المتتبع لتطورات الحرب على غزة منذ بدايتها وحتى وقف إطلاق النار، يجد أن رئيس وزراء الكيان المحتل يعتمد على استراتيجيات عديدة، هدفها دائما الهروب للأمام، وتصدير الأزمات لدول الجوار، وذلك لكسب رهان الوقت، واللعب على عامل الزمن، والاستثمار فى إطالة أمد الصراع لاعتبارات سياسية وشخصية، فكانت ألاعيبه مكشوفة، ونموذجا التصريحات المتضاربة، حيث يدعى شيئا على مستوى الخطاب السياسي، ويفعل فى الميدان شيئا آخر، وأيضا ألاعيبه الخاصة بتصدير أزمات لدول الجوار طيلة هذا الصراع، ونموذجا ورقة وأزمة معبر رفح، من خلال إدعاءات باطلة، والسماح للإعلام الإسرائيلي بترويج شائعات ضد مصر ، مثل مصر هى من تغلق معبر رفح، وغيرها من الشائعات التى يعتمد عليها لتعبئة الرأى العام الإسرائيلى والتشويش على جرائمه.
وما يجب الانتباه اليه، اللعبة المكشوفة التى تتم الآن فى ظل الضغوط من أجل تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار والانطلاق للمرحلة الثانية، وهى الموافقة على فتح معبر رفح لخروج سكان غزة فقط، مصدرا أزمة للمماطلة وكسب الوقت حتى يلتقى ترامب فى واشنطن، وأيضا بهدف إعادة تصدير أزمة التهجير من جديد للضغط على مصر، لكن مصر كالعادة موقفها معروف وواضح وحاسم، بعد أن رسمت الخط الأحمر في رفح وبشأن قضية التهجير، لذلك كان الرد المصري سريعًا وواضحًا، بأن المعبر لا يُفتح إلا ذهابًا وإيابًا، وفقًا لخطة ترامب.
لذا، ما يفعله نتنياهو ما هو إلا مناورة استراتيجية لامتصاص غضب ترامب بشأن تنفيذ الاتفاق بشكل عام، وفى ذات الوقت تصدير أزمة جديدة وفقا لشرط الخروج فقط من غزة لمصر، وهذا لا يعنى إلا التفافا على الاتفاق ليتحول المعبر لـ"اتجاه واحد" لتفريغ القطاع وكسب مزيد من الوقت لفرض واقع جديد فى غزة، أو على الأقل يتم مراعاة الشروط الإسرائيلية فى تفاصيل وبنود المرحلة الثانية، مثل بند قوة الاستقرار الدولية، وكذلك بند نزع سلاح حماس، وكذلك بند الانسحاب الإسرائيلي.
والأهم أيضا، أن نضع عين الاعتبار، أن هذا الالتفاف جاء بعد فشل ورقة الأسرى، وذلك للهروب للأمام، لأنه مضغوط داخلياً، وضغوط الرأى العام العالم يستخدم، فقرر استخدام ورقة المعبر من جديد لتخفيف حدة الضغط، وللمناورة استراتيجيا لتحقيق أهدافه، وهو ما يتطلب موقفا عربيا موحدا تجاه هذه المناورات، وكذلك يتطلب البدء فورا فيما تم الاتفاق عليه فى القاهرة من قبل الفصائل الفلسطينية، وكذلك على المجتمع الدولى أن يقوم بمسئولياته القانونية والأخلاقية، لأن فى النهاية خطة ترامب واتفاق وقف إطلاق أخذ الشرعية من مجلس الأمن بإقرارها..