.
كبير مستشارى الرئيس الأمريكى أكد حرص أمريكا على استمرار الجهود المشتركة مع مصر لاستعادة الهدوء الإقليمى، ومصر تحرص على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فى مختلف المجالات، بما يتفق مع مصالح البلدين، ومن هذا المنطلق تأتى زيارة وفد رجال الأعمال الأمريكيين لمصر، وتأكيد الرئيس السيسى استعداد مصر للتعاون مع مجتمع الأعمال والمستثمرين الأمريكيين فى كل المجالات الاقتصادية محل الاهتمام المشترك، وتطلع مصر لأن تكون مركزًا صناعيًا كبيرًا للصناعات الأمريكية، مع كونها سوقًا كبيرًا وبوابة إلى المنطقة العربية والقارة الأفريقية، وأكد الرئيس السيسى على تطلع مصر لإنشاء منطقة صناعية أمريكية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، واستعدادها لتقديم كل التسهيلات اللازمة للمستثمرين الأمريكيين، حيث إن الاستثمار فى مصر فرصة لأى مستثمر، خاصة مع ما تتمتع به من استقرار سياسى، ووعى الشعب المصرى والمواطنين وصلابتهم فى تحمل الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة القاسية، التى تم تطبيقها تحقيقا للصالح العام، وفى ظل الظروف السياسية الصعبة التى تمر بها المنطقة، وما ترتب عليها من تداعيات.
من جهتها، أكدت «سوزان كلارك» أن زيارة وفد رجال الأعمال الأمريكيين إلى مصر يؤكد قوة ومتانة علاقة التحالف الاستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة، موضحة أن الشركات الأمريكية فى مصر نموذج يحتذى به فى نجاح التعاون الثنائى بين البلدين، على غرار شركة آباتشى، وهو الأمر الذى ثمنه الرئيس، معربا عن تقديره لنجاح أعمال شركة آباتشى فى مصر، وتوسيع نطاق عملها بها.
وهنا نحن أمام فرص متبادلة وتأكيد إمكانية تكوين شراكات تعود بالفائدة على الطرفين، وفى نفس الوقت تأكيد انفتاح مصر السياسى على كل الدوائر السياسية والاقتصادية، حيث هناك منطقة صناعية روسية وأخرى صينية فى المنطقة الصناعية بقناة السويس وغيرهما أوروبية، كما أن هناك انفتاحا وتعاونا مع كل الأطراف الجادة للاستثمار، باعتبار المنطقة الاقتصادية للقناة ذات ميزات تنافسية وجغرافية مهمة، لقربها من الممرات، والطرق والبنية الأساسية الضخمة لمصر، التى تم إنشاؤها، وهو ما يجعلها محل جذب للاستثمارات العالمية المتنوعة.
كل هذه الخطوات التى تتخذها مصر وانفتاحها على كل مراكز القرار السياسى والاقتصادى فى العالم، تؤكد حرص مصر على استقلال قرارها وارتباطها بكل الدوائر المؤثرة، سعيا لوقف الصراعات، وبناء استقرار يتيح المجال للتنمية ومعالجة الأزمات الاقتصادية والسياسية ضمن نظام عالمى متوازن، مع التمسك بثوابت الأمن القومى، والإقليمى، والانفتاح مع كل الدوائر مع الاحتفاظ بالاستقلال، ودعم المسارات السياسية والاقتصادية مع كل المراكز المؤثرة، وبناء عليه، تحظى مصر بالثقة الدولية والإقليمية.
