محمود عبدالراضى

والله لسه بدري يا شهر الصيام

الأربعاء، 26 مارس 2025 01:17 م


ها هو رمضان يودعنا، كما يودعنا النجم عند الغروب، سريعًا وكأن لحظاته كانت تفر من بين أصابع الوقت، ليتركنا بين الذاكرة ودموع الشوق.

جاء رمضان هذا العام كالنسيم العليل، حمل معه عبير الروحانيات، وأضاء في قلوبنا شُعاعًا من الأمل والسكينة، لكنه مرَّ بسرعة البرق، وكأن الأيام التي عشناها فيه كانت خيوطًا ضاع فيها الزمن بين أصوات الأذان ونسائم السحر.

في هذه الأيام المباركة، كانت الشوارع تفيض بالأضواء، والمساجد تعج بالمصلين، والقلوب تملؤها الطمأنينة.

رمضان كان ليس فقط شهرًا للصيام عن الطعام والشراب، بل كان أيضًا شهرًا لصيام الروح عن الجراح، شهرًا للعلاقات التي أُعيد إحياؤها، ولصِلات الرحم التي ازدادت قوة.

في كل زاوية، كانت الأجواء مفعمة بالبشر، والابتسامات تملأ الوجوه في لقاءات الإفطار، وكأن الأوقات لا تكفي للاحتفاظ بكل لحظة من هذه اللحظات الذهبية.

لكن ها هو رمضان يقترب من النهاية، ونحن ما زلنا نبحث عن تلك اللحظات السحرية التي صنعتها أيامه.

كيف لم ندرك سريعًا أن ساعات هذا الشهر المبارك تمضي في تسارع لا يُحتسب؟ كيف غاب عن أعيننا أن هذه الأيام هي أكبر هدية من السماء، وليست مجرد أيام تمر بين الناس دون أن تترك أثرًا؟ تلك الأيام التي علمتنا الصبر والتأمل والتسامح، وأعطتنا فرصة للعودة إلى أنفسنا بعد سنوات من الفوضى والضياع.

نعم، كانت الأيام تمر وكأنها حلم مستمر، ولكن على الرغم من ذلك، كان لها أثر عميق في النفس، فلنستعد الآن للوداع، ولكن ليس لنودعه بحزن، بل لنشكره على الفرصة التي منحها لنا، ولنعتبر أن ما تبقى من أيامه هو دعوة للاستمرار في مسار الروحانية، وأن نحتفظ بتلك الإضاءة التي تركها في قلوبنا.

رمضان ودعنا، ولكن الذكرى ستظل حية، لنكن على يقين أن العام كله قد يكون رمضانًا في الروح، إذا ما قررنا أن نعيش بأرواح نقية، تتطلع إلى التقرب إلى الله، لا بانتظار شهر فقط، بل في كل لحظة، مع كل نفس، وفي كل صلاة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب