قال الدكتور حسين عبد البصير عالم المصريات ردًا على الدكتور طارق فرج، المرشد السياحى الباحث فى علم المصريات، والذي أكد أن امنحتب الثالث هو فرعون موسى، إن مبدأ أساسي في علم التاريخ والآثار أنه لا يجوز بناء استنتاج تاريخي يقيني على تشابهات لغوية محتملة، أو قراءات تأويلية للنصوص الدينية، دون دليل أثري مباشر أو نص مصري صريح.
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير في تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أن تحديد فرعون موسى مسألة إشكالية تاريخيًا، ولم يحسمها علم المصريات إلى اليوم، وكل الآراء المطروحة تظل افتراضات وليست حقائق علمية.
إشكالية الربط بين قارون وأمنحتب الثالث
ونوه عالم المصريات أن قارون في النص القرآني ليس فرعونًا، بل شخصية مستقلة "إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم"، فهنا القرآن يميّز بوضوح بين كل من " فرعون - السلطة السياسية"، "هامان - الإدارة"، "قارون - السلطة الاقتصادية"، وبالتالي فالربط بين "قارون" ولقب الفرعون خطأ نصي صريح.
المغالطة اللغوية في اشتقاق اسم قارون
وأشار الدكتور حسين عبد البصير إلى القول بأن "باخورو.. خورو.. قارو.. قارون" يعاني من عدة مشكلات علمية، وهى: "حذف الحروف أو إضافتها بلا قواعد صوتية ثابتة غير مقبول في فقه اللغات"، بالإضافة إلى أن رسائل تل العمارنة مكتوبة: بالأكادية وهي لغة دبلوماسية، وبأسماء محلية تُشوَّه صوتيًا، كما أنه لا يوجد أي نص مصري أو سامي قديم يربط اسم Bakharu / Pakhuru بشخصية قارون التوراتية أو القرآنية، وبالتالي فالتشابه الصوتي لا يساوي تطابقًا تاريخيًا.
لقب "فرعون" وتاريخه الحقيقي
وتابع "عبد البصير" أن كلمة بر-عا تعني "البيت العظيم" ولم تُستخدم كلقب للحاكم إلا في عصر الأسرة الثامنة عشرة في الدولة الحديثة، وبصورة رسمية منذ عهد تحتمس الثالث ومن بعده، أما في عهد أمنحتب الثالث لم يكن "فرعون" لقبًا شخصيًا للحاكم، بل مصطلحًا إداريًا للمؤسسة الملكية، ولذلك فإن الاستدلال باللقب لا يدعم نسبة القصة إلى أمنحتب الثالث.
ادعاء الألوهية لدى أمنحتب الثالث
وأكد "حسين عبد البصير أن الحقيقة العلمية حول ألوهية أمنحتب الثالث حقيقية، فقد بالغ في تمجيد ذاته، ورُبط بالإله آمون ورع، لكنه لم يقل: أنا ربكم الأعلى ولم يخرج عن الإطار التقليدي للملكية المصرية، حيث يُنظر للملك كـ"ابن الإله" لا "الإله الأوحد"، والفرق الجوهري أن الملك المصري "المفهوم"، والملك "وسيط إلهي"، والإله "كيان مستقل"، وفرعون القرآن "يدّعي الربوبية المطلقة"، فإسقاط نص قرآني عقائدي على مفهوم ملكي مصري مختلف تمامًا خلط منهجي.
وأضاف "عبد البصير" أن القرآن كتاب هداية، وليس سجلًا تاريخيًا بالمعنى الأثري، وعلم المصريات يعتمد على النقوش، البرديات، السجلات الإدارية والتسلسل الزمني، ولا يوجد بشكل ثابت إلى الآن نقش واحد، أو بردية، أو سجل ملكي يشير إلى موسى أوبني إسرائيل، أو ضربات عشر أو خروج جماعي منظم.
وأكد حسين عبد البصير، أن عهد امنحتب الثالث كان ذروة الاستقرار السياسى، ازدهار اقتصادي غير مسبوق، لا تمردات كبرى موثقة، لا كوارث طبيعية مسجلة، وذلك فلا يوجد أي دليل على: انهيار مفاجئ، غرق ملك، أزمة داخلية كبرى، وهذا يتناقض جذريًا مع وصف قصة الخروج.
موقف علم المصريات المعاصر
ويضيف الدكتور حسين عبد البصير أن علماء المصريات الكبار Breasted – Kitchen – Redford – Assmann متفقون على أن قصة الخروج لا يمكن تأريخها يقينيًا، ولا يمكن ربطها باسم ملك محدد، وكل الترشيحات من أحمس إلى رمسيس الثاني إلى مرنبتاح هي افتراضات تفسيرية لا ترقى لليقين العلمي.
وأنهى الدكتور حسين عبد البصير حديثه بأنه لا يوجد دليل أثري مباشر يربط أمنحتب الثالث بقصة الخروج، والربط اللغوي بين قارون وباخورو غير علمي، وادعاء الألوهية عند أمنحتب الثالث لا يساوي مفهوم فرعون القرآن، كمل أن النصوص الدينية لا تُستخدم وحدها لإثبات وقائع أثرية، والطرح المذكور رؤية شخصية وليست نتيجة بحث علمي موثق، وهذا الطرح اجتهاد فكري قابل للنقاش، لكنه لا يستند إلى دليل أثري أو نصي موثوق، ولا يمثل موقف علم المصريات المعتمد.