دندراوى الهوارى

العقيدة واللغة والمخاطر والمصالح فشلت فى توحيدهم.. فمتى إذن يتوحد العرب؟!

الإثنين، 19 مايو 2025 12:00 م


فى عام 1944 دعا رئيس الوزراء المصرى حينذاك، مصطفى النحاس، كلا من رئيس الوزراء السورى جميل مردم، ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخورى، للتباحث معهما فى القاهرة حول فكرة إقامة جامعة عربية، وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية. وفى 22 مارس 1945 أُعلن عن تأسيس الجامعة، وضمت فى عضويتها 7 دول وهى، مصر والأردن والسعودية والعراق واليمن ولبنان وسوريا، وتتمثل مهمتها فى تحسين التنسيق بين أعضائها فى الأمور ذات الاهتمام المشترك.
 
ووفقا لسجلات التاريخ فإن نشأة جامعة الدول العربية، قد سبقت تأسيس الأمم المتحدة بشهور، وتحديدا فى 24 أكتوبر 1945 ما يضع الجامعة العربية فى مرتبة أقدم منظمة دولية تأسست عقب الحرب العالمية الثانية.
 
وأول مؤتمر للجامعة عُقد تحت عنوان «قمة أنشاص» فى 28 مايو سنة 1946 بمشاركة ملوك ورؤساء وأمراء، وبدعوة من الملك فاروق الأول، وقد صدر عن القمة مجموعة من القرارات منها مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، وأن قضية فلسطين قلب القضايا القومية، باعتبارها قطرا لا ينفصل عن باقى الأقطار العربية.
 
وفى 18 يونيو 1950 أى بعد مرور 5 سنوات تقريبا، وُقعت معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى تحت مظلة الجامعة العربية.
 
ومنذ تأسيس الجامعة العربية قبل 80 عاما، وصل عدد القمم العربية إلى 67 قمة، جميعها عُقدت تحت نير الأزمات وارتبطت بأحداث مفصلية فى تاريخ الأمة!
 
لكن يظل السؤال الجوهرى: بعد 80 سنة من التأسيس وعقد 67 قمة، فهل تمخضت عن هذه القمم قرارات لبت طموح الشعوب العربية، وغرست فى نفوسهم الأمل فى أن تخطو الأمة خطوات حثيثة نحو حل الأزمات وترسيخ وحدة المصير، والتكامل الاقتصادى؟
 
الإجابة المؤلمة، ووفق النتائج على الأرض، فإنه على الرغم من وجاهة فكرة تأسيس الجامعة، إلا أنها لم ترسخ مفهوم وحدة المصير، علما بأن ما يجمع الدول العربية من اللغة وصلة الدم والعقيدة وحتى ما تتعرض له من مخاطر طامعة فى مقدرات كل الدول، أكثر بكثير مما يفرقهم.
 
الحقيقة وبنبض الغالبية فى الشارع العربى، فقد سئمت الشعوب وطوال عقود طويلة من المطالبة بوحدة الصف، وتدشين فكرة التكامل، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن الاتحاد الأوروبى استطاع التغلب على تعدد اللغة، والاختلاف فى الثقافة الاجتماعية، والعرق والعقيدة، وانطلق نحو التكامل سنة 1993 وهو الكيان الأهم والمختلف عن مجلس أوروبا المكون من 10 دول من أوروبا الغربية والذى تأسس سنة 1949. 
 
ولن نتحدث عن التحالف الدولى المكون من 32 دولة مختلفة من أوروبا وأمريكا الشمالية، واتخذ اسم حلف الناتو «منظمة حلف شمال الأطلسى»، والذى تأسس عند توقيع معاهدة شمال الأطلسى فى 4 أبريل 1949 مشكلا خريطة قوة قوية، تحافظ على مصالح أعضائه.
 
وكما أوضحنا أن الأمة العربية ما يجمع بينها الكثير، وما يفرق يكاد يكون متلاشيا، ومع ذلك فإن إلقاء نظرة على خريطة الوطن العربى حاليا، ستصيب الناظرين بصدمة عنيفة من حجم الكوارث والمصائب التى ضربت الخريطة، فالاقتتال الداخلى وحجم الدمار والخراب، مزعج فى عدد كبير من الدول، وزيادة مفرطة للأطماع فى مقدرات الأمة، بجانب مشاريع استعمارية باحثة بشغف للتنفيذ، تحت شعار، إعادة الإرث القديم، أو جغرافيتنا القديمة!
 
ورغم الوضع التسونامى فى المنطقة، الذى يحتم على الجميع ضرورة إعادة اللحمة والاصطفاف وتغليب المصلحة العليا للأمة فوق المصالح الشخصية الضيقة، والتأكيد على أن الجميع فى مرمى الخطر، ولا توجد دولة ما تضمن مطلقا أن تنأى بعيدا عن المخططات الدراماتيكية للمنطقة، إلا أن رقعة الخلافات اتسعت، والكل يعمل وفق رؤيته ومصلحته.
 
الحقيقة المؤلمة، أن فكرة وحدة الصف العربى بشكل عام، صارت من الآثار التاريخية، ولم يعد لها وجود، وأن اللغة والعقيدة وصلة الدم ووحدة المصير والأزمات، إلى غير ذلك، فشلت فى توحيد صف الأمة، إذن ماذا يتبقى من خيارات تمكن من توحيد الصف؟
 
أعتقد أن الكيانات الصغيرة والمتشابهة، أفضل وأجدى كثيرا من الكيانات الكبيرة الضخمة التى لا تتفق على شىء، ولكم فى مجلس التعاون الخليجى مثال، فقد نجح إلى حد كبير فى الوحدة والتكامل والتقارب، لذلك يمكن على غرار هذا التجمع الخليجى، أن يتكامل آخرون ويوحدوا صفوفهم.
 
مع التأكيد على أمر جوهرى، أن العالم لا يحترم سوى الأقوياء، والعرب يتمتعون بكل مقومات القوة، وإذا تصافت النفوس، وزادت القناعات بالاصطفاف والوحدة، وإدراك أهمية حماية الأمن القومى العربى، فإنه يمكن تدشين الوحدة، وإعادة رسم خريطة القوة، ففى الوحدة والاصطفاف، قوة، وفى التشرذم، ضعف وترهل.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب