دندراوى الهوارى

«نسور الحضارة 2025».. عبقرية العنوان ورمزية التاريخ لأقدم جيشين فى العالم

الإثنين، 21 أبريل 2025 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المعلوم بالضرورة أن أقدم الحضارات القديمة فى التاريخ، المصرية والبابلية والصينية والسومرية، ما يؤكد على عراقة شعوب هذه الحضارات، وعمق ثقافتهم. وعندما تقرر مصر والصين التعاون فى التدريب الجوى، تحت عنوان «نسور الحضارة 2025» فهو عن حق، فمن أقدم من الحضارتين المصرية والصينية بجانب حضارات ما بين النهرين؟ وتأسيسا على ذلك فإن الجيشين المصرى والصينى يعتبران الأقدم فى التاريخ، وتحكمهما عقيدة قتالية راسخة، لذلك فإن التدريب بينهما أمر جوهرى، إذ أن الجيش الصينى هو الأكبر فى العالم، ويتمتع بقدرات وإمكانيات مذهلة، بجانب قوة جيش مصر وسمعته وتاريخه المتجذر، ومن ثم يكتسب التدريب بينهما أهمية بالغة، سواء فى تنفيذ عدد من المحاضرات النظرية والعملية لتوحيد المفاهيم القتالية لكلا الجانبين، أو تنفيذ طلعات جوية مشتركة والتدريب على أعمال التخطيط وإدارة أعمال قتال جوية لتبادل الخبرات وتطوير المهارات للقوات المشاركة بما يمكنهم من تنفيذ المهام المكلفين بها بكفاءة واقتدار.


لكن يبقى الأمر اللافت فى اختيار عنوان «التدريب أو المناورة» والتى حملت «نسور الحضارة 2025»، فالتاريخ شاهد وحاضر على عراقة الحضارتين، بجانب أن النسر يمثل فى الحضارتين القوة والعزيمة والقدرة والشجاعة والصمود والإقدام والكرامة والعلو والسمو، فضلا عن التحليق عاليا والسرعة فى الطيران.


أيضا، تعرف النسور بأنها أقوى الطيور الجارحة على الإطلاق وأكبرها حجما، وأكثرها فتكا، وتتمتع ببصر حاد وقوى، ولذلك استأثر النسر بالحظوة عند الإنسان، وأشدها ارتباطا بهواجسه، وحظى بمرتبة قديما أوصلته إلى مرتبه الإله، تارة، وبالروح والاتصال بالموت والخلود، ومعرفة الغيب والتنبؤ بالمجهول، تارة أخرى.


وفى الديانة المصرية القديمة كانت الرخمة «أنثى النسر» الرمز الحيوانى المقدس للإلهة «نخبت» التى كان محل عبادتها فى مدينة «انخاب» أو «الكاب» الحديثة وهى المقاطعة الثالثة من الصعيد، ويبدو أن هذه الإلهة لم تمتلك اسما مميزا خاصا بها، حيث إن «نخبت» تعنى «سيدة الكاب»، ولقد أضحت هذه الإلهة فى عصر ما قبل الأسرات إلهة رئيسية للصيد.


لكن تتبقى قيمة النسر عند المصريين القدماء، أنه اتخذ رسما كحرف «أ» من حروف اللغة المصرية القديمة، الخط الهيروغليفى.


تأسيسا على ذلك فإن دلالة العنوان واختياره، يحملان معانى ورسائل جوهرية، تفى بأهمية التدريبات بين جيشين هما الأعرق تاريخيا فى العالم، واللذين لهما صولات وجولات فى الحروب التاريخية، وسجل انتصاراتهما ناصعة، وعندما يتعاونان معا فإنه يمثل خطوة استراتيجية وتبادل خبرات فى مجالات القتال الجوى والتكتيكات الحديثة، فى ظل ما يتحدث عنه الخبراء العسكريون فى البلدين، بأن القوات الجوية المصرية والصينية، تشتركان فى بعض أساليب وتكتيكات التدريب المتشابهة.


ما تشهده المنطقة من قلاقل تكاد تكون الأشرس من نوعها، تدفع مصر إلى ضرورة الانفتاح والتعاون مع الجميع، والاستعداد والجاهزية، للدفاع عن حدودها ومقدرات شعبها، وهو تطبيق حرفى للمقولة الشهيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى «العفى محدش يقدر يأكل لقمته» وهو حق أصيل للأمم فى أن تستعد وترفع درجات جاهزية جيوشها وأجهزتها الأمنية للقصوى، للتصدى للتهديدات.


وبنظرة عادية على المحاور الاستراتيجية الأربعة، لمصر، ستجدها مشتعلة، وكأن مصر محاطة ببراكين مشتعلة، الأمر الذى يدفعها دفعا إلى الاستعداد ورفع درجات الجاهزية لرد أى عدوان، والقدرة على إطفاء أى نيران تشتعل هنا أو هناك.


مصر تسير فى مسارات سياسية عاقلة ورشيدة، جوهرها القيم والجنوح نحو العدل والسلام، ولذلك تجدها طوال الوقت تتدثر ببذلة رجل المطافئ لإطفاء الحرائق.. وتعى وتقدر مخاطر الحروب وما تجلبه على الشعوب من إفقار وتراجع التنمية وغياب الاستقرار.


لكن، وفى ظل هذه القيم الرفيعة لنهج مصر، لا تنسى الاستعداد والتدريب ورفع درجات الجاهزية، فقه الضرورة، وإعمالا بقول المولى عز وجل فى سورة الأنفال الآية 60 «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون» صدق الله العظيم.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة