بمجرد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فى يناير لفترة ولاية جديدة، تأهبت المملكة المتحدة لتداعيات اقتصادية لاسيما مع محاولاتها التقرب من التنين الصينى لتأمين اتفاقيات تجارية مربحة فى الوقت الذى سعت فيه لاتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة. ومع تفاقم الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين فى العالم، وجدت لندن نفسها فى مرمى النيران وبين الأكثر تضررا من تصعيد الخلافات التجارية بعد فرض جمارك بنسبة 10% على السلع البريطانية.
وفى وجه التعريفات الجديدة، تعهد السير كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا "بحماية الشركات البريطانية من عاصفة" الرسوم الجمركية الأمريكية، مُمهّدًا الطريق لتدخلات حكومية لدعم الصناعات الأكثر تضررًا.
وحاول رئيس الوزراء طمأنة مواطنيه متعهدا "ببذل كل ما يلزم" للدفاع عن المصلحة الوطنية، وكشف أن الحكومة ستتدخل لحماية وظائف المواطنين.
وفى مقال له فى صحيفة "تليجراف" البريطانية، قال أيضًا إنه "سيواصل الدفاع عن حرية التجارة وانفتاحها" على الرغم من تراجع أمريكا نحو الحمائية.
ويأتى تدخله بشأن إعلانات دونالد ترامب عن الرسوم الجمركية فى الوقت الذى أعلنت فيه جاكوار لاند روفر عن تعليق جميع صادراتها إلى الولايات المتحدة، وحذر جى بى مورجان من أن هناك الآن احتمالًا بنسبة 60% لحدوث ركود عالمى.
كما خفض باركليز توقعاته لنمو المملكة المتحدة هذا العام من 0.7% إلى 0.5%.، ودافع ترامب عن رسومه الجمركية، مُصرّاً على "الفوز".
ومن المُقرر أن يُعلن مقر رئاسة الوزراء البريطانية (رقم 10) هذا الأسبوع عن سلسلة من الإجراءات الطارئة لدعم الشركات وتعزيز النمو استجابةً للحرب التجارية التى شنّها الرئيس الأمريكى.
وأعلن ترامب عن فرض ضرائب استيراد شاملة على الدول الأجنبية، بما فى ذلك رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع البريطانية. وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل انتقامية من عدد من الدول، وأكبر انخفاضات فى أسواق الأسهم البريطانية والأمريكية منذ الجائحة.
وكتب السير كير: "نحن على أهبة الاستعداد لاستخدام السياسة الصناعية لحماية الشركات البريطانية من هذه الأزمة. وقد يشعر البعض بعدم الارتياح حيال هذا الأمر - ففكرة تدخل الدولة مباشرةً لتشكيل السوق لطالما استُهزئ بها. لكننا ببساطة لا يُمكننا التشبث بالمشاعر القديمة فى وقتٍ يشهد فيه العالم تحولاً سريعاً كهذا".
وقالت صحيفة "تليجراف" أن الإجراءات تشمل إصلاحات طارئة للحد من البيروقراطية المُحيطة باللوائح، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية مُستهدفة لمساعدة القطاعات المُتعثرة - ومن المُتوقع الإعلان عن هذه التدخلات فى أقرب وقت هذا الأسبوع.
ويستعد داونينج ستريت (رئاسة الوزراء البريطانية)، بالفعل لتقديم خطط لتخفيف أهداف السيارات الكهربائية لتخفيف عبء صافى الانبعاثات الصفرى على صناعة السيارات.
ستكون شركات الأغذية والمشروبات - وخاصةً صناعة الويسكى الاسكتلندى - بالإضافة إلى منتجى المواد الكيميائية ومصنّعى الصلب من بين الأكثر تضررًا من الرسوم الجمركية.
وأضاف ستارمر أن العالم الذى نعرفه انتهى، ولا أحد يربح من الحرب التجارية، مؤكدا أن حكومته ستدعم صوت الصناعة البريطانية على الساحة الدولية.
وقال فى مستهل مقاله، أن الأمر فى البداية كان يتعلق بالدفاع والأمن القومى. أما الآن، فهو يتعلق بالاقتصاد والتجارة العالميين. ولم يعد من الممكن اعتبار الافتراضات القديمة أمرًا مسلمًا بهن إذ انتهى العالم كما عرفناه وعلى الجميع النهوض لمواجهة الموقف.
وأضاف "نحن مستعدون لما هو آت. فالعالم الجديد أقل تحكمًا بالقواعد الراسخة، وأكثر تحكمًا بالصفقات والتحالفات. إنه يتطلب أفضل ما فى الفضائل البريطانية - هدوء الأعصاب، والبراجماتية، والفهم الواضح لمصالحنا الوطنية."
وتحدث عن الوحدة فى وجه الحرب الروسية فى أوكرانيا، وقال أن بلاده والدول الأوروبية وقفت بثبات فى دعم كييف، مضيفا " لقد اجتمعنا بقادة العالم وعملنا مع حلفائنا الدوليين. وعززنا إنفاقنا الدفاعى - وهو أعلى زيادة مستدامة منذ الحرب الباردة - ليس فقط من أجل السلام الدائم فى أوكرانيا، لأنه حيوى لأمن المملكة المتحدة. سيحقق هذا الاستثمار أيضًا "عائدًا دفاعيًا" من خلال توفير المزيد من الوظائف ذات الأجور الأفضل.
وتابع قائلا إنه فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، فإن الأولوية العاجلة هى الحفاظ على الهدوء والسعى للحصول على أفضل صفقة، ولا أحد يربح من حرب تجارية. قد تكون العواقب الاقتصادية، هنا وفى جميع أنحاء العالم، وخيمة. لدينا بالفعل علاقة تجارية متوازنة مع حلفائنا الأمريكيين، ويستمر العمل على اتفاقية ازدهار اقتصادى جديدة. ومع ذلك، أكد أن جميع الخيارات تبقى مطروحة.
وأكد أنه لن يبرم اتفاقية إلا إذا كانت فى صالح الأعمال البريطانية وأمن العمال. وسأواصل الدفاع عن التجارة الحرة والمفتوحة، لأن التخلى عنها الآن سيكون خطأً فادحًا.
وشدد على أن التجارة الحرة تُعدّ قوةً دافعةً لشركات التصدير البريطانية. وستدعم هذه الحكومة صوتهم على الساحة الدولية.