من تل العمارنة إلى برلين.. قصة اكتشاف تمثال نفرتيتى ومحاولات استعادته

الأحد، 07 ديسمبر 2025 04:00 م
من تل العمارنة إلى برلين.. قصة اكتشاف تمثال نفرتيتى ومحاولات استعادته تمثال نفرتيتي

محمد عبد الرحمن

تمر اليوم الذكرى الـ 113 على اكتشاف تمثال الملكة نفرتيتي، وهى إحدى ملكات مصر القديمة فى فترة ثراء كبير وكانت زوجة الملك أخناتون ووالدة الملك الذهبى توت عنخ آمون، وهناك اعتقادات بأنها حكمت بعد وفاة زوجها كملكة على الرغم من اختلاف علماء حول هذا الأمر، ودائما تحتل الملكة الجميلة أذهان المتخصصين وغيرالمتخصصين لتظل القضية التى تعلو الساحة العالمية طوال الوقت.

وقد عثر عليه فريق تنقيب ألماني عن الآثار بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت في تل العمارنة بمصر، وصل التمثال إلى ألمانيا في عام 1913 حيث تم شحنه إلى برلين، وقُدّم إلى «هنري جيمس سيمون» تاجر الآثار وممول حفائر تل العمارنة بقي التمثال عند سيمون حتى أعار التمثال وغيره من القطع الأثرية التي عثر عليها في حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين.

وفي مارس 1945، عثر الجيش الأمريكي على التمثال، وأرسل إلى فرع الآثار والفنون الجميلة والأرشيف التابع للجيش، ثم نقل إلى البنك المركزي الألماني في فرانكفورت. وبعد ذلك، في أغسطس، شحن إلى نقطة التجمع الأمريكية في فيسبادن، حيث تم عرضه للجمهور في عام 1946وفي 1956أعيد التمثال إلى برلين الغربيةحيث عرض في «متحف داهليم».

فى عام 1924م عثر فى أرشيف الشركة الشرقية الألمانية على وثيقة حول اجتماع دار فى 20 يناير 1913م، بين لودفيج بورشاردت وبين مدير تفتيش آثار مصر الوسطى جوستاف لوفيفر لمناقشة تقسيم الاكتشافات الأثرية التى عثر عليها فى عام 1912م، بين ألمانيا ومصر، ووفقا للأمين العام للشركة الشرقية الألمانية "صاحب الوثيقة، الذى كان حاضرًا الاجتماع"، فإن بورشارت كان عاقدًا العزم أن يكون التمثال للألمان، ويشتبه فى أن يكون "بورشارت" قد أخفى قيمة التمثال النصفى الحقيقية، بالرغم من إنكاره لذلك.

وقام "بورشاردت" بعرض صورة ذات إضاءة سيئة لتمثال نفرتيتى على "لوفيفر"، كما أخفى التمثال فى صندوق عند زيارة "جوستاف لوفيفر"، وكشفت الوثيقة عن أن بورشاردت، ادعى أن التمثال مصنوع من الجبس، في حين أنه مصنوع من الحجر الجيرى الجيد.

وبعد توقيع "لوفيفر" على القسمة تم اعتماد ذلك من مدير مصلحة الآثار آنذاك وهو جاستون ماسبيرو، وشحن بعدها مباشرة إلى برلين، ووصل التمثال إلى ألمانيا فى نفس العام 1913م.

وفى أغسطس من عام 2022، نشر موقع أجنبى موضوعًا عن الملكة نفرتيتى بعنوان "السر وراء تمثال نفرتيتى"، وتناول الموضوع قصة خروج رأس الملكة من مصر، وكيف خدع "بورشاردت" مكتشف رأس نفرتيتى، وهو ما يدل على أن التمثال خرج بطريقة غير شرعية من مصر.

ويروى سامي صليب، السياسي الأسبق، وأول قبطي يتولى منصب وزارة الحربية في العصر الملكي، في مذكرات، قائلا: "لما كنت مستشارًا لوزارة المعارف التي تتبعها مصلحة الآثار، كنت بحكم وظيفتي عضوًا بلجنة الآثار، وكنت ألاحظ دائمًا أن الرقابة على ثروتنا الأثرية ليست مُحْكَمة، وأن أحكام القانون بشأن التنقيب عن الآثار لا توفر وسائل حفظها، بل إن هذه الأحكام نفسها تعاون على تسربها، ومع ذلك لم تفكر مصلحة الآثار ولا وزارة المعارف صاحبة الهيمنة عليها، في تعديل قانون الآثار لاستدراك عيوبه".

وتابع: "وأكثر من ذلك كلما ظهرت خيانة في تسرب آثارنا حِيلَ دُونَ تحقيقها، وإن حُقِّقَتْ أُهْمِلَ في تحقيقها حتى تضيع معالمها، ثم تنتهي إلى التَّرْك والنسيان.ولعل السبب في ذلك أن القائمين بالبحث عن الآثار في بلادنا كانوا جميعًا من علماء الآثار الأجانب، ممولين من حكوماتهم أو من بعثاتهم، ولأن تعديل القانون لا يصادف هوى في نفوسهم، وأخيرًا لأن القائمين على إدارة مصلحة الآثار كانوا من الأجانب أيضًا، وكان تعيينهم في وقت ما التزامًا على الحكومة".

وأوضح: "تبيَّن لي من تحقيق هذا الحادث أن أحد علماء الآثار الألمان عثر عليه وأدرك في الحال قيمته، فعمل على إخراجه من مصر بالاتفاق مع مفتش آثار فرنسي، فطَلَا التمثال بطلاء قابل للزوال، وشهد المفتش بألا قيمة أثرية له وصرَّحَ بإخراجه، حتى إذا ما وصل التمثال إلى بر الأمان، أُزِيلَ عنه الطلاء فإذا هو تمثال نفرتيتي أقدم وأجمل تمثال في العالم".

وعرض تمثال نصفى للملكة لأول مرة فى عام 1924، فى متحف نيو، مما تسبب فى توقعات كبيرة وحيث لا يزال على الرغم من الدعوات الملحة من مصر للعودة إلى الوطن، من الصعب عليه، يزورها كل عام مليون شخص، يتوجه الكثير منهم إلى غرفة القبة الشمالية فى متحف برلين لمجرد رؤيتها، قبل عامين ، قدرت شركة تأمين العمل بأكثر من 300 مليون يورو.

وقد عرض تمثال نفرتيتى فى متاحف ألمانية عدة على مدار السنوات حتى وصل إلى مقره الأخير فى متحف برلين الجديد الذى يعرض فيه منذ عام 2009، وتعرض لعديد من المخاطر وتم نقله من مكان إلى آخر خوفاً عليه من السرقة أو التحطم خلال القصف الشديد الذى شهدته برلين وغيرها من المدن الألمانية فى الحرب العالمية الثانية، وقد عرف عن هتلر ولعه الشديد بهذا التمثال واهتمامه بالآثار والفنون بشكل عام ورغبته فى وجود أقيمها وأندرها فى ألمانيا.

تقدمت مصر بعدة طلبات لعودة تمثال الملكة الفرعونية إلى وطنها الأم، وتم إرسال الخطاب بشكل رسمى لعودة نفرتيتى فى عام 2010، ويعد هذا أول خطاب رسمى يتم إرساله إلى ألمانيا، حيث كان يوجد طلب من إحدى الحكومات المصرية فى القرن الماضى ولكنه لم يتم.
 
صرح السفير الألمانى بالقاهرة، يوليوس جيورج لوى، على هامش لقاء عقده مع وزير السياحة المصرى سابقا يحيى راشد، فى فبراير 2017، أن الوزير لم يستطع إقناعه بوجهة نظره بخصوص عودة رأس نفرتيتى، متابعًا: "رأس نفرتيتى لها شعبية كبيرة فى ألمانيا".

وحول إمكانية استعادة مصر للتمثال قال قالت بريجيت جوبتسل، مسئولة الصحافة والإعلام فى مؤسسة التراث الثقافى المسئولة عن شئون المتاحف الحكومية فى برلين، فى تصريحات نقلتها جريدة "العين الإخبارية": "لم تتقدم مصر بأى طلب رسمى لاستعادة رأس نفرتيتى منذ سنوات طويلة للغاية"، وتابعت "بالتالي، لا توجد أى مفاوضات حالية مع مصر لإعادة التمثال"، مضيفة "نحن منفتحون دائما على المشاورات مع مصر لكن التمثال ملك للمتحف الجديد فى برلين".




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة